كان يسكن في قرطاج في عصرها الذهبي أكثر من مليون نسمة، وكانت تتمتع بوفرة من المواد الغذائية التي كانت تنتج في الأراضي الزراعية الخصبة المنخفضة الواقعة بين الساحل وجبال الأطلس. وبمجرد قيام الدولة الرومانية بغزو قرطاج وقرارها أن تجعل منها مستعمرة لتوريد الطعام للإمبراطورية الرومانية، بدأت دورة من دورات تدهور الأرض لا يمكن تغييرها، مما قاد إلى إفقار الناس على مر التاريخ وحتى يومنا هذا. وعمدت روما آنذاك إلى الزراعة الكثيفة لإنتاج أكبر قدر ممكن من المحاصيل في الهكتار، وعندما بدأت خصوبة التربة بالتدني عمدوا إلى مزيد من الزراعة المكثفة لتعويض الانخفاض في إنتاج المحاصيل. ومع تزايد الإنتاجية بالطبع عمدت روما إلى نشر الزراعة والرعي في المناطق الحدية والمرتفعة، مما أدى إلى تدهور الإنتاجية وتدمير الأرض في نهاية المطاف إلى الأبد.