وأن هذه الكتابات قد آلت في الغالبِ إلى مجرد خطاطة من المفاهيم التقنية المفصولة عن سياقاتها النظرية والمعرفية، وإلى مجرد آليات جاهزة بقابليتها لأن تُطَبَّق بإطلاق على مختلف النصوص والخطابات. أن التداوليات تعد تخصصا علميا يهتم بدراسة اللغة في علاقتها بالطبقات المقامية التي تتحقق فيها. وهو تخصص ناشئ ما فتئ المشتغلون به يعملون على تطويره وإغنائه بغاية الارتقاء به إلى مرتبة علم قائم بذاته، ويرى أيضا بأن تنوع الموضوعات يجعلنا أمام تداوليات بصيغة التعدد حيث تنشغل كل واحـدة منها بزاوية محددة من زوايا تحقق اللغة وجريانها في حيز التواصل. تداولية الأفعال (actes/acts) التي تدرس اللغة من الجهة التي تكون بها عبارة عن أقـوال تؤدي أعمالا وأفعالا مخصوصة. ومن جهة زوايا المقاربة التداولية لأصناف الخطابات ولأنماط إنتاجها وتلقيها، إذ لا يمكننا الاهتداء في دراسة الروابط التداولية (Connecteurs) أو ظروف الزمان والمكان، أو في تحليل الضمائر الشخصية والأساليب البيانية والحجاجية وغيرها إلى صيغ من المقاربة الموحدة والمتجانسة. ويتميز الوصف التداولي للغات بالتعامل مع كل حدث لغوي على أنه علاقة موصولة بين مكونين لا يَغنى أحدهما عن الآخر: مكون لغوي داخلي يتجسد في العناصر اللغوية، في حين توظف فلسفيا لتمثل النزعة البارغماتية وهي تلك النزعة التجريبية التي تقضي بالحكم على صدق قانون ما من خلال نوعية تطبيقاته العملية، فإن الدراسة البرغماتية للغة هي دراسة تهتم بالعبارات اللغوية على نحو ما تستعمل وتتحقق في التواصل. كما أبرز الحيرش أن أول من استعمل كلمة "التداوليات" من الناحية التاريخية لتطور التداوليات هو السيميائي والفيلسوف الأمريكي تشارلز موريس Ch. التداوليات والدلاليات: حدود الاتصال والانفصال مثال: "الجاحظ هو مؤلف كتاب البخلاء" في العبارة الصادقة. مثال: "الجاحظ هو مؤلف كليلة ودمنة" في العبارة غير الصادقة. ثم نجد الاعتراضات التي تتجلى في القول بأن العلاقة "الدلالية" للعبارات بمحتوياتها التمثيلية لا تتنافى والعلاقة التداولية لهذه العبارات بمتلفظيها ومستعمليها.