وقد شهدت تلك المرحلة تقدما مذهلاً في مجال الاكتشافات الصناعية التكنولوجية كما كان لها عظيم الأثر فيها، وينبغي ألا يفهم هنا أن جميع المدن الحديثة هي مدن صناعية بالضرورة بمعنى أنها تشتمل على عدد كبير من المصانع أو أن هذه المصانع تشكل أساس بنائها الاقتصادي، ولكننا نقصد ذلك النمط الحضري الذي ازدهر واتسع نطاقه في عصر التصنيع، وبالتالي فقد شهدت مرحلة النمو الصناعي توسعاً كبيراً في نطاق المدن القائمة من ناحية، وظهور مدن جديدة من ناحية أخرى، وقد صاحب ذلك تزايد في معدلات الهجرة الريفية الحضرية التي كانت أكثر وضوحاً في مدن العالم النامي، وقد ترتب على نمو المدينة مشكلات وظهرت قضايا عديدة سواء تلك المشكلات كالطرق ووسائل النقل والمواصلات والإسكان أو الاجتماعية كالجريمة والبغاء والتفكك الأسري وغيرها، ومع استمرار هذا النمو ظهرت الميتروبوليس (Metropolis) والتي ذهب بعض علماء الاجتماع إلى أنه إذا كانت المدينة الحديثة ظاهرة القرن التاسع عشر فإن الميتروبوليس (المدينة المهيمنة على المناطق المجاورة) تعتبر ظاهرة القرن العشرين، ولم يتوقف النمو الحضري عند مرحلة الميتروبوليس ولكن تخطاها إلى مرحلة جديدة سميت بالميجا بوليس (Mega polis) أي المدينة العظمى والتي نشأت نتيجة اختلاط عدة مدن معا والتحامها سويا، وقد ذهب لويس ممفرد في مجال حديثه عن مراحل تطور المدينة إلى أن مرحلة الميجا بوليس تمثل مرحلة بدء انحلال وانهيار المدينة بل سقوطها، وذلك لأن مؤشرات الضعف تأخذ في الظهور في هذه المرحلة ثم تتزايد الفردية المطلقة والتحكم الرأسمالي، وينقسم المجتمع إلى فئات متنافسة ثم متصارعة ، ويحل الإنتاج الآلي محل الإنتاج الفني الأصيل ويتفاقم الصراع بين العمال وطبقة الرأسماليين وينتشر الاضطراب والإضراب والتخريب والتمرد، وفي المقابل تقوم الحكومات بأعمال القمع والتعذيب والتشرد،