يعد هذا الكتاب من دون مبالغة من تلك النوعية من الكتب التي تسمى وفق المصطلح الغربي قصصا كبيرة. إذ يعرض الكتاب بين سطوره لقصة الحضارة الغربية برمتها، التكنولوجي، وفي صميمه تكنولوجيا الاتصالات والوسائط. ويعرض الكتاب، بصفته هذه لقصة الوسائط ووسائل الاتصال على طولها منذ اخترع غتنبرغ الطباعة، وما قبلها، إلى آخر ابتكارات عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وعالم الوسائط، مرورا حتى بوسائل النقل المادي، إذ أثر على نفسه ألا يترك شيئا، وجاء مع ذلك كتابا جديرا بالقراءة عميقا في الفكر والمعالجة. وهي قصة تتخللها السياسة والدين والاقتصاد والاجتماع والفلسفة والتعليم وعلم النفس والفن. إلخ، إلى جانب التكنولوجيا والتاريخ بالطبع. يفند الكتاب بين سطوره كل المفاهيم والنظريات التي راجت عالميا وعربيا ، بالطبع، ومن أهمها «مجتمع المعلومات» و «عصر التكنولوجيا»، و«الانفجار «المعلوماتي» و«ثورة الاتصالات» بردها إلى السياقات التي نشأت فيها . على أن الكتاب - إلى جانب تفنيده لرؤى ونظرات كثير من المفكرين - يستبعد فكرة «الثورة» من عالم الوسائط وتكنولوجيا الاتصال من قبيل الثورة التكنولوجية أو ثورة الاتصالات، ويؤكد بدلا من ذلك التطور التدريجي والتراكمي وتداخل التأثيرات بين الوسائط بأنواعها المختلفة وغيرها من العوامل الاجتماعية في صناعة ما آل إليه العالم المعاصر، وتلك هي الرسالة العامة للكتاب - وضع الوسائط في التاريخ، ووضع التاريخ في الوسائط. إن التناول التاريخي والاجتماعي للوسائط وتكنولوجيا الاتصالات، فضلا عن ذلك، يمثل أهمية كبيرة، ليس للمشتغلين بهذه الفروع وطالبي المعرفة فحسب،