نخلص من هذه النظرة السریعة على خریطة العالم العربي، تتمثل بالدرجة الأولى في تركیا وإیران، واللتْین تك ِّونان مع العالم العربي ما یعرف في الأدبیات الجیو-سیاسیة الغربیة بإقلیم »الشرق الأوسط«، فضًلا عن قوة ثالثة في جنوبه أقل ثراء ونفوًذا وإن كانت لا تقل من حیث الأهمیة الإستراتیجیة هي إثیوبیا، تلك قوى ذات أجندات تستهدف أو تتعامل بالضرورة مع العالم العربي بشكل أو بآخر، ولكن هناك جیراًنا كثًرا في إفریقیا والبحر المتوسط یشكلون حزاًما جغرافیا ممتدا یتطلب انتباًها خا صا وسیاسات وهنا أود التأكید على أن الجغرافیا – برغم أهمیتها - لا تكفي وحدها لتحدید هویة المنطقة التي اصطلح على تسمیتها بـ»الشرق الأوسط« على اتساعها، فالهویة العامة فیها إسلامیة والأغلبیة السكانیة عربیة. هذه التعددیة وذلك التنوع كان من الممكن - بل یجب أن یكونا في رأیي - من أسباب قوة هذه المنطقة ولیس من أسباب ضعفها. فلو أن دولها أعلت من شأن العیش المشترك وأذكت روح التكامل والتعاون فیما بینها والتآلف داخل مجتمعاتها وفطنت إلى خطورة بعض السیاسات العالمیة وألاعیبها ورفضت الإملاءات الخارجیة المسمومة، نعم، والمصالح الغربیة بصفة خاصة والمؤامرات التي صاحبتها أو نجمت عنها؛ أو فرض أولویات مختلفة. إلا أن فشل الدول العربیة -في معظمها- في تحقیق الحكم الرشید كما في إقرار الأولویات اللازمة للتنمیة الداخلیة، والتعاون الاقتصادي الإقلیمي الفاعل ش َّكل العامل الحاسم الذي أدى إلى فرض ظاهرة