تناول النصُّ جمع القرآن الكريم، مُبيِّنًا أنه تحقق على مرحلتين: الجمع في الصدور، والجمع في السطور. ففي عهد النبي ﷺ، حفظ الصحابةُ القرآنَ في صدورهم، مُساعِدينَ بذلك نزولُ الوحيِ منجماً ومفرّقاً، وتشجيعُ النبي ﷺ لهم، وقلةُ وسائل الكتابة آنذاك. وقد تميّز حفظهم بفهم المعاني والتدبر، وكانت لهم مقامات عالية في ذلك. أما الجمع في السطور، فقد حدث ثلاث مرات: الأولى في عهد النبي ﷺ، حيث كتِبَ الوحيُّ مُفرّقاً لدى الصحابة. والثانية في عهد أبي بكر الصديق، خشية ضياعِه بعد وقعة اليمامة، بإشرافِ أبي بكر وعمر، وتنفيذ زيد بن ثابت، معتمدين على ما حفظه الصحابةُ وتلاوةِ النبي ﷺ، مُحقّقين بذلك جمعًا دقيقًا متّفقاً عليه. وقد استخدموا في الكتابة موادّ مختلفة كالعتب، واللخف، والرقع، والأضلاع، والاقتّاب، والأزيم، والقراطيس، والألواح، والصحف. وأخيرًا، كان من نتائج جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق، تسجيله كاملاً، وزوالُ الخوف من ضياعه، واجماع الصحابة على ما سُجّل.