تعرف على أنها ظاهرة اجتماعية تعني انتقال الفرد من مكان إقامته الأصلي إلى مكان آخر قصد الإقامة فيه بغرض البحث عن العمل أو الأمن أو أغراض أخرى. وقد تكون هذه الأماكن داخل حدود البلد أو خارجه، وتتم الهجرة بإرادة الفرد أو الجماعة أو بغير إرادتهم. ثانيا- أسباب الهجرة ودوافعها حيث نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 13 منه: "لكل فرد الحق في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل الدولة، ولكل فرد الحق في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده وفي العودة إليه"، ووفقا لما جرت الإشارة إليه في المؤتمر الدولي للسكان عام 1994م، أنه يمكن أن يكون للهجرة الدولية المنظمة آثارا إيجابية على المجتمعات المهاجر منها والتجمعات المهاجر إليها على حد سواء، وبإمكان الهجرة أيضا أن تيسر نقل المهارات وأن تسهم في إثراء الثقافات. وتختلف دوافع وأسباب الهجرة الدولية اختلافا واضحا، * الاضطهاد السياسي وانتشار مظاهر الحكم التعسفي في بعض الدول مما أدى إلى هجرة الأفراد إلى الخارج رغبة منهم في الحصول على الحريات التي تعذر الحصول عليها في أوطانهم، وقد ورد هذا السبب ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 14: "لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هربا من الاضطهاد". * قد تكون الهجرة لأسباب سياسية وأساليب استعمارية كهجرة الإيطاليين إلى ليبيا والفرنسيين إلى الجزائر. لم تكن تشكل جريمة في الدول الأوروبية في بداية الثلاثينات إلى أواخر الستينات نظرا لحاجة هذه المجتمعات للأيدي العاملة، ومع أوائل السبعينات شعرت الدول الأوروبية نسبيا بالاكتفاء من الأيدي العاملة، وفيما بعد أصبح وجود المهاجرين على أراضيها يشكل مخاطرة كبيرة، مما استوجب سن قوانين تقلل دخولهم إلى أراضيها لما يشكله تواجدهم من خطر على أمنها واستقرارها، وترسخ بشكل كبير عقب الثورات العربية وما سببته من مشاكل سياسية كبيرة وكثرة اللاجئين في كل الدول الغربية والأوربية فرارا من الاضطرابات في الدول العربية والإفريقية. هي الهجرة غير النظامية أو المنظمة أيضا التي تتم سريا ودون علم السلطات المعنية أو الجهات الرسمية وخارجة عن القانون والأعراف الدولية. إذ أصبحت ظاهرة عالمية تعاني منها الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوربي، أو في الدول الأقل تقدما كدول آسيا ودول الخليج ودول المشرق العربي، إذ أصبحت دولا كالأرجنتين وفنزويلا والمكسيك تشكل قبلة للمهاجرين القادمين من دول مجاورة لها، إذ أن الحدود الموروثة التي أسفر عنها الاستعمار لا تشكل بالنسبة للقبائل المجاورة حواجز عازلة، تتنوع من السياسي والاقتصادي إلى الاجتماعي الثقافي، أ- العامل الاقتصادي: حيث تتسع رقعة الفقر والبطالة في مجتمعات جنوب المتوسط وإفريقيا، ب- العامل السياسي: حيث الاضطرابات التي تضرب الكثير من دول جنوب المتوسط وإفريقيا، وكل هذا بسبب عدم اكتمال إنتاج الدولة المدنية الحديثة التي ترتب سبلا طوعية لانتقال السلطة، وفي المقابل يدرك المهاجرون أنهم ذاهبون إلى بلدان إن وجدوا فيها موطئ قدم ستتغير حياتهم كلية. ج- العامل الاجتماعي: يرتبط بالتهميش المستمر وظاهرة ترييف المدينة، د- العامل النفسي: لا يمكن إنكار دور هذا العامل حيث يلعب سماسرة الهجرة عليه، وينظرون إلى مستقبل بلدانهم بتشاؤم مفرط، ينسحب على نظرتهم إلى الآتي في حياتهم الخاصة. ه- عالم الاتصالات والإعلام الجديدة: حولت هذه الثورة العالم إلى غرفة صغيرة، وجعلت قطاعات عريضة من شباب دول العالم الثالث إلى دراسة أنماط العيش في المجتمعات المتقدمة ومقارنتها بما يكابدونه في بلدانهم، ومن ثم تتزايد داخلهم الرغبة في الهجرة، و- القيود الصارمة على الهجرة الشرعية واللجوء: جعلت القوانين الأوربية بعض الشباب يسلكون الطريق السري للوصول إلى أرض أوربا بأي شكل من الأشكال، كما أن بعض الأوربيين من أرباب العمل باتوا يفضلون المهاجرين غير الشرعيين، ز- عامل الترغيب والدعاية للهجرة غير الشرعية: تتواجد اليوم شبكات عديدة تقوم بالدعاية لها والترغيب فيها، ح- فائض القيمة التاريخي: حيث تراكمت الثروات في أوربا جراء نهب العالم الثالث خلال الحقبة الاستعمارية، مما يدفع إلى التسلل من أجل أن يحمي المتسلل نفسه وذويه، ومن الطبيعي أن يختار المهاجر غير الشرعي دولة تتمتع بمستوى أمن عالي ليتسلل إليها. ويأتي عدم الاستقرار السياسي الذي ساد عدد من الدول سواء العربية أو الإفريقية ليكون عنصرا آخر وراء تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، حيث تفر أعداد كبيرة من المواطنين من بلدانهم بحثا عن الاستقرار وحياة أفضل قد تتحقق في الدول الأوربية. تعتبر الآثار السياسية في مقدمة الآثار التي أصبحت تمثل هاجسا مقلقا لكافة الدول، تؤثر على العلاقات السياسية. تشكل إذن الهجرة غير الشرعية عبئا ثقيلا على دول المصدر وعلى دول العبور ودول الوصول ممثلا فيما يتطلب ذلك من موارد مالية وبشرية أو بما يشكله تدفق هذه الأعداد التي تختلف في طبيعة شخصيتها وثقافتها ومقاصدها من خطر على الأمن السياسي والاجتماعي والاقتصادي. كما يمكن أن تكون وسيلة يسهل توظيفها لأهداف أمنية وسياسية معادية، مما يؤدي إلى دفع العلاقة بين دول المنطقة حالة من التوتر، وتبادل الاتهامات بشأن التهاون في التعامل مع هذه الظاهرة. ولقد كفلت عديد المواثيق الدولية والدساتير الوطنية هذا الحق في التنقل من مكان إلى آخر للإقامة أو العمل أو النزهة أو الفسحة، كما أنه لا يخفى على أحد حاجة المجتمعات المتقدمة اقتصاديا إلى اليد العاملة الوافدة لسببين على الأقل: * أن مواطنيها يستنكفون عن ممارسة بعض أصناف الأعمال التي تعتبر مهينة في نظرهم وماسة باعتبارهم مثل العمل لفائدة الغير أو في مجالات الفلاحة والبناء، * إن اليد العاملة الوطنية غير متوفرة بالعدد المطلوب في بعض الأنشطة. وتجدر الإشارة إلى أن سياسات تشغيل اليد العاملة الوافدة تأخذ بعين الاعتبار أيضا أبعاد أخرى قد تبدو بعيدة، وتبعا لذلك فإن التعاطي مع ملف الهجرة عموما والهجرة السرية خصوصا يغلب عليه المعالجات الأمنية الردعية سواء على مستوى القوانين أو الاتفاقيات الدولية، والحال أنه توجد مساحة أخرى مهملة وهي مساحة معالجة ظاهرة الهجرة السرية من منظور أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان.