مشكلة هذا الزمان أنه يجعلك قسراً تتصادم مع مبادئك، ويجعل عملية بيع القيم تجارة رابحة للبعض. رسولنا الكريم صلوات الله عليه قال في معنى الحديث بأنه سيأتي زمان الماسك فيه على دينه كما الماسك على الجمر، نجد أن الدين ركن زاوية أساسي في عملية التمسك والتشبث والدفاع ومصارعة النفس، وإلى جانبه تأتي عملية التمسك بالمبادئ والقيم، والتي تأتي معها أيضاً الكرامة وعزة النفس. وبعضها يختبر قوة تحمل الصابر المحتسب، فهنا يكون الاستهداف فورياً للمبادئ والقيم. هناك من يؤثر التضحية بكل ما يملك لأجل قيمه، هناك من يؤثر تفويت الفرص وتضييع المغريات لأن مبادئه لا تقبل الخطأ، وعلى النقيض هناك من يبيع كل شيء، ضمير وقيم وأخلاق وللأسف حتى العرض لأجل مكسب رخيص، ومعهم خاتم الأنبياء والمرسلين حكم وعبر، وفيها أمثلة صريحة على أن من يتوكل على الله فهو حسبه، ولا تظنن من لا ينسى الله أن ينساه خالقه ولو اجتمعوا عليه شياطين الإنس والجن. رسولنا الكريم كم عانى؟! كم اتهم بالجنون؟! تم استهدافه لقتله، ورمي بالحجارة حتى أدميت قدماه، فهل استكان؟! هل تراجع؟! هل تخلى عن مبادئه وقيمه والأهم دينه؟! النفس البشرية أمارة بالسوء، وللوقوع في مستنقعات السوء يبدأ المشوار بالتخلي عن المبادئ والقيم، وطبعاً قبلها الدين، كونه هو أصل القيم والمبادئ التي كرم الله بها بني آدم عن العالمين. وحينما تتحول القيم والمبادئ لشعارات فقط، هنا نكون في مرحلة مقامرة برحمة الله، حينها نكون سائرين بعكس ما يفترض بنا السير عليه، فنحارب نظيف اليد نقي السريرة، وحينما ننجح في إسكات أهل الحق يسود الباطل، حينما ترى المقدرات مكتوبة لمن يتخلى عن مبادئه ويكون تابعاً لمبادئ غيره، فإن طغت الأولى فإنها رحمة من الله بأن جعل الخير يسود على يد هؤلاء الذين لا يخشون في الحق لومة لائم، ما قيمة الإنسان بلا مبدأ؟! ما قيمته وهو يتخلى عن «السليقة» التي خلقه الله عليها؟! وسليقة البشر التي جبلوا عليها أساسها نبتة خير زرعها المولى عز وجل فيهم، لذلك لا عيش كريم لإنسان لا يملك مبدأ ولا يملك قيماً، فليس العيش الكريم بالمال والجاه بقدر ما هي الكرامة التي منبعها رضا الإنسان عن نفسه، حينما تضيع القيم وتقتل المبادئ، ومهما حاولنا إصلاح الأمور لا نجد التوفيق من الله عز وجل. ربنا قال في محكم التنزيل بشأن موسى عليه السلام: «يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين». الأقوياء والأمناء هم أصحاب المبادئ والقيم،