أنا، بعد تأملي في فكر باسكال وتحليلي لموقفه من مسألة وجود الله، أستطيع أن أقول بثقة إن فكرته كانت مختلفة وجريئة في آنٍ واحد. لم يكن هدف باسكال أن يقدّم برهانًا عقلانيًا جامدًا لإثبات وجود الله كما فعل غيره من الفلاسفة، بل كان يسعى إلى إثارة الشعور العميق بالحاجة إلى الإيمان، وأن يجعل من الإيمان خيارًا منطقيًا وإنسانيًا في ظل محدودية المعرفة والعقل. وتشعر بالقلق والفراغ، فهل يمكنك أن تعيش بلا إجابة عن معنى وجودك؟" وهنا تبدأ قوته. لقد استوقفتني فكرته الشهيرة المعروفة بـ "رهان باسكال"، والتي رغم بساطتها تحمل في طياتها حكمة عميقة. وإن لم يكن موجودًا، فقد خسرت كل شيء. وإن بدت حسابية، إلا أنها كشفت لي عن مدى عجز العقل وحده عن التعامل مع القضايا الوجودية الكبرى. بل كان يعرف قيمته، لكنه رفض أن يكون العقل هو الوسيلة الوحيدة للمعرفة. لقد أعطى للقلب دورًا جوهريًا، وقال إن هناك براهين "يقدمها القلب"، الحدسي، الذي يشعر بالحقيقة قبل أن يتمكن من شرحها. ويضعه في مواجهة ذاته ومصيره. لقد شعرت أن باسكال لا يريد أن يجبرني على الإيمان، بل يريد أن يجعلني أفكر في مصلحتي الأبدية، وأن أدرك أن تجاهل وجود الله، هو أيضًا خيار يحمل عواقب خطيرة. في هذا العالم المليء بالشكوك والتساؤلات، بل كنداء داخلي، وكحالة وجودية يجب التفاعل معها. رهان، واختيار يعكس شجاعتي في مواجهة المجهول. لهذا أرى أن قوة باسكال لم تكن في تقديم دليل، قد لا يكون العقل كافيًا وحده،