بل هو التفتيش الذاتي الذي يجعل كل حركات الإنسان وسكناته تحت دائرة الرقابة الربانية، وحينئذ فلا بدّ أن تعبِّر أفعال الإنسان وتصرفاته عن تقوى الله ومراعاة تعاليمه السماوية ومرضاته، ولا بد أن يتجنّب فعل السوء وارتكاب القبائح في مثل هذه الحال، وعلمه بإطلاع الخالق عليه سراً وعلانية. أكثر الناس رقابة ذاتية لسلوكهم وممارساتهم، وهم في عملية مراجعة وحسابات مستمرة. يقول تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ" "الأعراف/ 201". لا يحتاجون إلى رقيب آدمي؛ لأنّهم ملتزمون سلفاً بكل ما يرضي الإله ولا يسخطه، فهذه الرقابة تغطّي كل الحياة الإنسانية، فليس هناك حياة عامة تحكمها القوانين وحياة خاصة متمردة لا تحكمها القوانين، كما هو حاصل في البلدان الغربية المتهافتة. محكومة بالمسؤولية والرقابة من الله، لأنّ الحرِّية في ظل الشريعة الإسلامية هي حرِّية مسؤولة واعية، تتحقق ضمن نطاق الأخلاق والقيم النبيلة، بيد أنّ المؤمن يضع تقوى الله في حسابه عند كل تحرّك أو موقف،