لكن كل هذا يتبخر فجأة عند سماعنا لكلمة (تعويم العملة) فهنا أول وأقرب ما يتمثل في أذهاننا هو ورقة نقدية تسبح في البحر أو تحاول العوم والنجاة من الغرق. فعلى الرغم من أن التعويم يفقد العملة المحلية جزءاً من قيمتها وقوتها التي تمكن الناس من بيع وشراء السلع والخدمات محلياً إلا أنه يقوم بتحسين الصادرات وتقليص العجز التجاري في ميزان المدفوعات إذا تمت إدارة التعويم بصورة صحيحة. لكن, ما هو تعريف مصطلح تعويم العملة أصلاً؟ فالعملات هي وسيط مقبول لدى عامة الناس في أي محيط أو إقليم ما يمكن من خلاله تقييم السلع والخدمات ومبادلتهم بها مع تحديد قيمتها العادلة التي تسمى (الأسعار), فالسعر هو الرقم الذي يعبر عن إجمالي تكاليف تجهيز وتقديم هذه السلع والخدمات مضافاً إليها هوامش الربح والضرائب المفروضة عليها (في حالة فرضها). الهدف من كون هذه العملات تتصف بالندرة هو ندرتها وقلة مواردها أو محدوديتها فعندما تكون العملة ذات صفة غير نادرة أو محدودة فستكون قيمتها قليلة لأن جميع الناس سيتمكنون من الحصول عليها وهذا سيجعل من قوتها الشرائية تنخفض مع ثبات قيمة السلع فسوف ترتفع الأسعار محدثاً ظاهرة تسمى (التضخم). ومع تطور الزمن والحضارات, تطورت أساليب الدفع وأشكال العملات فأصبحت العملات عبارة عن صكوك مالية تسمى نقوداً تضمنها الجهة المالية التابعة للدولة أو الحكومة بقيمة محددة تتعهد بها هذه الجهة بأن تستبدل هذه الصكوك لحامليها بما قيمتها ذهباً أو فضة وقتما أرادوا ذلك بدون أية عوائق. لاستكمال الحديث عن النقود وصولاً إلى الحديث عن مفهوم تعويم العملات (عنوان مقالتنا), تحديداً عام 1944, تم التوقيع على إتفاقية بريتون وودز التي تنص على إلتزام الولايات المتحدة الأمريكية لجميع الدول باعتبار عملتها الدولار الأمريكي عملة مقومة بوزن محدد من الذهب تم الإتفاق على أن يكون سعر أونصة الذهب 35$, وبذلك أصبح الدولار الأمريكي عملة مخزون إحتياطي للدول والمصارف باعتباره مقوماً بسعر محدد وثابت من الذهب مما أدى إلى نشوء ظاهرة الإستقرار المالي كما ثبت النظام العملات في نظام ثابت للصرف الأجنبي بنسبة تذبذب 1% للعملة بالنسبة للذهب أو الدولار وهكذا كانت الولايات المتحدة ملتزمة بدعم كل دولار في الخارج مع الذهب مما جعل سعر صرف العمللات الأجنبية ثابتة مقارنةً بالدولار.