‎تطور السرقات الأدبية (۸) بل إن السرقة الأدبية كانت أكثر شيوعا في العصور القديمة منها في العصر الحديث لعدم وجود ‎قوانين تحفظ حقوق التأليف و النشر إذ ذاك. فابن سلام الجمحي يقول :" كان قراد بن حنش من شعراء غطفان، و كانت شعراء غطفان تغير على شعره فتأخذه و تدعيه" (۹) ‎وقد ذكر الرواة أن بيت امرئ القيس : ‎وقوفا بها صحبي علي مطيهم يقولون لا تهلك أسى و تجلد ‎قد أخذه طرفة فقال: ‎وقوفا بها صحبي علي مطيهم يقولون لا تهلك أسى و تجلد ‎بل إن الرواة ذكروا أن كثيرا من أبيات امرئ القيس قد اغتصبها الشعراء الذين أتوا من بعده وفيهم جاهليون. بل لم يسلم امرؤ القيس نفسه من تهمة السرقة، فابن رشيق يقول : "و" كان امرؤ القيس يتوكأ عليه يقصد أبا دؤاد الإيادي - و يروي شعره (١٠) ويمكن ردها إلى أنواع ‎ثلاثة: ‎الثاني : سرقات الشعراء من امرئ القيس. ‎الثالث: سرقات ترجع أسبابها إلى اختلاف رواية الشعر . ‎أما في عصر صدر الإسلام فقد أصبحت السرقات أكثر شيوعا مما كانت عليه في العصر الجاهلي. وقد عرض ابن قتيبة في كتابه الشعر والشعراء" لسرقات بعض المخضرمين من الجاهليين أو من معاصريهم. فهو يذكر أن النابغة الجعدي أخذ من امرئ القيس والنابغة الذبياني، وأن الحطيئة أخذ من النابغة وأبي دؤاد الإيادي، وأن ابن مقبل أخذ من الحطيئة وعدي بن زيد العبادي والنابغة الجعدي. كذلك أخذ الشماخ من امرئ القيس و المسيب بن علس، و ربيعة بن مقروم الضبي من ‎النابغة، وكعب بن زهير و النجاشي من امرئ القيس ‎وفي العصر الأموي حدث تطور كبير في الحياة العربية بسبب تعدد البيئات وتغير الأوضاع السياسية والاجتماعية وتجدد العصبيات وظهور الانقسامات وكل هذه الأمور كانت تشد الشعراء إليها وتدعوهم إلى القول، ‎وبهذا كثر الشعر والشعراء في هذا العصر. ‎ونتيجة لذلك أخذت ظاهرة السرقات التي نشأت في العصر الجاهلي تتنوع ويتسع مجالها،