هضبة الجولان هي هضبة صخرية في منطقة المشرق العربي في غرب آسيا، مرتفعات الجولان أرضاً سورية تحتلها إسرائيل. رفضت سوريا بعد الحرب أي مفاوضات مع إسرائيل كجزء من قرار الخرطوم. كانت الجولان تحت الإدارة العسكرية حتى أقر الكنيست قانون مرتفعات الجولان في عام 1981، أصبحت الولايات المتحدة في عام 2019 الدولة الوحيدة التي تعترف بمرتفعات الجولان كأرض ذات سيادة إسرائيلية، تم تقسيم أجزاء من الأراضي السابقة للإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى إلى عدة انتدابات من عصبة الأمم تحت سيطرة إحدى دول الحلفاء المنتصرة في الحرب. كان الانتداب البريطاني على فلسطين والانتداب الفرنسي على سوريا من هذه الانتدابات، وتم وضع اللمسات النهائية على الحدود بينهما في اتفاقية بوليت-نيوكومب. كانت أول حدود دولية بين سوريا وفلسطين هي الحدود التي تم رسمها عام 1923 وهي الأخيرة حتى الآن، وكانت الحدود المتبقية منذ ذلك الحين نتيجة لاتفاقيات الهدنة، انتهى الانتداب الفرنسي عام 1946 مع استقلال الجمهورية السورية، أدت حرب 1948 التي أعقبت إعلان قيام إسرائيل، تقدمت سوريا إلى الشاطئ الشرقي لبحيرة طبريا، حرب 1967 وما بعدها استولت إسرائيل في حرب 1967 على غالبية هضبة الجولان، الذي دعا إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في الحرب مقابل إنهاء جميع حالات الحرب والاعتراف بإسرائيل كدولة ذات سيادة من قبل الدول العربية. شهدت حرب أكتوبر المزيد من المكاسب الإقليمية لإسرائيل، أقر الكنيست الإسرائيلي في 14 ديسمبر 1981 قانون مرتفعات الجولان، باستثناء إسرائيل والولايات المتحدة، الجولان أرضاً سورية خاضعة للاحتلال الإسرائيلي، ويعترف عدد من الدول بأن الاحتلال الإسرائيلي شرعي بموجب ميثاق الأمم المتحدة على أساس الدفاع عن النفس، التي اعتبرت في السابق مرتفعات الجولان محتلة، في مارس 2019 أول دولة تعترف بالسيادة الإسرائيلية على الأراضي التي تسيطر عليها منذ عام 1967، ولا يزال بقية المجتمع الدولي ينظر إلى المنطقة على أنها سورية تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بيانا قال فيه إن وضع مرتفعات الجولان لم يتغير، ونددت الجامعة العربية بالتحرك الأمريكي، في هذه الملاحظات أسلط الضوء على واقع الهوية والوعي السياسي في الجولان المحتل. لقد اعتمدت نو ع ا من السرد التاريخي لتبين تطو رات محددة في بنية ومؤسسات المجتمع الجولاني وجدليته مع الاحتلال الإسرائيلي . جاء هذا النص خلاصة سنوات طويلة من الاهتمام والتفكير، وتبادل الآراء مع عدد من الزملاء في الجولان المحتل. لقد فتح النص أمامي عد د ا من النقاط التي تحتاج إلى مزيد من البحث ، وآمل أن يكو ن فيه مادة مفيدة للمهتمين في تطوير النقد التاريخي والثقافي. فالهدف منه رسم معالم تاريخية ومستقبلية لمسيرة بناء الذات ومقاومة الوعي الاستعماري في سياق تزداد فيه الهيمنة المادية وتدخلات السلطة البيرقراطية والترويج للأيديولوجية الصهيونية عبر أجهزة دولة الرفاه . شكّل انتصار دولة الاحتلال في حرب 1967 شعو را هائ لا بنشوة القوة لدى قادتها وقطاعات كبيرة من جمهورها. وترجم ذلك في ارتكاب جرائم حرب تتمثل بالتطهير الإثني والتوسع والاستيطان؛ من دو ن خوف عاقبة أو حسبان، لنفي الوجود العربي على الأرض. 1( أطلق قادة الاحتلال في الأسابيع الأولى التي تلت السادس من حزيران مبدأ الدمج الاقتصادي للجولان المحتل مع إسرائيل. ومن هذا المبدأ اشتقت التبريرات والتشريعات - المنافية للقانو ن الدولي المعاصر - التي سمحت ليهود إسرائيليين بإقامة مصالح اقتصادية في القنيطرة وغرس نواة مبكرة ج دا للاستيطان في الإقليم المحتل. أقرّ قادة الاحتلال تطبيق نظم دولة الرفاه الإسرائيلية على السوريين المتبقين في أرضهم المحتلة، من مثل قانون الضمان الاجتماعي والأجو ر وبعض الخدمات الصحية. عملت إسرائيل بصورة حثيثة لجذب الأهالي وابتزا زهم لإعلان تبعيتهم الصريحة لدولة الاحتلال بناء على مكوناتهم الطائفية. فقد كانت السياسات المذكورة في إقليم الجولان المحتل مختلفة عن السياسات التي طورت اتجاه باقي الأراض ي المحتلة وأهليها. في البدء، بوصفه محدود الإرادة، هو الوعي الحقيقي، أي الوعي الوحيد الممكن، أما وعي السيد فهو زائف، لأنه ينغلق على وهم بالسيادة المستقلة بذاتها، أي ليكو ن سيّدا ير ى نفسه مطلق الإرادة. وعلى الرغم من الاحتكاك اليومي في مجالات العمل والسوق. وأقصد ثان يا، بين تصوراته لذاته كذات منيعة، من جهة، وبين حقيقة معاش هذه الذات وارتباط احتياجاتها اليومية بمنظومة المحتل التي تظهر على الدوام كمنظومة الآخر، تظهر الازدواجية الأولى في تاريخ النضال والمواجهة السياسية المباشرة بين المستعمر والأهالي التي تدو ر حو ل الهوية والانتماء ل لأمة العربية ولسورية. فعلى الرغم من ضم السوريين في الجولان المحتل للنظام القانوني والبيرقراطية والنظامين الاقتصادي والتعليمي التابعين للمستعمر، وعلى الرغم من التأثر الكبير على صعيد الحياة اليومية بذلك المجتمع وبمؤسساته، وعلى الرغم من قبول المجتمع بالواقع الاقتصادي الإسرائيلي والاندماج في سوق العمل، والاستفادة المادية والاجتماعية والصحية وغيرها؛ فقد واجه المجتمع الشرطة الإسرائيلية في مناسبات وطنية كثيرة ومتكررة منذ إعلان الضم الإسرائيلي للجولان المحتل عام 19٨1 وقبله، شكلت تلك المواجهات سج لا من الذاكرة والرمو ز المحلية يدلّ على أن حالة القبول باليومي ليست إلا حالة قائمة على قلق بنيو ي. على وجود انفصام بين الوعي الطائفي ومشروع القومية العربية، بوصف الأول أقرب إلى الوجدان لدى المجتمعات المحافظة، وبوصف الثاني أم را محد ث ا يمكن محاربة تأثيره فيهم. حظوا ويحظو ن بكثير من التطمينات بهذا الصدد من خلال ما قد يقال لهم من قبل الأهالي لتمرير مصالحهم اليومية. والنموذج البنيوي لهذه المفاجأة يتبدّى جليّا في حالة الإضراب الكبير في شباط عام 19٨2 - حين رفض الأهالي قرار الضم والتجنيس الذي كان من شأنه أن يؤدي إلى انهيار المناعة والاستقلالية الذاتية عبر ا لارتباط بالتجنيد للجيش الإسرائيلي )قيا س ا بالطائفة الدرزية الفلسطينية. في مواجهة ذلك الخطر كوّن الأهالي إجما ع ا سياس يا شعب ي ا، ومن احتمال إرجاعهم إلى سورية )كما حدث مع سيناء في تلك المدة(، لكن اللغة التي استخدمها الأهالي والرموز التي أنتجوها كانت تبنى على رواية أو سردية تاريخية تؤكد أصالة التقاليد المحلية وارتباطها الوطني، وكانوا قادرين على قو ل )لا( مجد د ا في وجه إسرائيل. لقد وصف فانون ذات مرة في خضم الصراع ضد الاستعمار الحيّز الاستعماري في الجزائر بحيز منقسم عرق ي ا بين المدينة النظيفة والغنية لأنها بيضاء، واكتظت بفعل سياسات التخطيط ، وكلما طرأ طارئ – إيجاب ي ا كان أو سلب ي ا – بفعل الدمج في منظومة المستعمر الكلية )التنظيمية والاستهلاكية والجمالية(، تزداد الفوارق الشكلية وهوية المكان ظهو را ووضو ح ا، لكن ما يجب الالتفات إليه هو أ نّه على الرغم من أن البنية الثنائية للاستعمار تبدو ثابتة، فهي تشمل الخطاب السياس ي المباشر، واللغة العملية اليومية )التيتتمايز عن الخطاب السياس ي وتتخذ طاب ع ا خا ص ا(، والتشكّلات المختلفة للذاكرة الجمعية )رواية التجاربالماضية التي مرّ بها المجتمع( عبر ممارسات التربية في العائلة، وعبر الحيّز العام بشقيه – المحافظ )ذلكالذي يعيد إنتاج ا لإحساس بالهوية محافظة وثبا ت ا على التقاليد الدينية والاجتماعية والبنية الهرمية للسلطة والجاه والمعرفة(، ويسعى إلى الثورة على معاني القيم الاجتماعية ا لأساسية ، والعمل والجاه والتدين، بفعل تحولات الاقتصاد وأنماط الحياة. كان لا بد من أن تتعدد معاني الـ )لا( بوجه المستعمِّ ر. كان هناك تأسيسان كبيران لهذه الـ)لا(: تأسيس ديني محافظ وتأسيس حداثي علماني. نظ را إلى اختلاف الدين بالمطلق. لقد عوّ ل قادة المشروع الصهيوني وخبراؤه في سياساتهم الطائفية تجاه الدروز الفلسطينيين، إنما محض تمييز وظيفي ووضعي(، ويخص سوريي الهضبة الدروز حص را، يهدف إلى عز ل الفرد الخارج عن ا لإجماع في الحياة الاجتماعية ضمن جماعته المحددة. وصار يتقاض ى معا ش ا من وزارة الأديان الإسرائيلية، وليست تعبي را عن تحو ل في هوية المجتمع )ففي الوعي السياس ي الطائفي، لكي يحفظ الجوهر الروحي والخلاص ي(. ودخول زمن-وعي علماني مطلق . بتقاطعات الوضوح مع الضبابية، ستبقى بمنزلة المرجع لأجل قياس أفعال المستقبل ورسم مسار الخطى القادمة. والقادر على إحداث تحولات في الهوية الثقافية وفي معنى المواطنة والانتماء ، يقوم هذا التأسيس على ميتافيزيقيات أخرى: قومية، إذ إنّ العالم المادي في هذا الوعي ليس )فان يا(، لكن المدّ الأكبر في هذا الوعي هو المد السياس ي )القومي تحدي دا( وليس الصوفي الانعزالي، وهي ما يع وّ ل عليه الاستعمار وثقافة الاستهلاك، وهو الذي ينش ئ الوعي الوطني، ينظرإلى )المجتمع المدني( مجم لا شام لا وبلا هوامش وأطراف للحاضنة الاجتماعية، في التحليل الس وسيولوجي، علينا أننأخذ هذا المنظور الفلسفي – المعياري – بحذر؛ ولا يختز ل هذا بثنائية حالة الطبيعة/الغاب من جهة، ليس المجتمع حاضنة شاملة قائمة بذاتها كوجه آخر للدولة؛ وفي حالتنا، وعلينا تحديد معالمه بصورة دقيقة؛ يمكننا تحديد عقد الستينيات نشأة البدايات الأولى للروابط الطوعية )على شكل تجمعات شبابية نهضوية للمطالعة ، ومن ثم يمكننا تتبع هذه الروابط وتطورها في عقد السبعينيات بعد الاحتلال وفي الثمانينيات، وفي هذه المدة دخلت النوادي في مرحلة سياسية بامتياز، ونشأت رابطة جديدة ناشطة – وهي رابطة الجامعيين في الجولان السوري المحتل - تركت أث را عميقا في تأسيس وتجذير الطابعالعلماني للمجتمع نظ را لارتباطها بشبكة علاقات واسعة مع اليساريين الفلسطينيين والحزب الشيوعيالإسرائيلي، وانفتاح باب التعليم العالي في الاتحاد السوفياتي. لقد نشطت الرابطة في حيز الخدماتالتعليمية الطوعية بمثل دورات التعليم والفنون والمخيمات الصيفية التي هدفت بصورة واضحة إلى تعزيزمحبة الوطن من جهة وقيم الحرية والاستقلال الفردية من جهة أخر ى، وكانت ترفع شعار ومهمة تطويرالمجتمع ثقاف ي ا وخدمات ي ا وحتى اقتصاد ي ا. فهذا يحتاج إلى فسحة أخر ى. دشن بالحرب على العراق بعد غزوه الكويت، وامتدت على مدار عقدين أو أكثر، وكانت ميّزتها الأساسية مأسسة العمل الخدماتي. بمعز ل عن مؤتمر مدريد ومحادثات السلام كانت الرابطة قد وصلت إلى سقف محدود في إمكان الاعتماد على العمل التطوعي في إسهامها ورؤيتها حو ل تطوير المجتمع وتطوير الخدمات والبنى الاقتصادية فيه ، وقررت دخول تجربة المنظمات الأهلية التي كان الفلسطينيون يشرعون فيها بعد أن فتح الأوروبيو ن عليهم دع م ا مال ي ا ضخ م ا ليصب في بناء المجتمع المدني بوصفه قاعدة أسا س ا لبناء الدولة الفلسطينية . فلكي تنتقل الرابطة إلى العمل التنمو ي المدعوم كان عليها أن تنش ئ جمعية الجولان لتنمية القر ى العربية )ساب قا الجمعية العربية للتطوير وتعرف باختصار "الجمعية ، يمكننا باختصار القو ل بأن الجمعية نشأت تقري ب ا في فراغ خدماتي )بعد عقد من الحراك الجماهير ي والمقاطعة القوية للمؤسسات الإسرائيلية(،