أولا: الانحراف العقدي: وهي من باب العقوبة على الذنب بالمصيبة. ويدل على ذلك قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ [ الرعد:11]، وقوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ [ الأنفال:53]، والقابلية للمبادئ المنحرفة حصلت في الأمة الإسلامية بعد التغيير والتبديل في العقائد والتصورات. ولبيان حقيقة الانحراف العقدي في الحياة الإسلامية العامة، فإنه يجدر بنا توضيحه من خلال النقاط التالية: أ- الفرق الباطنية المنحرفة وآثارها: الباطنية : اسم عامل يدخل تحته عدد كبير من الفرق الكافرة في الحقيقة مع بقاء انتسابها للإسلام في الظاهر، وليس المقصود هنا بيان عقائدهم على التفصيل، ولكن المقصود بيان آثار هذه الفرق على المجتمع الإسلامي، 1- إشاعة العقائد الكفرية بين المسلمين، وإلصاق هذه العقائد بالإسلام، فهذه الفرق لا تدعي أنها أديان مستقلة عن دين الإسلام، بل يدعي أصحابها أنهم مسلمون مع المناقضة التامة بين عقائدهم وبين الإسلام. وقد كان لهم دول وحكومات وحركات وجماعات، وأشغلوا الدول الإسلامية بمقاومتهم ورد كيدهم. 3- التعاون مع اليهود والنصارى للكيد بالمسلمين ؛ وقد كان لهم دور خبيث في إعانة الاستعمار ومساعدته في الاستيلاء على بلاد المسلمين. فمسألة الإيمان أهم مسألة عقدية لأنها أصل الدين وأساسه، وتعود مصادره إلى نساك الهنود والفلسفة اليونانية الإشراقية، ولا شك أن التصوف بصورته الراهنة ليس له علاقة بالزهاد والعباد الأوائل، بل هو بعيد كل البعد عن عقيدة الإسلام وسلوكه. ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وتهوين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دعم القوى الاستعمارية الأجنبية، وهذا الدعم لا تكاد تخطؤه العين, ولهذا وقفت الدولة العثمانية موقفا سلبيا من دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، لأن علماء الدولة يعتمدون اعتمادا كاملا على المذهب الحنفي، وهو من أقوى المذاهب منعا للاجتهاد وأكثرها تعصبا، وأبعدها عن الواقعية لكثرة الافتراضات فيه، وقد زاد الأمر سوءا اعتمادهم على المذهب الماتريدي الكلامي في العقيدة، و على التصوف الغالي في السلوك. والتصوف) أحكمت غلق الباب في إمكانية عمل تجديدي من داخل المشيخة العلمية والسلطة السياسية في الدولة العثمانية. رابعا: القوى الاستعمارية: تعود العداوة العميقة بين أوربا النصرانية والبلاد الإسلامية إلى الاختلاف الديني، يقول تعالى: وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [ البقرة:120]، وهذا ما يفسر التعامل الصليبي لأوروبا مع البلاد الإسلامية مع أنها دول علمانية مادية ملحدة. وقد كانت البدايات الأولى للاستعمار في حركة الكشوف الجغرافية التي لبست ثوب العلم والاكتشاف، ورافق ذلك الحملة العسكرية التي تهدف إلى تصفية الوجود الإسلامي في الأندلس. وقد انطلقت طلائع الاستعمار من روح صليبية حاقدة على الإسلام. ويمكن الإشارة إلى: إلغاء الحكم بالشريعة الإسلامية، واستبدال القوانين الوضعية بها، وبناء المدارس الأجنبية، القيام بإبراز الطوائف والمذاهب غير الإسلامية، وتوليتهم على المسلمين، وقد تم ذلك من خلال البعثات التعليمية،