اضواء المدينة لكن ضوءاً خافتاً ظل مشتعلاً في احدى الشوارع يعاند ظلمة الليل ويقام سطوة النعاس ، فقد كان هناك من لا يزال مستيقظاً اسهره خطب ما ، ولم يكن فيه احد سواه وأخيه الصغير ، فقد خرج ابواه وطلبا منه العناية بأخيه ريثما يعودان الى البيت . ثم عاد وجلس واخذ نفساً طويلاً وقال : كان يامكان كان في قديم الزمان ثم سكت فجأة وبدأ شارداً ، وتغير لون وجهه وجحظت عيناه وظهر عليه التوتر والارتباك ثم اخذ جبينه يتعرق وبدأت الحمره تشتد في وجنتيه وانفاسه تتسارع كأنه يصارع جبلاً او يواجه اسداً وظل للحظات صامت كأن لسانه شُل عن الحركة فقد عجز عن تذكر واحده من القصص التي قرأها او سمعها من قبل ثم اخذ يرمي ببصره يمينه ويساره محاولاً تذكر اي شيء يقوله لأخيه فلما عجز عن ذلك . لأنه واجباً ينتظره ويؤرق باله . جلس ياسر على مكتبة وشغل جهاز الحاسوب الخاص به وقد هجر النوم اجفانه ثم فتح صفحة للكتابه ليكتب رسالة خاصه الى طفل يتيم يخبره فيها بما يشعر به اتجاهه من حب وتعاطف ويطلب فيها صداقته ليدخل السرور على قلبه كما طلب منه معلمه في المدرسة في مادة التعبير اخذ ياسر ينظر الى الصفحة البيضاء مرت دقائق كثيره دون ان يكتب شيئاً ، فثلاثه ، ثم استمرت الحروف بالظهور اتباعاً ، واخذت تشكل كلمات من تلقاء نفسها ! اخذ ياسر يفرك عينيه ، وقد انفتح فمه من الذهول وهو لا يكاد يصدق ما يرى وتساءل ان كان ما يشاهده حقيقة ام مجرد حلم تشكلت الكلمات في جملة تقول :( انا جائع جداً هل من طعام أيها الفتى؟ ) . اندهش ياسر بشدة واخذ يتلفت يمينًا وشمالاً يبحث عمن كتب الجملة ، ثم اتستمرت الكتابة بالظهور لتقول : "انا اتكلم معك انت يا هذا سألتك ولم تُجبني ؟" زادت دهشة ياسر واحس بالخوف وقد شعر ان الكلام يقصده فأرتبك ولم يدري ما يفعل وبعد تردد وخوف بدأ بالرد في حوار مع الكلمات . فسأل ياسر: من تكون؟ ياسر : كيف اكون سبب جوعك وانا لا اعرفك؟ ياسر: اخبرني من تكون؟ حتى اساعدك؟ هيا اخبرني ؟ ألم تعرف بعد ايها الفتى؟ انا دماغك! ياسر: دماغي ؟؟ اجل دماغك الضعيف المنهك الذي اهملته وتركته جائعًا دون طعام صحي ورياضة ، وتريدني ان امدك بأفكار جيدة وبمعلومات مفيدة ، واساعدك على الكتابة وعلى السرد والحكاية ، ياسر : ولكن ما طعامك ايها الدماغ؟ وماهي رياضتك؟ خبزي وطعامي هو المعرفة التي تجدها منثورة في الكتب ، ورياضتي هي التمرين على التفكير والتأمل وتحليل المعلومات. تجده في الكتب الجيدة ، التي يؤلفها الكتابُ الموثوقون والجيدون ،