"متشوفش تراثك وثقافتك بعيون غيرك. رسالة في الطريق إلى ثقافتنا من أعظم الكتب اللي ممكن تقراها في حياتك هو "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا" للشيخ محمود شاكر، الملقب بـ"شيخ العربية". الكتاب قوي جدًا وعميق، بالعكس، كل ما تقراه تاني تكتشف فيه حاجات جديدة وتفهمه أكتر. واللي ذكره في المقدمة. واللي يخليني أقول إن الكلام ده بقى واضح لينا دلوقتي أكتر من أي وقت فات! الشيخ محمود شاكر لمس المشكلة دي من بدري جدًا، فمجرد ما تقرا الكلام، أما النقطة الأهم، فهي رحلته لاكتشاف المنهج. الشيخ حس إن الحياة الأدبية اللي كان غرقان فيها وهي في نظره فاسدة، فقرر يراجع كل حاجة قراها قبل كده، مع الوقت، ومن كتر ما قعد يقلب في النصوص ويعيش معاها ويدركها بكل حواسه، بدأ يلاحظ إن كل نص ليه منطق داخلي، مش بس المعنى الظاهر، توصل للمنهج. المنهج ده خلاه يقدر يفهم أي حاجة بيقراها فهم أعمق بكتير، ويدرك النصوص في سياقها الصحيح، ومن غير ما يقع في فخ الفهم السطحي أو المغلوط. وده خلاه مش بس يعيد فهم الأدب العربي، لكن كمان يطبق نفس الطريقة على كل العلوم حتى الهندسة! وفعلاً باستخدامه للمنهج ده، ونشرها في كتابه عنه. كان غارق في روح الثقافة العربية بشكل يخليك تحس إنه مكنش عايش في عصرنا أصلًا، ده كان كأنه عايش مع العرب الأوائل أيام نزول القرآن، وكان بيفهم اللغة زي ما كانوا بيفهموها بالضبط. فهو عن الاستشراق، وازاي بدأ واتطور، الشيخ محمود شاكر بيرجع بجذور الموضوع لزمان جدًا، من أيام فتح الأندلس، لما العالم الشمالي اتصدم بالإسلام وانتصاراته المتكررة عليهم، وده ولد عندهم حقد دفين كبير على العالم الإسلامي. الحقد ده خلاهم يحاولوا يدخلوا جوه الحضارة دي، ويفهموها ويفككوها ومن هنا بدأوا يصيغوا الاستشراق، واللي كان هدفه إنه يكون مدخل للأوروبي يشوف بيه حضارتك وثقافتك من غير ما ينبهر بيها، و يكون سلاح لمحاربتك بيها. الاستشراق ده استمر مع الأجيال، وانتقل جيل بعد جيل، ومع الاحتلال وهزيمة وتراجع الحضارة الإسلامية، بدأ يأثر بشكل مباشر على الفكر العربي، لحد ما وصل للجيل اللي قبله، جيل أساتذته وجيله هو. الشيخ شاكر بيشرح إزاي الاستشراق والاحتلال كانوا بيشتغلوا مع بعض، وازاي الاحتلال استخدمه علشان يخلينا نشوف ثقافتنا بعين الغرب، اللي في الأصل ملوش أي صلة حقيقية بيها. وكمان ازاي الاحتلال استخدمه في اطفاء الصحوة اللي كانت علي إيد ناس زي الجبرتي الكبير والشوكاني وكام إمام وعالم معاهم في نفس الحقبة الزمنية في ما قبل وصدر وبعد الحملة الفرنسية ومحمد علي إلي الاحتلال الانجليزي لمصر، وبيتكلم عن المشاكل اللي ورثها الجيل اللي قبله (جيل طه حسين) وإزاي تأثروا بالمستشرقين، مش بس بالنقل عنهم، لكن بالسطو على أفكارهم، زي ما عمل طه حسين لما سرق أفكار مارجليوث عن الشعر الجاهلي ونسبها لنفسه. وبرغم كل المشاكل اللي في الجيل ده، كان لسه عندهم شوية روابط بالتراث الأصيل، عكس جيله هو، اللي علاقته بالثقافة العربية اتقطعت بالكامل، وبقى جيل فارغ تمامًا من أي جذور حقيقية. الشيخ شاكر كان شايف إن جيله هو جيل التفريغ، جيل طالع فاضي من الثقافة العربية الأصيلة، فما بالك بقا بأجيالنا بعد عقود من الكلام ده؟! وده اللي بيفسر ليه إحنا في الوضع اللي إحنا فيه دلوقتي. الشيخ كمان شرح العلاقة بين الاستشراق والاستعمار، وده نفس المعنى اللي أشار ليه الشيخ كشك في كتابه "كلمتنا في الرد على أولاد حارتنا". في النهاية، "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا" مش مجرد كتاب،