– رأس المال البشري والإنتاجية . رأس المال البشري هو مجموع المعارف والمؤهلات والمهارات والمميزات والقدرات والمواهب ونقاط القوة الشخصية التي تيسر خلق جو من الرفاه الشخصي والاجتماعي والاقتصادي، حيث يشكل رأس المال البشري قيمة غير محسوسة، لكنها قادرة على دعم الإنتاجية والابتكار وخلق فرص العمل وتعزيزها. ويتضمن رأس المال البشري القيم والمواقف إزاء العمل الجماعي والاندفاع والحماس والحافز والانفتاح وقبول الآخر واحترام حرية الفكر وقبول التغيير والتطوير وابتكار الأفكار الجديدة التي تساهم بدورها في توليد معارف جديدة. لا يقتصر الاستثمار في رأس المال البشري على زيادة كسب المال فقط، بل يجعل منّا أفرادًا فاعلين في المجتمع، وناخبين مؤثرين على درجة عالية من الوعي، لنكوّن مجتمعًا يُقدِّر الثقافة ويحترم الفن، لكي نتمتع ونستمتع بثمار الحياة، ونعيش في مجتمعات متحررة وواعية، فينعكس التراكم المعرفي المتوفر للعقل البشري على رخاء المجتمع ككل. – رأس المال البشري والرفاة الاقتصادي . هناك علاقة وطيدة تربط بين مستوى رأس المال البشري والرفاه الاقتصادي للمجتمع، في ذات الوقت الذي تعاني فيه العلاقة بين الموارد الطبيعية ومستوى المعيشة قصورًا يعطل الوصول إلى الرفاه الاقتصادي المرجو. هناك دول مثل اليابان وسويسرا تعتبر من أغنى دول العالم، رغم الضعف النسبي لمواردها الطبيعية. في حين نجد دولة مثل نيجيريا المليئة بالثروة النفطية لم تحقق المستوى المعيشي المتوقع رغم وجود مورد طبيعي استراتيجي! فأين تكمن أهمية رأس المال البشري . ؟ يرتبط ”رأس المال البشري“ بأحد أهم مبادئ الاقتصاد: ”الإنتاجية“. والإنتاجية هي الكفاءة التي يتم بها تحويل المدخلات إلى مخرجات، ويُعبر عنها بمعدل ما يمكن الحصول عليه من الإنتاج على معدل ما يُصرف للحصول على هذا الإنتاج. ويأخذ هذا المعدل صيغة توازن بين مجموع المخرجات التي يتم الحصول عليها من سلع وغيرها، وبين مجموع المدخلات التي يتم إدخالها في سبيل إنتاج هذه السلع من عمل وآلات ومواد أولية. ولذا فإن أهمية رأس المال البشري تتجلى يومًا بعد يوم أمام المنظمات والمجتمعات المختلفة، حيث ثبت أن أي عملية تطوير لنواحي ومكونات العمل في المنظمة أو الدول دون أن تشمل الاستثمار في المورد البشري، فإن هذا التطوير مصيره الفشل. التنمية الحقيقية ورفع الكفاءة الإنتاجية لا يتحققان بتطوير المباني أو الآلات أو التقنيات وفقًا للنظريات الاقتصادية الكلاسيكية، وإنما يتحققان بتطوير المورد البشري القادر على التعامل وإدارة الموارد الأخرى واستثمارها بشكل منتج. ولهذا تؤكد الاستراتيجيات الإدارية الحديثة على ضرورة التركيز على الموارد البشرية واعتبارها رأس المال النادر والغالي الذي يصعب الحصول عليه. لذلك فإن المدارس والجامعات والمعاهد التي تُخرج رأس مال بشريًا حيويًا وفعالاً، وتُصدره للشركات التي توظف هذا الكادر، هي المجتمعات التي تشهد ارتفاع معدلات الإنتاجية، والتي تستطيع أن تتفوق على كل ما يواجه الاقتصاد من أزمات وتحولات، في حين تقبع المجتمعات التي تضع استثمار العقل البشري في آخر سلم أولوياتها، في أسفل الهرم أو في قاع العالم بسبب عدم قدرتها على الإنتاج والمنافسة. ارتبط تطور أسواق المال تاريخيًا بالتطور الاقتصادي والصناعي الذي مرّت به معظم دول العالم ولا سيما الدول الرأسمالية. وقد جاء انتشار الشركات المساهمة وإقبال الحكومات على الاقتراض ليخلق حركة قوية للتعامل بالصكوك المالية، والذي أدى إلى ظهور بورصات الأوراق المالية والسندات ومفهوم أسعار الفائدة والائتمان، وغيرها من المصطلحات التي أفرخها النظام الرأسمالي. الأسواق المالية مثل سوق السلع والخدمات، تسعى بدورها لتحقيق أعلى قيمة ممكنة. فكل من البائع والمشتري يسعي لتعظيم المنفعة من خلال صفقات تعظم الربح. وتستند أسواق المال على أربعة احتياجات أساسية هي: — رفع قيمة رأس المال، وهو ما يعكسه مفهوم الإقراض. — تخزين وحماية وحفظ قيمة رأس المال الزائد أو الفائض. — المضاربة؛ أي عملية التداول في أسواق المال بمخاطرة عالية وتوقع اتجاه السوق لتحقيق عائد أو ربح كبير وسريع. إذا كان وجود أسواق المال ناجمًا عن تطور علم الاقتصاد والرأسمالية العالمية، ومضاربات، أدى إلى انخفاض نسبة الأموال الموظفة في الاقتصاد الحقيقي – الصناعة والزراعة – وتراجع دور القطاعات المنتجة في الاقتصاد الكلي، مما أدى إلى تضخم الاقتصاد المالي، وضمور الاقتصاد الحقيقي! وجاءت الأزمة المالية العالمية الأخيرة لتعطي دروسًا لا تُنسى وتثبت فشل الأنظمة الاقتصادية الحديثة، وتقود إلى إعادة مراقبة وتقييم هذه النظم المالية التي لطالما تركت فوضى عارمة ناجمة عن المضاربات والرهانات غير المحسوبة. – الدورة الاقتصادية . تعبر ”الدورة الاقتصادية“ عن تقلبات منتظمة ومتتابعة في مستوى النشاط الاقتصادي، وتمثل هذه التقلبات أحد قوانين الحياة وهي تحدث في كل وقت وحين، ويمكن لنا ربط عدم الاستقرار الاقتصادي بفترات الركود والانتعاش الذي يحدث في فترات متباينة. ولفهم دورة الأعمال، — حجم وقوة الحكومة — مدخرات واحتياطي الدولة — العامل الديموغرافي — مقياس المساعدة الوطنية – الاقتصاد العالمي والعملات . لا يختلف الاقتصاد العالمي عن النظام الاقتصادي المعمول به داخل الدولة الواحدة، لأن الحدود الفاصلة بين هذه الدول هي فواصل وحواجز سياسية لا اقتصادية. اليوم يشهد الاقتصاد العالمي تدفق السلع والخدمات ورؤوس الأموال ونقل الخبرات ونتائج البحوث والاختراعات والاكتشافات الجديدة، من هنا اتجه رجال الأعمال إلى البحث عن الاستثمار الأفضل لأموالهم متغاضين عن الحدود السياسية والمعوقات الجغرافية، محددين أهدافهم بوضوح لتعظيم المنفعة، ومستعدين لكل المخاطر. التجارة بين الدول وتبادل السلع والخدمات، أعطيا قيمة أعظم للعملات المستخدمة لإتمام هذه العمليات، فظهرت مفاهيم جديدة مثل قوة العملة وأسعار التحويل وتقييم العملات بمقارنة بعضها ببعض، مما أنتج نظرية ”تعادل القوى الشرائية“. – معايير تقييم العملات ومقابلة بعضها ببعض . — معيار الذهب: أبسط المعايير لتحديد قيمة العملات لذا أطلق عليه ”معيار قياس قيمة العملة“، حيث يتم قياس تغير قيمة العملة لبلد ما بمقارنتها مع قيمة محددة من الذهب المعروف بثبات قيمته. — أسعار الصرف العائمة: هو نظام من نظم أسعار الصرف يحدد قيمة العملة بناءً على قوى العرض والطلب في سوق العملات. في هذا النظام لا تُجبر الحكومات على تحديد قيمة عملاتها وفقًا للنظام المعمول به عند القياس بواسطة معيار الذهب. — أسعار الصرف الثابتة: نظام لسعر الصرف يثبت فيه سعر صرف عملة أمام سعر صرف عملة أخرى، أو تثبيت سعر الصرف أمام سلة من العملات، أو أمام الذهب. – التجارة والعولمة . أفضل تقدير لدور وأهمية التجارة هو تخيل العالم من دونها! إذ يكمن السبب الحقيقي وراء ارتفاع المستوى المعيشي للأفراد في القدرة على التركيز على المهمات التي نبرع فيها وبالتالي إعطاء الأولوية لها، والتحول للتجارة في كل ما سواها، وهو ما يفسر ارتفاع نسب العمليات التجارية وتشابك التبادلات بين الدول في ظل مفاهيم الميزات التنافسية، مما أدى إلى توسع التجارة العالمية، حتى وصلنا إلى حقبة ”العولمة“. التجارة ضرورية لتسهيل النمو الاقتصادي، فليست البضائع فقط هي ما ينتقل عبر الحدود، يؤدي إلى زيادة الطلب على الأيدي العاملة في كل مكان في العالم، مما يخلق سوقًا جديدة وعوائد مختلفة للبلدان المُصدرة للعمالة والمستوردة لها. – التجارة والحماية . على الرغم من ارتفاع ونمو حجم الاستثمار الأجنبي المباشر واستمرار عمليات التحرير الاقتصادي، هناك تحولات ملحوظة في الاتجاه المعاكس نحو الحمائية، فنجد التيارات الجارفة التي تحمل عناوين حرية التجارة الدولية تتبع سياسة حمائية واضحة، مما يحدث تضاربًا في السياسات والمصالح ويلحق ضررًا بمختلف الدول سواء كانت غنية أو فقيرة، ويطرح علامات استفهام حول حرية التجارة الدولية. لهذه السياسة آثار تنعكس على الدول الغنية والفقيرة، لكن تأثيرها يكون أكثر وقعًا على الدول الفقيرة حيث هامش التحرك أمامها ضئيل مقارنة بالدول الغنية، خاصة فيما يتعلق بالصادرات الزراعية والمنسوجات القادمة من الدول الفقيرة . ! – فائدة التجارة للدول الفقيرة . تتيح التجارة للدول النامية القدرة على الدخول والانخراط في الأسواق العالمية، والتأثر بالنظم العالمية، لتتحول من دول نامية إلى دول قوية وقادرة على المنافسة، لأن التجارة تركز على مبدأ الميزة التنافسية للدول المعنية بالعمليات التجارية، فتهتم هذه الدول بتطوير ما تبرع فيه، وتستغل الطاقات والكوادر المتاحة لها. من ناحية أخرى نجد أن سهولة الحركة والانتقال، وتوافر فرص العمل في الخارج، تتيح الفرص للعاملين لتحسين مستوى معيشتهم عبر الانتقال والاستفادة من الدول المتقدمة، يصبحون عائدًا وقيمة مضافة تحصل عليها الدولة بعد استثمارها في كوادرها البشرية. – فقر الأمم وثراؤها . تمتلك جميع الدول موارد وطاقات تساعدها في النمو، ومن المستحيل أن تخلو دولة من كل الموارد، إلا أن الوسائل والطرق التي يتم بها تفعيل وتعظيم الاستفادة من هذه الموارد هي التي تحدد تنافسية هذه الأمة. نحن هنا نشير إلى عدم قدرة ”علم الاقتصاد“ على وضع معادلة واضحة لتحويل الدول الفقيرة إلى دول غنية! فلا يملك علم الاقتصاد صيغة ثابتة للتنمية يمكن تطبيقها في كل دولة للوصول إلى الرخاء الاقتصادي ومن ثم الثراء . ! لكن هناك بعض السياسات التي قدمها علماء وخبراء التنمية الاقتصادية للتمييز بين الثروة وفقر الأمم والتغلب على تأخر وتبعية النظم الاقتصادية: — وجود مؤسسات حكومية فاعلة: حتى تنمو الدول وتنتعش، ويضع آليات تنفيذ بنود هذا القانون، فضلاً عن أهمية وجود المحاكم لفض الخلافات والنزاعات. ومن ناحية أخرى تكمن فاعلية المؤسسات الحكومية في جباية الضرائب وإعادة توزيعها في جو من الشفافية والوضوح والعدل، بعيدة كل البعد عن الفساد الذي ينتهك كل أشكال الإنتاجية ويهبط بمستوى القدرات الإبداعية، ويهدر الموارد، ويحبط كل محاولات ومبادرات الاستثمارات الأجنبية. — عدم وضع نظم وقواعد معقدة: لدى الحكومة العديد من المهمات الملحة والضرورية التي لا بد أن تبذلها، وأخرى من الضروري ألا تعبث بها. لذلك فإن التنظيم المفرط والقواعد المقيدة تسير جنبًا إلى جنب مع الفوضى والفساد وكثرة هذه القيود تعكس استشراء الفساد والفوضى في الحكومة والاقتصاد. — رأس المال البشري: رأس المال البشري هو الأساس الذي يشكل إنتاجية الأفراد، التي بدورها تحدد وتشكل المستوى المعيشي لكل منهم، فنجد أن مستوى تعليم وثقافة المجتمع يؤثر على الوعي الصحي العام وبالتالي كفاءة وسلامة القوى العاملة. من ناحية أخرى فإن وجود رأس مال بشري على قدر عالٍ من الإنتاجية يسهل اعتماد وتطبيق التكنولوجيا المتطورة في البلدان المتقدمة. — وضع سياسات نقدية ومالية مسؤولة: الحكومة مثل الأفراد، تتورط في مشكلات وأمور لا تحسب عقباها إذا ما تمادت في الإنفاق المسرف على أمور لا ترفع القدرات الإنتاجية للدولة على المدى البعيد، بالتالي لا بد من تحديد سياسات مالية ونقدية رشيدة. — الديمقراطية: الديمقراطية سلاح ذو حدين، ففي الوقت الذي ترتبط فيه الديمقراطية بارتفاع معدلات النمو الاقتصادي،