المسلحة التي تم خلالها انتهاك حقوق الإنسان على نطاق واسع، سواء بحق المقاتلين أوالمدنيين العزل المتواجدين في مناطق هذه النزاعات،الإرادة الخيرة في هذا العالم جهدًا أو وقتًا، بل سعت بكل قوة وحزم إلى وضع آلياتقانونية تهدف إلى الحد من تلك الانتهاكات التي تنجم عن النزاعات المسلحة.             وبعد الحرب العالمية الأولى،نقطة البداية التي أدت فيما بعد إلى تحريك فكرة إنشاء محكمة جنائية دولية،رفضت عصبة الأمم المتحدة اقتراح البارون دي كمب في عام 1920 بإنشاء محكمة عدل عليادولية تختص بالنظر في جرائم الحرب المرتكبة ضد قانون الشعوب،وهكذا باءت بالفشل في ذلك الحين إحدى محاولات تطبيق العدالةومعاقبة مرتكبي جرائم الحرب وجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية،هيمنة العامل السياسي على العامل الإنساني. ظلت فكرة إيجاد مثل هذهالآليات قائمة، بل كانت محل تفكير وتطوير ومراجعة في صيغة اتفاقيات ومعاهدات توجت بإصدار ميثاق الأمم المتحدة في عام 1945 عقب الحرب العالمية الثانية،والتي كانت تجربة إنسانية قاسية ومريرة بالنظر إلى ما خلفته من خسائر بشرية ومادية                                                       وعلى هذا الأساس، محكمة نورمبرغ على الساحة الأوروبية ومحكمة طوكيو لمحاكمة مجرمي الحرب ودعما لهذا الجهد، قضائية دولية مستقلة ودائمة، وهيالخطوات التي أدت في عام 1998 إلى اعتماد مؤتمر روما لإنشاء  المحكمة الجنائية الدولية.                                                                                      أصدرت الجمعية العامة قرار تضمن تكليف لجنة القانون الدولي بدراسة ما إذاكانت الظروف مهيأة لطرح فكرة إنشاء هيئة قضائية دولية مستقلة، كما نصت المادة  (6)من اتفاقية منع وقمع جريمة إبادة الجنس البشري لعام 1948 على معاقبة مرتكبي هذهالجريمة أمام محكمة جنائية دولية.                                                سعى المجتمع الدولي إلى تطوير نظام جديد لحماية ضحايا النزاعات المسلحة، فكانت اتفاقيات جنيف الأربع التي أقرت في عام 1949 لحماية الجرحى والمرضى والغرقى والأسرى، وعلى وجه الخصوص حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، وهي حماية تشمل منع الاعتقال والتعذيب والمعاملة اللاانسانية وغيرها من الأفعال المماثلة،ثم تبعتها اتفاقية لاهاي لعام 1954 لحماية الأعيان الثقافية، يضاف إلى ذلك مجموعة من الاتفاقيات، منها اتفاقية منع وقمع جريمة الفصل العنصري التي أقرت في عام 1973 والإعلان العالمي الخاص بحماية الأشخاص من الاختفاء ألقسري، الذي صدر في عام 1992. ورغم استمرار المساعي ووجود هذه الترسانة من الصكوك والاتفاقيات، فإن العالم لم يكن في حال أفضل، خاصة في رواندا بين التوتسي والهوتو، مما استدعى تدخل مجلس الأمن لتشكيل محكمتين دوليتين ذات طابع مؤقت في عام 1993 (قراري مجلس الأمن رقم 808 و 827) وعام 1994 (قرار مجلس الأمن رقم 955) لمحاكمة المتهمين بارتكاب هذه الانتهاكات في يوغسلافيا وفي رواندا.ومن هنا كان السعي حثيثًا من دعاة إنفاذ العدالة لإيجاد نظام قضائي دولي وهيئة دولية دائمة لمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، رأى. المجتمع الدولي، في ظل التغيرات التي حدثت على الساحة الدولية خاصة سقوط الاتحاد السوفيتي، فكان تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة فكرة اعتماد نظام أساسي لمحكمة جنائية دولية دائمة في روما في 17يوليو 1998. وقد مثل كل ذلك، من وجهة نظرنا، إنجازًا مؤسسيًا تاريخيًا، لما شكله من أهمية استجوبتها معطيات الحاضر، الذي باتت الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وأعمال الإبادة الجماعية تمثل عنوانًا بارزًا لكثير من أحداثه المؤسفة التي يقترفها أعداء الإنسانية ومجرمو الحرب وصناع الدمار الشامل، والمحكمة الجنائية، بحسب نظامها الأساسي، هي هيئة قضائية جنائية دولية دائمة مستقلة ومكملة للولاية القضائية الوطنية، كانت بعض نصوصه محل انتقاد شديد من العديد من الفقهاء ورجال القانون، حيث أجمعوا على أنها ستشكل أكبر عائق سيواجه المحكمة في أدائها لاختصاصاتها،