۱۹ - راع الأدب مع أبيك وأمك أتم المراعاة، فإنهما أحق الناس منك بذلك، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أَحَقُّ الناس بحسن الصحبة مني ؟ قال : أُمك ثم أمك ثم أمك، رواه البخاري ومسلم . وحدث هشام بن عروة عن أبيه أن أبا هريرة رضي الله عنه رأى رجلاً يمشي بين يدي رجل، قال : فلا تمش بين يديه، يجلس، وعبد الرزاق في مصنفه» واللفظ له (۱) . المولود سنة ۱۳۲، والمتوفى سنة ۱۹۱ ، رحمه الله تعالى: «أنه كان يقرأ عليه «الموطأ» إذ قام قياماً طويلاً ثم جلس، فقيل له في ذلك، لقيامها، فلما صَعِدَتْ جلستُ (۲) . والسلطان، في آخر كتابه «الكافي» في فقه السادة المالكية(٤) : «وبر ۱) في الأدب المفرد ص ۲۰ ، ۲) من ترجمته في ترتيب المدارك للقاضي عياض ٢٥٨:٣ . الوالدين فرض لازم، وألا ينظر إليهما إلا بعين المحبة والإجلال، ولا يَعْلُو عليهما في مقال، ولا يستأثر عليهما في ولا يتقدَّم أحد أباه إذا مشى معه، ولا يتقدمه في القول في مجلسه، فيما يعلم أنه أولى به منه. ويتوقى سَخَطَها بجهده، وإدخال الفرح عليهما من أفضل أعمال البر. أو أحدهما، ولا يَقُل لهما إلا وإرفاقه بذات أيديهما، وأداء فرائضه إلا بعونه لهم على ذلك». أو رفيق دونك، أو قدمت من سفر عليهم، فلاحظ نظافة أطرافك، وانتظام مظهرك اللائق بك إن كان هو دونك ، والصورة المنسجمة، والنظافة المتكاملة . فإنَّ ذلك ينقص من لذاذة فرحة اللقاء، ويُقلِّص من استيفاء العين حقها ممن تحب وتعز. وإلى هذا المعنى يرشد الهدي النبوي الكريم وقول الرسول الأمي العظيم صلوات الله عليه وسلامه : إنكم قادمون على إخوانكم فأحسنوا لباسكم، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس، رواه أبو داود والإمام أحمد والحاكم كما تقدم . للقادم عليهم، أو القادمين عليك بمقابل هديتهم، فافعل، فإن العين تتطلع إلى الطرفة في بهجة اللقاء ، وتتوقع إمتاع النفس وغمر الشعور بالسرور الظاهر والباطن، والهدية تفعل ذلك، رواه البخاري في «الأدب المفرد»، وعُرف من حال السلف أنهم كانوا يصطحبون معهم هدية إلى من يَقْدَمُون عليه ولو عُوداً من أراك . ٢٢ ـ إذا نزل بك ضيف فاعرف آداب ضیافته وارع حق إكرامه، والإكرام من غير سرف مطلوب، وإنما أعني : أن تُحسِنَ مجلسه ومَقِيلَه ومبيته، وتُعَرِّفه القبلة في منزلك، وتدله على موضع الطهارة والوضوء، وما وإذا قدمت له منديلاً للتنشيف من ماء الوضوء أو من غسل اليدين بعد الطعام أو قبله، فليكن نظيفاً غير ما تستعمله أنت وأولادك، ليتطيب منه والمرآة ليتجمل بالنظر إليها. ولتكن وسائل الطهارة التي يستعملها نظيفة، وقبل دخوله الحمام غيب وارع راحته في أثناء النوم والاستراحة عندك، وباعد عن نظره ملابس النساء وما يتصل بحالهن، فإن ذلك من الحشمة المطلوبة، وهو أكرم لك وله، وتجمل له في غير تكلف، ولا تتخذ من حسن الصحبة والألفة بينكما مسوّغاً للتساهل والتبذل معه، كما رواه البخاري في «الأدب المفرد» . وإذا نزلت ضيفاً على صديق أو قريب، فكن لطيف الظل، وراع ظروفه وأوقات وأوجز ما استطعت من وقت ضيافتك عنده، فإن لكل إنسان ارتباطات وواجبات ومسؤوليات ظاهرة وغير ظاهرة، فارفق بمضيفك، وكن مساعداً له على القيام بشؤون نفسه وإنجاز أعماله وأداء واجباته. فاقصر بصرك فيها، ٢٣ - من حق أخيك المسلم إذا مرض أن تعوده، ففي ذلك تعهد وسقيا لشجرة الأخوة والرابطة الإسلامية، لم يزل في خُرْفَةِ الجنة حتى يرجع ، رواه مسلم وغيره. وقال أيضاً: «من عاد مريضاً لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس، فإذا جلس اغتمس فيها». ٢٤ ـ عندما تزور المريض لا تنس أن لزيارته آداباً، زائدة في صبره واحتسابه الأجر. فينبغي لعائد المريض أن لا يطيل الجلوس عنده، لأن له من الحالات المرضية الخاصة ما لا يسمح بإطالة الجلوس عنده، فعيادة المريض كجَلْسَةِ الخطيب . وقد قيل في هذا أيضاً : أدب العيادة أن تكون مُسَلِّماً وتكون في أَثَرِ السَّلام مُوَدِّعاً وقيل أيضاً : واقعد قليلا كمثل اللحظ بالعين لا تُبْرِ مَنَّ عليلا في مساءلة ٥٢ يعني قول العائد للعليل : كيف أنت؟ شفاك الله . في آخر كتابه «الكافي» في فقه السادة المالكية(١): «ومن زار صحيحاً، أو عاد مريضاً، فليجلس حيث يأمره، وأفضل العيادة أختها. ولا يُطيل العائد الجلوس عند العليل، إلا أن يكون صديقاً يأنس به ، ويسره ذلك منه». انتهى . ٢٥ ـ وينبغي لعائد المريض أن يكون نقي الثوب، من خبر تجارةٍ خَسِرَتْ له فيها سبب أو صلة، أو ذكر ميت، أو خبر رديء لمريض، أو نحو ذلك مما يكدر المريض فإن ذلك التقصي من العائد لا ينفع المريض إلا أن يكون طبيباً له اختصاص بمرضه، ولا ينبغي للعائد أن يشير على المريض بدواء ولا بغذاء قد كان نَفَعَهُ هو، أو سمع بأنه نافع، وربما كان ذلك سبباً لهلاك المريض. إذا لم يكن من أهل العلم والاختصاص، فيُوقع للمريض الشك فيهما وصفه الطبيب. أو وفاة قريب أو عزيز على صاحبك أو ما شابه ذلك، الخبر على من تخبره به، وتمهد له تمهيداً يُخفّف نزول المصاب ولا تخبر عن وفاة ميت بنحو ما يقوله بعضهم : أتدري من توفي اليوم؟! أو بقولك : توفي اليوم فلان . ، يتبادر فوراً إلى ذهنه المروعات الشداد، فيتروعُ بهذه الصيغة منك في السؤال أو الإخبار أشد الترويع، ولو قلت له : فلان . توفي اليوم، وكذلك ينبغي أن تراعي صيغة الإخبار عن الحريق أو الغريق أو الحادث . فربما تأذى بالخبر المفجع أشد الأذى، وربما يُصعق بعض الأفراد بذلك، أو يغمى عليه،