وتستحضر الأم مفهوم الوطن من خلال الذاكرة لكي توثق التاريخ والحقائق ولترسخ في أذهاننا نحن القراء الوطن كجزء من المقاومة وكذلك تأتي الذاكرة لتفرق بين الماضي والحاضر أو لتظهر الفرق بينهما حيث يعيش الإنسان الفلسطيني حياته مشردًا مهددًا بعدم العودة إذا خرج من أرضه وهذا هو حال الأم تتذكر كل أشيائها الجميلة لتأخذها معها الى السفر خائفةً من عدم العودة لأن في القانون الإسرائيلي هذه الأرض هي الجنة ومن يخرج منها ويتركها لا يعود إليها وكأنه اختار المنفى على الوطن. يحكي لنا الراوي قصة الولد الصغير الذي ادعى صيد الحجل ليكسر الجمود والحزن المرافق لسفر الأم بواسطة الاسترجاع الفني ليعود مرة أخرى إلى الحدود حيث يصور لنا لقطة هامة في القصة وهي عبور الحفيدة المساحة الممنوعة متجهةً نحو جدتها التي اصبحت في الجهة الثانية قاطعةً وادي الموت عائدةً منه لتكسر واقع الحرب والحدود عن بوابة مندلباوم. لقد جعل الراوي جانبا من الأمل في أن يلغي هذا التقسيم )تقسيم القدس) حين جعل الطفلة بمنطقها الطفوليّ تجتاز البوابة كاسرة بذلك منطق الكبار المبنيّ على العداوة والتقسيم، فبالنسبة لتلك الطفلة لا يختلف موقفها هذا بين أبيها وجدّتها على جانبَي البوابة عن موقفها بينهما في الشارع بمحاذاة بيتها، وفي فعل الطفلة دعوة مُضمرة من الكاتب للسلام يدسّها بين سطور قصته على هيئة طفلة تعبر وادي الموت سالمة فتقلب اسمه إلى النقيض. وقد أراد الراوي في هذه القصة أن يشير إلى أن الفلسطينيين في ذلك الوقت كانوا يعيشون حالةً من الحصار والعزل المزدوجة كما كانوا يعيشون حالةً صعبةً بين جسمين سياسيين حيث يريدون التواصل مع إخوانهم عبر الحدود المفروضة عليهم. أصبحت بمثابة نقطة مرور تفتح أمام الدبلوماسيين وموظفي الأمم المتحدة والحجاج المسيحيين لزيارة الأماكن المقدسة في القدس وفي بيت لحم خلال فترة أعياد المسيحيين بالأخص الميلاد ورأس السنة. 2- اللغة في القصة فصيحة (لغة السرد) باستثناء بعض الجمل العامية التي جاءت على لسان الخال الكهل عند تذكره لقصة الصيد وكان هناك ذكر للغة العبرية المتداولة في منطقة البوابة لكن دون إقحام هذه اللغة في القصة. 3- الراوي في القصة هو الراوي الأنا المشارك (إحدى شخصيات القصة) يسرد القصة بضمير المتكلم ولقد نجح ووفق في نقل مشاعر الأم أثناء مغادرة البلاد. 4- تظهر السخرية في النص بشكل واضح وهي من أهم ميزات الأدب المحلي أو ما يسمى أدب المقاومة وجاءت السخرية لتظهر انفعال الراوي وسخطه وغضبه من السياسة في ذلك الوقت. 5- الفكاهة في القصة في توثيق قصة الصيد التي جاءت لتكسر الجو العام في القصة وهو الحزن والألم المرافق لوداع الأم والخوف والقلق بعدم عودتها إلى ديارها. 6- استخدم الكاتب أسلوب الاسترجاع الفني عندما تذكر الخال قضية بيع الأرض وفيها إشارة إلى ظاهرة كانت شائعة في ذلك الوقت وهي إجبار الفلسطينيين على بيع بيوتهم للسلطة الحاكمة (تهجير غير مباشر) 7- الوطن للأم يعني: تعلقها بما يذكرها به: البيت، سعال الزوج المصدور وليالي زفاف أولادها وعتبة الدار. ولكنها تعبر عن انتماء للعراقة والأصالة والتشبث بالوطن الأم، 8- في القصة إشارات اجتماعية عميقة مؤثرة: الوفود المودعة للمسافر، خلق الترابط بين النص والمتلقي بالتلاحم الاجتماعي أو الثقافي. 9- القصة تبرز العلاقة "السلمية" القائمة بين العرب واليهود في تلك الفترة، وتأخذها بين أحضانها" إلى أن انتهى المشهد في: صاحب الكوفية والعقال يخفض رأسه نحو الأرض وهو يفحص الأرض بقدمه، ثم يأتي الصةت المعلن:"أفهمت لماذا نصحتك ألا تأتي بوابة مندلباوم وبصحبتك أطفال؟ إن منطقهم بسيط غير مركب. 11- الشخصية الرئيسة في القصة هي الحفيدة لأن القصة كلها تقوم على سلوكها الفردي الساذج الفطري القريحي، وهو كذلك راو عليم مشرف كليا على العجوز وعلى الطفلة حين علّق على كلتيهما بعبارات تحليلية نفسية بلغته، 13- هناك اختلاف في التسميات للوصوف وللأمكنة: نحو وصف الجندي الإسرائيلي كما وصفه، وقد استعمل ذلك كله للكشف عن الواقع الذي تنم عنه السياسة القذرة في التعامل مع الواقع، وأما الطفلة فجاءت بدورها محطمة للمسلمات التقسيمية السائدة آنذاك.