ألقى سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، كلمة الأردن في اجتماعات الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني. وفيما يلي نص الكلمة: أصحاب السعادة، السيد الرئيس لايتشاك، اِسمح لي أن أنقل لك تهاني الأردن بمناسبة انتخابك، السيد الأمين العام غوتيريش، أنقل لك مشاعر التقدير العميقة من الأردن على الشراكة التي أرسيتموها مع شعبنا. قبل عامين، أتيحت لي الفرصة لأعبر عن تطلعات أبناء وبنات جيلي، حين ترأست اجتماعاً لمجلس الأمن الدولي لتبني أول قرار أممي حول الشباب. وتكللت جهودنا المشتركة بتبني مجلس الأمن بالإجماع القرار التاريخي رقم 2250 حول "الشباب والسلم والأمن"، واليوم، أقف أمامكم ممثلاً لبلدي الحبيب الأردن، وأيضاً كشاب ينتمي إلى أكبر جيل من الشباب في التاريخ. كمن سبقنا، فعالمنا يقف اليوم على مفترق طرق مفصلي، نتيجة تلاقي كل من العولمة المتجذرة مع الابتكارات التكنولوجية التي تحدث تغييرا عميقاً. كما يقف العالم على أعتاب ثورة صناعية رابعة تعيد تعريف الكيفية التي تعمل بها مجتمعاتنا وطريقة تفاعلنا مع بعضنا البعض كبشر. وفي خضم هذا كله، يتساءل أبناء وبنات جيلي من الشباب: ما هي القيم التي ترسي المواطنة العالمية اليوم؟ وإلى أي اتجاه تشير بوصلتنا الأخلاقية؟ وهل سترشدنا إلى عدالة وازدهار وسلام يعم الجميع؟ كثيراً ما يُوصَف أبناء وبنات جيلي بأنهم حالمون، ولكننا نعلم جميعاً أن كل عمل عظيم يبدأ كحلم. ولكن السعي للمثالية ليس ضرباً من السذاجة، التي أعلم أنني سأكتسبها مع مرور الوقت. فأنا أؤمن أن وضع الأردن يجسد كل ما يحدث في عالمنا اليوم من صواب ومن خطأ في ذات الوقت. لقد واجه الأردن عبر التاريخ الصدمات الخارجية الواحدة تلو الأخرى، شهدنا حروباً في غزة والعراق وسوريا وليبيا واليمن، وقد تركت كل هذه الأحداث أثراً عميقاً وملموساً، وتوقفت التجارة مع سوريا، كما تضرر قطاعا السياحة والاستثمار بسبب انعدام الاستقرار في المنطقة على الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلناها لنحول دون ذلك. لست أدري إن كانت هناك دولة أخرى في التاريخ الحديث قد تعرضت لمثل هذا الكم الهائل من الأزمات المتتالية، ووجدت نفسها محاطة بعدد كبير من الصراعات التي لم يكن لها يد فيها. ولا تتوقف الأزمات عند هذا الحد؛ يستضيف 1. بالإضافة إلى ملايين اللاجئين الفلسطينيين ومئات الآلاف من العراقيين، وآخرين من ليبيا واليمن. إن الأردن اليوم هو أحد أكثر دول العالم استضافة للاجئين. إن الكلفة المباشرة للأزمة السورية تستنزف أكثر من ربع موازنتنا، حيث يعيش تسعون بالمئة من اللاجئين السوريين. لم نتراجع عن مبادئنا وقيمنا، ولم ندر ظهرنا لمن يحتاجون العون. ورغم حجم الدين الهائل الذي يثقل كاهلنا، فجنودنا يواجهون الرصاص وهم يساعدون اللاجئين للعبور بأمان إلى أرضنا، ازددنا إصرارا على التقدم بثبات أكبر. لقد درجت العادة في الظروف الطبيعية أن يتم ربط المساعدات بما نحرزه من تقدم، لكننا نمر في ظروف استثنائية، تشكل فيها المساعدات أرضية مهمة حتى نتمكن من مواصلة إصلاحاتنا السياسية والاقتصادية.