توفيق الحكيم بين أهل الكهف ورحلة الغد ومنذا ذلك الوقت حتى اليوم توالى انتاج الحكيم الفكري، وكان من بين مسرحياته الأخيرة قبل اتجاهه إلى مذهب العبث مسرحية رحلة إلى الغد، التي أصدرها بعد أهل الكهف بنحو ثلاثين عاما. والواقع إن هناك صلة قوية بين أول أعمال الحكيم وقد عالج الحكيم فكرة الزمان في هذه المسرحية على أنه من خصائص وحينما بُعث أبطال مسرحية وأهل الكهف من رقدتهم الطويلة التي استمرت ثلاثمائة من السنين وازدادت تسعا وخرجوا إلى الحياة التي كانوا قد غادروها إلى الكهف وجدوا الزمن قد دار دورة ووجود زال ف فقدوا تواز نهم الفكري، ولم يستطيعوا مواجهة الحياة الجديدة فعادوا إلى مع اختلاف واضح ف مدلول كل منهما في أما في رحلة إلى الغد فكلا البطلين مجرم قاتل لفظه المجتمع رفض المستقبل عندهما حبل في عنقها ، أنها خالدان و دون مستقبل ودون حاجة إلى عمل أو حركة ويتضح هذا الدافع في قول السجين الثاني أرفض أن أصير قطعة من المعدن مشحونة وإنماوضعت على نمط مسرحي ل لقراءة ومتعة الذهن دون النظر فيبدو لي أنهم سيؤكدون أن مسرحية و رحلة إلى الغد إنما هذا فقد حرص المؤلف على أن يجعـل ل لعواطف الإنسانية ولو استطاع هذا المخرج أن يتغلب على نقص شخصيات المسرحية في الفصلين الثالث والرابع بالذات ال لذين لا يوجد فيها ومع ذلك كله فإني اعتقد اعتقادا جازما أن العمل الفني في رأهل الكهف وفي رحلة إلى الغد على الأخص لا يمكن فهمه إلا بجهد فكري وعن طريق هذا الجهد وإذا تركنا الفكرة في مسرحية رحلة إلى الغد، وانتقلنا إلى شخوصها وان نعرف كيف رسمها المؤلف وجدنا أنه يرسم شخوصة بروح العالم النفسي الذي يحل ل المنازع ويشرح النفوس ، عن طريق الحوار الذي يجريه على ألسنة هؤلاء على أن المتمعن في شخصية بطلي هذه المسرحية يجد أنها مسوقان من حيث لا يدريان إلى مصيرهما المحتوم دون أن ت تدخل حوادث المسرحية في ويعتمد فن الحكيم في عرضه لفكرة مسرحية رحلة إلى الغد « وغيرها على الزمن . ولكن هناك نقطة هامة في بناء المسرحية وهي أن الكارثة التي واجهها الإنسان مثلا في بطلي المسرحية في ذلك الكوكب المجهول عن نفسها التي واجهته بعد العودة من الكوكب إلى الأرض ، ثم اختلاف إحساسها بكونها التين بفعل تأثير الفتاتين فحسب . دون أن يكون التطور فكرة المسرحية نفسها أدن أثر. فالخاتمة تشير إلى أن الإنسان قبل الحياة أي قبل أن يكون آلة تأكل وتشرب ويمتد بها العمر ، ملاحظاتنا العامة على مسرحية » رحلة إلى الغد ، وهذه في الواقع ليست المرة الأولى التي يصدر فيهـا مثل هذا الاتهام ، فقديما اتهم الحكيم بأن لمسرحيته و أهل الكهف أصلا في الآداب الأوروبية اقتبسها منه والواقع إن القاء مثل هذا الاتهام جزافا أمر يتسم بالخطورة والتسرع في آن واحد فكل فنان في أي عصر وفي أي مكان له أن يستعين بأفكار غيره وانطباعات سواء ، لأن ذلك كله ملك مشاع ومادة عامة ل لفن بصورة شاملة . ومالم يكن الأمر على هذه الصورة من التفصيل فليس هناك سرقة على الإطلاق. ومع ذلك فقد حاول بعض النقاد المتسرعين السطحي ين م من نجدهم في كل أدب وفي كل عصر - إلقاء التهم هنا وهناك ، فالاحتذاء إذن أو التحوير الفني هو أساس الفنون جميعا ، وكل ذلك يعتمد على حقيقة واحدة وهي ليس إلا حلقة من سلسلة المبدعين . وإنما يأخذون أصلهم من القدیم أن الفنان ومن هذا كله يتضح لنا أن كاتبا أو شاعرأ أو أي فنان بوجه عام ، لا يمكنه أن يدعي فكرة أو معنى لنفسه ، بسبب مشابهة عارضة بين بعض انتـاجه وبين أثر أوروبي أو أكثر ، فالاحتذاء الفني إذا كــان الحكيم يأخذ به حق طبيعي لـه ولكل فنان ، وهو عودة إلى جهل بعض النقاد العرب الأقدمين بطبيعة الفن والخلق الفني ووصمهم جميع الشعراء والكتاب بالسرقة ، مع أن العصر الذي كانت فيه مثل هذه الأوهام قد مضى منذ أكثر من ألف عام ولست أشك بعد ذلك كله أن مسرحية رحلة إلى الغد « تمثل مرحلة جديدة في فن توفيق الحيكم ، ويقينا أنها لا بد أن تلقى من القراء ما هي أهل له من تقدير ، كما ينالون منها من متعة الحوار وطرافة الفكرة وجمال الأداء الشيء الكثير ولسنا في حاجة إلى محاولة تأصيله كعادة بعض الباحثين استلهاما من التراث ، وإن كان نابليون حرص على أن يمتد أثر المسرح للشعب المصري ، . برسالة إلى خليفته وهو عبارة عن محل يجتمعون به كل عشر ليال ليلة واحـدة ، يلعبها بقصد التسلي والملاهي ،