أخذ النص القصصي يحتل مكاناً بارزاً في الدارسات الحديثة، كما أخذ يحتل مكانة هامة من حيث كونه عملا أدبياً، ومع أن الأدب القصصي قديم النشأة عالمياً إلا أنه من الفنون المستحدثة في الأدب العربي . أما في الأدب العربي، فقد جاء عن العرب حكايات وقصص تعتمد على أسلوب القص كأيام العرب وحكايات الفرسان، مما يجعلها تقع تحت مفهوم الحكاية. بل لقد اشتملت على تقنيات القصة الحديثة من استخدام الحلم والسرد والحوار والرموز وتشابك الأحداث . مما يجعلها نموذجاً رائعاً للقصة وبالتالي التأكيد على التسليم بأنها «أحسن القصص». ولكننا ننبه أيضاً الى أن الأدب العربي لم يقدم نماذج من القصص على هذا النحو. ذلك أن نماذج القصة محدودة في الأدب العربي كما هو الحال في قصص القرآن والقصص المترجمة. وأما الحكايات وأحاديث المسامرات والمقامات فلا ترقى فنياً الى القصة(1). . ولم يهتموا كثيراً بآداب اليونان لأنه أدب وثني يقوم على الأساطير وتعدد الآلهة وفي العصر الحديث، وفي الطور الثاني أخذ بعض المثقفين يترجمون من القصص الغربي ترجمة يشوب بعضها كثير من التحريف أحياناً وإلباس القصة لبوساً عربياً. منذ الربع الأخير من القرن الماضي حتى الحرب العالمية الأولى . وان كانت جميعها تشترك في عناصر متشابهة وتعريف عامه ؛ ا ـ الأقصوصة أو القصة القصيرة جداً (الاسكتش )Skitch وتكون في صفحة أو اكثر قليلا . وقد ترد الحكاية كجزء من القصة لتدل على التسلسل في الاحداث . حين يرد لفظ القصة فان المقصود هو الفرعان معاً: القصة القصيرة والرواية كنوع أدبي واحد . وحين يلزم التفريق بينها نخصص الحديث بذكر تشكل اللغة عنصراً هاماً في الأعمال اللسانية، ونعيد الى الذهن هنا أن اللغة العامية لغة مبتذلة لا تقوى على إقامة معان ذات ايحاءات متعددة مؤثرة كما هو الحال في اللغة الأدبية . إن قضية اللغة ونوعيتها ما زالت موضع نقاش، وكانت كذلك منذ بداية هذا القرن. وأعاد محمد حسين هيكل كتابة روايته «زينب» بالفصحى بعد أن كانت مكتوبة بالعامية . وبعد أن جبت البلاد العربية كلها وجدت أن الكلمة العامية تختلف في المعنى من بلد إلى آخر، وقد تختلف من اقليم الى اقليم، ولو سلمنا جدلاً بأن واقعية الأسلوب تحتم استعمال العامية في الحوار فإن التضحية بهذه الواقعية أقـل بكثير من التضحية بالحوار وقـد قاسيت من هذه التجربة عندما قرأت بعض الأقاصيص الواقعية المكتوبة باللغة الدارجة المحلية، رشاد رشدي يقول: «من غير المعقول في القصة على الاطلاق أن يجعل الكاتب شخوصه تتكلم بمستوى لغوي واحد، والكتاب ليسوا أحراراً في ان يجعلوا شخوص قصصهم تتكلم أو تفكر بالعربية الفصيحة كما يتراءى لهم، ويحق للكاتب أن يصور الحياة بالطريقة التي يراها مقنعة ومؤثرة . دون أن يخطر في بالنا هل هذا صحيح أو معقول . أما في الحوار فهي تتراوح بين اللغة المثقفة العامية واللغة الفصيحة مع استعمال علامات الحذف والحمل القصيرة أو تنزل الى لغة السوقة، ٢ ـ الفكرة / المغزى : قبل أن يشرع الأديب بالكتابة، لا بد أن تساوره فكرة يحاول عرضها وايصالها للمتلقي . وقد يسلك لذلك طريق الشعر أو النثر غير التخيلي أو القصة . يرى المتلقي فيها الفكرة من جوانب مختلفة بحيث تتكامل بتكامل عناصر القصة. ولهذا فان ادراك المغزى فكرة الكاتب أو الدرس الذي يريدنا أن نتعلمـه) ليس سهلا فقد يفشل المتلقي في فهم القصة دون عيب فيها لأسباب منها : فالقصة مثلا لا تقول المغزى مباشرة، ـ الاراء الفكرية المطروحة وعمقها . صراعها مع الحدث مجموعة الأفعال والوقائع مرتبة ترتيباً سببيا، تدور حول موضوع عام ، وتتحقق وحدة الحدث عندما يجيب الكاتب عن أسئلة أربعة هي : كيف وأين ومتى ولم وقع الحدث؟ ولا يشترط في الأحداث أن تكون كبيرة ضخمة، دون أن يتقيد بالأحداث الحقيقية التي سمعها أورآها ، وليس هناك من طريقة محددة يتبعها الكاتب لعرض أحداثه، . . وقد يتبع أسلوب اللاوعي والتداعي ، وقد يترك لبطل القصة الحديث عن نفسه ليخلق الشعور بالألفة . فإذا رجع الكاتب الى الوراء في الزمن ليوضح لنا الموقف، وتظهر سرعة الاحداث كذلك بعد التأزم في طريقها الى النهاية. في حين تكون سرعة الاحداث أقل قبل تشكل الأزمة، وبطء نسبي . فسرعة الأحداث يناسبها جمل فعلية قصيرة كي تنقل الحركة وتغير الأحـداث . طرق عرض الحوادث : فقد يكون الراوي شخصاً غير شخوص القصة وقد. يكون واحداً من الشخوص . وهذا الراوي أيا كان ـ يقدم لنا معلومات على درجات : كلية أو جزئية ، ا ـ الراوي كلي العلم : ويملك القدرة في اعطاء المعلومات أو حجبها، أي هو الراوي الذي يملك كل المعومات حول كل ما في قصته ، ب ـ الراوي محدود العلم (السرد القصصي باستخدام صيغة الشخص الثالث) ومن الواضح ان هذا الراوي يقدم معلومات منتقاة من زاويته الخاصة. وعلى القاريء ان يكون حذراً امام هذا الراوي . وقد يعاب على هذه الطريقة أن القراء قد يظنون أن الاحداث قد جرت للمؤلف نفسه. تتشكل القصة من حدث رئيسي وحـدث فرعي، ولا سيما في الرواية، وتتداخل هذه الأحداث لتوضح الشخوص والفكرة وتؤثر في نفس المتلقي . 4 ـ القصة والعقدة (الحبكة) : وحبك الثوب : أجاد نسجه. وحبك الحبل : شد فتله . وبمعنى آخر يكـون السؤال في الحدث ماذا بعد ذلك؟ أما في الحبكة، وتنقسم القصة من حيث تركيب الحبكة الى قسمين : 1 - القصة ذات الحبكة المتماسكة : وفيها تكون الاحداث مترابطة متفاعلة، ٢ ـ القصة ذات الحبكة المفككة : وهي التي تبنى على سلسلة من الحوادث أو المواقف المنفصلة التي لا يربط بينها رابط سوى الشخصية، وتكون وحدة العمل فيها معتمدة على البيئة التي تتحرك فيها الشخوص، أو على الفكرة الشاملة التي تنتظم الحوادث والشخصيات(16) ومن الأمثلة على الحبكة المفككة (غير المتماسكة) رواية الحرب والسلام لتولستوي وثلاثية نجيب محفوظ (بين القصرين، الدورة الحدث الصاعد . ويغلب أن تكون الحبكة مفككة في الاعمال التي تحلل الشخصيات من الناحية النفسية والاجتماعية : وفي الحدث الصاعد يبدأ المؤلف بتطوير العقدة بتركيز وبطء شديدين . غير انه يشترط في الحل ان يكون منطقيا، ب ـ الحبكة النازلة : وهي التي تبدأ باندحار البطل وفشله ثم تستمر في النزول به الى الحضيض ومثال ذلك أن يكون البطل قاتلا فيعرض الكاتب هذا البطل وهو يتردى في المشاكل النفسية وعدم التوفيق، ثم يضيف اليه مصائب اخرى تزيد من تحطيمه ، النهاية جـ ـ الحبكة الصاعدة : وهي عكس السابقة، ويمكن رسمها كما يلي : البداية ولكنه لطيبته يجد من يساعده النهاية وينقذه في كل مرة حتى يستطيع التغلب على الشر. البداية هـ ـ الحبكة المقلوبة، ولكنه في الحقيقة يكون قد بنى مكاسبه على الغش والظلم ، وفعلا يفتضح أمره كأن يكون متاجرا بالمخدرات او الممنوعات او يعقد صفقات سرية او يأخذ رشوة كبيرة فينكشف ويخسر كل ممتلكاته وتسقط أهمها : العرض فالازمة فالحل . ب ـ الزمن النفسي : وهنا لا ينظم الزمن حسب وقوعه تاريخيا، وقد يقطع الكاتب تسلسل الاحداث ليعود الى الوراء فيقدم حدثا من الماضي يفسر غموضا في الوقت الحاضر . وأول ما انتشرت هذه الطريقة في السينما ثم انتقلت الى الرواية . ويكون بعدة أشكال منها : أن القاص يلجأ الى اضفاء جو معين على حدث معين لاستباق القارىء وتهيئته نفسيا للأحداث القادمة، أو من خلال حدث يوضع في بداية القصة، تقويم الحبكة ولفهم الحبكة يمكن للقارىء ان يسأل نفسه الأسئلة التالية : * ما هو الصراع الذي تدور حوله الحبكة؟ أهو صراع داخلي (في نفس الشخصية) أم خارجي (بين الشخصية الرئيسة وبين المجتمع أو الدين او الافراد او بقيـة الشخوص) * ما هي أهم الحوادث التي تشكل الحبكة؟ وهل الحوادث مرتبة على نسق تاريخي أم نفسي؟