تشهد منطقة القرن الإفريقي التي تعد واحدة من أكثر المناطق استراتيجية في العالم تحركات مصرية مكثفة تهدف إلى تعزيز النفوذ السياسي والاقتصادي والأمني للقاهرة فيها. من زيارات دبلوماسية رفيعة المستوى إلى نشر قوات عسكرية في الصومال تبرز مصر كلاعب رئيسي في منطقة القرن الإفريقي، مستفيدة من موقعها الجغرافي على البحر الأحمر وعلاقاتها التاريخية مع الدول الأفريقية، وهي تحركات تأتي في سياق معقد يتضمن توترات إقليمية مثل أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، إلى جانب التحديات الأمنية في الصومال والملاحة في البحر الأحمر. وشهدت الفترة الأخيرة زيارات واتصالات مكثفة لقادة دول القرن الإفريقي إلى القاهرة، إلى جانب تحركات القاهرة النشطة في جيبوتي والصومال وأوغندا، وكشف رئيس الوزراء المصري مدبولي عن سر التحركات المصرية المكثفة في منطقة القرن الإفريقي، وفي القلب منها دولة جيبوتي باعتبارها دولة هامة في منطقة القرن الإفريقي ومحورية بفضل موقعها على مدخل البحر الأحمر، وتشهد المنطقة تنافسًا دوليًا وإقليميًا مكثفًا، مع وجود قواعد عسكرية لدول مثل الولايات المتحدة والصين وتركيا في جيبوتي، الذي يتعامل مع 95% من التجارة الإثيوبية مما يمنح القاهرة نفوذًا استراتيجيًا في مواجهة أديس أبابا. وتناول مدبولي الزيارة الهامة التي قام بها رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة، مؤكدًا على التنسيق المستمر بين القاهرة والخرطوم لدعم استقرار السودان في ظل الأزمة الحالية، وكذلك زيارة رئيس أنجولا جواو لورينسو الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي إلى مصر والتي هدفت إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع دول القارة، كل تلك التحركات تؤكد اهتمام مصر الكبير بمنطقة القرن الإفريقي. تأتي التحركات المصرية في سياق التوترات مع إثيوبيا حول سد النهضة، حيث سعت القاهرة إلى تعزيز تحالفاتها مع دول المنطقة مثل جيبوتي والصومال لمواجهة النفوذ الإثيوبي، خاصة بعد توقيع إثيوبيا اتفاقية مع إقليم صوماليلاند المتمرد للوصول إلى ميناء بربرة وهو ما أثار غضب الصومال، ودعت مصر بالتعاون مع دول مثل الصومال وجيبوتي إلى جهود دولية لتأمين الملاحة في المنطقة.