في يَوْمٍ مِنَ الأَيّامِ القَديمَةِ أَحَسَّ واحِدٌ مِنَ المُلوكِ بِالمَلَلِ، في يَوْمٍ مِنَ الأَيّامِ القَديمَةِ أَحَسَّ واحِدٌ مِنَ المُلوكِ بِالمَلَلِ، اعْتَرَضَ طَريقَ المَلِكِ خَروفٌ وَديعُ العَيْنَيْنِ، اعْتَرَضَ طَريقَ المَلِكِ خَروفٌ وَديعُ العَيْنَيْنِ، اِلْتَفَتَ المَلِكُ إِلى وَزيرِهِ، وقالَ لَهُ: (أَنْبِئْني ماذا يَقولُ الخَروفُ؟). اِلْتَفَتَ المَلِكُ إِلى وَزيرِهِ، وقالَ لَهُ: (أَنْبِئْني ماذا يَقولُ الخَروفُ؟). قَطَّبَ المَلِكُ جَبينَهُ، وأَمَرَ بِإِحْضارِ حُكَماءِ مَمْلَكَتِهِ، ومَثَلوا بَيْنَ يَدَيّ المَلِكِ بِرؤوسٍ مَحْنِيَّةٍ احْتِرامًا، فَطَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يُنْبِئوهُ بِما يَقولُ الخَروفُ الَّذي كانَ لا يَزالُ يَصيحُ: قالَ الحَكيمُ الأّوَّلُ: (إِنَّهُ يَقولُ: إِنَّ الفَرَحَ أَقْوى مِنَ الحُزْنِ). قالَ الحَكيمُ الثّاني: (الخَروفُ يَنْصَحُ النّاسَ بِقَوْلِ الصِّدْقِ دائِماً قالَ الحَكيمُ الثّالِثُ: (إِنَّهُ يَقولُ: إِنَّ الكَلامَ الجَميلَ لا يُنْسى أَبَداً أَنا يا مَوْلايَ وَحْدي الَّذي يُتْقِنُ لُغَةَ الخِرافِ. ولا تُطالِبْ بِثَمنٍ) إِنَّ النّارَ الَّتي تُضِيءُ وتُدْفِىءُ قادِرَةٌ في الوَقْتِ نَفْسِهِ عَلى أَنْ تَحْرِقَ). قالَ الحَكيمُ السّادِسُ بِثِقَةٍ: قالَ الحَكيمُ السّادِسُ بِثِقَةٍ: (رِفاقي الأَعِزّاءُ المُبَجَّلونَ لَمْ يَنْجَحوا في فَهْمِ ما يَقولُهُ الخَروفُ. أَمّا الصَّخْرَةُ فَتَبْقى لأَنَّها مُلْتَصِقَةٌ بِالأَرْضِ). وقالَ الحَكيمُ السّابِعُ وهُوَ يَنْظُرُ إِلى رِفاقِهِ ساخِراً: وقالَ الحَكيمُ السّابِعُ وهُوَ يَنْظُرُ إِلى رِفاقِهِ ساخِراً: (الخَروفُ يُنادي وَلَدَهُ الصَّغيرَ الضائِعَ، واسْمُهُ ماع) ولَكِنَّهُ تَنَبَّهُ لِوَلَدٍ صَغيرٍ، كانَ يَقِفُ قَريباً مِنْهُ، ولَكِنَّهُ تَنَبَّهُ لِوَلَدٍ صَغيرٍ، كانَ يَقِفُ قَريباً مِنْهُ، ويَضْحَكُ كَمَنْ يَهْزَأُ بِأَقْوالِ الحُكَماءِ السَّبْعةِ. اِغتْاظَ المَلِكُ، وقالَ لِلوَلَدِ بِصَوْتٍ حانِقٍ صارِمٍ: اِغتْاظَ المَلِكُ، وقالَ لِلوَلَدِ بِصَوْتٍ حانِقٍ صارِمٍ: (لِماذا تَضْحَكُ يا وَلَدُ؟ أَتَضْحَكُ لأَنَّكَ لَمْ تُعْجَبْ بِما قالَهُ حُكَمائِيَ؟). قالَ الوَلَدُ: (ما قالَهُ حُكَماؤُكَ كَلامٌ جَميلٌ، ولَكِنَّهُ مُخْطِئٌ). غَيْرَ أَنَّ الوَزيرَ قاطَعَهُ مُخاطِباً المَلِكُ: هَمَّ الوَلَدُ أَنْ يُجيبَ، فَإِذا ظَلَّ الخَروفُ يَقولُ ماع ماع، حَتّى الارْتِواءِ، وعِنْدَئِذٍ تَتَّضِحُ الحَقيقَةُ، فَإِذا ظَلَّ الخَروفُ يَقولُ ماع ماع، فَإِنَّ الوَلَدَ كاذِبٌ والحُكَماءُ هُمُ الصّادِقونَ). فَإِنَّ الوَلَدَ كاذِبٌ والحُكَماءُ هُمُ الصّادِقونَ). فَهَيّا احْضِروا ماءً لِلْخَروفِ). وقَدَّمَهُ لِلخَروفِ. فَسارَعَ أَحَدُ حُرّاسِ المَلِكِ إِلى جَلْبِ وِعاءٍ مَمْلوءٍ بِالماءِ، وقَدَّمَهُ لِلخَروفِ. ضَرِبَ الخَروفُ مِنَ الماءِ بِنَهَمٍ، ولَمّا ارْتَوى ابْتَعَدَ عَنْ وِعاءِ الماءِ، ضَرِبَ الخَروفُ مِنَ الماءِ بِنَهَمٍ، ولَمّا ارْتَوى ابْتَعَدَ عَنْ وِعاءِ الماءِ، وهُوَ يَقولُ: ماع ماع وهُوَ يَقولُ: ماع ماع تَصايَحَ الحُكَماءُ السَّبْعَةُ فَرِحينَ مَوْهُوّينَ بِانْتِصارِهِمْ، بَيْنَما ظَلَّ الوَلَدُ هادِئاً ساكِتاً. قالَ المَلِكُ لِلْوَلَدِ: (أّرَأَيْتَ كَيْفَ أَنَّ كَلامَكَ هُوَ الخَطَأُ بِعَيْنِهِ؟ قالَ المَلِكُ لِلْوَلَدِ: (أّرَأَيْتَ كَيْفَ أَنَّ كَلامَكَ هُوَ الخَطَأُ بِعَيْنِهِ؟ فَهَيّا ابْتَعِدْ بِسُرْعَةٍ والْعَبْ في مَكانٍ آخَرَ، ولَوْ لَمْ أَكُنْ بِحاجَةٍ إِلى تَسْلِيَةٍ فَهَيّا ابْتَعِدْ بِسُرْعَةٍ والْعَبْ في مَكانٍ آخَرَ، ولَوْ لَمْ أَكُنْ بِحاجَةٍ إِلى تَسْلِيَةٍ لَعاقَبْتُكَ أَقْسى عِقابٍ يُعَلِّمُكَ أَلاَّ تَتَدَخَّلَ في شُؤونِ الكِبارِ). لَعاقَبْتُكَ أَقْسى عِقابٍ يُعَلِّمُكَ أَلاَّ تَتَدَخَّلَ في شُؤونِ الكِبارِ). قالَ الوَلَدُ: (ما زِلْتُ مُصِرّاً عَلى أَنَّ ما قُلْتُهُ أَنا هُوَ الصِّدْقُ وهُوَ الحَقيقَةُ، فَقالَ لِلوَلَدِ بِرَصانَةٍ: (ما قُلْتَهُ هُوَ الصِّدْقُ حَقّاً، وخَزائِني مَلآنَةٌ بِالذَّهَبِ، الَ الحَكيمُ الأَوَّلُ: (الأَشْجارُ أَيْضاً سَتَموتُ قالَ الحَكيمُ الأَوَّلُ: (الأَشْجارُ أَيْضاً سَتَموتُ إِذا لَمْ يَرْوِها الماءُ). إِذا لَمْ يَرْوِها الماءُ). وقالَ الحَكيمُ الثّاني: (ولَنْ تَنْبُتَ سَنابِلُ القَمْحِ وقالَ الحَكيمُ الثّاني: (ولَنْ تَنْبُتَ سَنابِلُ القَمْحِ والخُضْرَةُ دونَ ماءٍ). والخُضْرَةُ دونَ ماءٍ). وقالَ الحَكيمُ الثّالِثُ: (والعَصافيرُ سَتَموتُ وقالَ الحَكيمُ الثّالِثُ: (والعَصافيرُ سَتَموتُ إِذا فُقِدَ الماءُ). إِذا فُقِدَ الماءُ). وقالَ الوَزيرُ: (وحَتّى البُيوتُ لَنْ تُبْنى دونَ الماءِ). ولَكِنَّ المَلِكَ أَشارَ بِيَدِهِ آمِراً الجَميعَ بِالسُّكوتِ، ثُمَّ قالَ لِلوَلَدِ وهُوَ يُرَبِّتُ عَلى كَتِفِهِ بَيَدٍ حانِيَةٍ: ثُمَّ قالَ لِلوَلَدِ وهُوَ يُرَبِّتُ عَلى كَتِفِهِ بَيَدٍ حانِيَةٍ: (كانَ لَدَيَّ سَبْعَةُ حُكَماءَ، وأَضْحَوا ثَمانِيَةَ حُكَماءَ). (كانَ لَدَيَّ سَبْعَةُ حُكَماءَ، والآنَ ازْدادَ عَدَدُهُمْ، وأَضْحَوا ثَمانِيَةَ حُكَماءَ). قالَ الوَلَدُ وهُوَ يُشيرُ بِسَبّابَتِهِ إِلى الخَروفِ: قالَ الوَلَدُ وهُوَ يُشيرُ بِسَبّابَتِهِ إِلى الخَروفِ: (وهَذَا الخَروفُ هُوَ بِالتَّأْكيدِ الحَكيمُ الثّامِنُ) وهُوَ يَشْعُرُ أَنَّ مَلَلَهُ قَدْ زالَ. قالَ المَلِكُ: (فَلْيَكُنِ الخَروفُ حَكيمِيَ الثّامِنَ). قالَ المَلِكُ: (فَلْيَكُنِ الخَروفُ حَكيمِيَ الثّامِنَ). وتَطَلَّعَ إِلى الحُكَماءِ السَّبْعَةِ العابِسي الوَجوهِ، وقالَ لَهُمْ: وتَطَلَّعَ إِلى الحُكَماءِ السَّبْعَةِ العابِسي الوَجوهِ، وقالَ لَهُمْ: (لا داعِيَ إِلى الاسْتِياءِ. أَيْنَ حِكْمَتُكُمْ؟ (لا داعِيَ إِلى الاسْتِياءِ. أَيْنَ حِكْمَتُكُمْ؟ أَلَيْسَ الحَكيمُ هُوَ الَّذي يَقولُ كَلاماً بَعيداً عَنِ الخَطَأِ، ويَنْفَعُ النّاسَ؟) وأَشارَ المَلِكُ بِسَبّابَتِهِ إِلى الخَروفِ، وقالَ: وأَشارَ المَلِكُ بِسَبّابَتِهِ إِلى الخَروفِ، وقالَ: (هذا الخَروفُ يَسْتَحِقُّ بِجَدارَةٍ أَنْ يَكونَ حَكيميَ الثّامِنَ، كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ بِلادَنا فَقيرَةٌ، ولا تَمْلِكُ مِنْ الثَّرْواتِ ما يُغْري أَيَّ عَدُوٍّ بِمُهاجَمَتِها،