والقيود التي ترد على ممارسة حقوقه في الظروف العادية، وما يمكن للدولة أن تفرضه على ممارسة حقوقه من قيود في الظروف الاستثنائية وشروط تطبيقها وضوابطها على النحو التالي: المطلب الأول واجبات الإنسان : لا شك أن الإنسان كائن اجتماعي يتمتع بحقوقه الإنسانية ويمارسها داخل جماعة، وبهذه الصفة خاطبته المواثيق الدولية التي تشكل ما يسمى بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان، حيث يوجه ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدان الدوليان خطاب هذه الشرعة للدول وللفرد في نفس الوقت. كما خاطبته المواثيق الإقليمية العامة لحقوق الإنسان بهذه الصفة، حيث أكدت أن على كل إنسان واجبات إزاء مجتمعه . فالخطاب باحترام حقوق الإنسان موجه في المقام الأول للدول باعتبارها صاحبة السلطة، ومحتكرة القوة في مواجهة الفرد والمنوطة بحماية حقوق الإنسان من الاعتداء عليها، ولأن التجارب أثبتت أن بعض الحكومات هي المتهمة بإساءة استخدام السلطة وانتهاك حقوق الأفراد، فإن المواثيق الدولية والدساتير الوطنية توجه خطابها دائما إلى الحكومات لاحترام حقوق الإنسان وعلم الاعتداء عليها، ونظرا لكون سيادة احترام حقوق الإنسان في المجتمع لا تتوقف على الدولة فقط وإنما تحتاج إلى جهود مشتركة بين الأفراد والحكومة، فليس الفرد متلقيا للحقوق فقط وإنما هو مخاطب أيضا بواجبات إزاء حقوق الآخرين وحرياتهم. ثم هو يتلقى منها أيضا واجبات تلقى عليه بهذه الصفة الإنسانية وبروحها التي تملي عليه احترام حقوق وحريات الآخرين كما وردت في الشرعة الدولية. وبهذه الصفة فرضت عليه (م۲۹) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واجبات إزاء هذه الجماعة، حيث نصت على أنه: (١) على كل فرد واجبات إزاء الجماعة التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النمو الحر الكامل. . كما يظهر ذلك واضحا في ديباجة كل من العهدين الدوليين التي تتكون من خمس فقرات تتجه أربع منها بالخطاب والالتزام إلى الدول، ثم تتجه الفقرة الخامسة بخطابها إلى الفرد ملقية عليه واجبات إزاء الأفراد الآخرين والجماعة التي ينتمي إليها من أجل سيادة وشمول احترام حقوق الإنسان في المجتمع. وفي ذلك تقول الفقرة الخامسة من ديباجة كل من العهدين الدوليين: (إن) الدول الأطراف في هذا العهد: إذ تدرك أن على الفرد الذي تترتب عليه واجبات ازاء الأفراد الآخرين وإزاء الجماعة التي ينتمي إليها، فإذا كان القانون موجه لحماية حقوق الإنسان، فإن قيام الأفراد بواجباتهم في الجماعة عامل هام في سيادة احترام حقوق الإنسان في المجتمع، ومن هنا تأتي أهمية توعية أفراد المجتمع بأهمية توازن الحقوق والواجبات في المجالات المختلفة. وباستقراء أحكام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان يتبين أن أهم واجبات الفرد تجا الآخرين تتمثل فيما يلي: -احترام كرامة الآخرين. -الامتناع عن الدعوة إلى الفتنة الطائفية أو العنصرية. فكل حق مقرر للإنسان يقابله واجب على آخر تجاهه. ولذا فقد نوه المجلس الإسلامي العالمي في البيان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام بأنه اكتفى باستخدام لفظ " حقوق " ولم يستخدم معه لفظ " واجبات " لأن كل ما هو " حق " لفرد هو " واجب " على آخر (حق الرعية - واجب على الراعي، و مادامت حقوق الإنسان في الإسلام شاملة جميع الأفراد، على اختلاف مواقعهم وعلاقاتهم فقد أصبح ما هو " الحق " من وجه هو " الواجب " من وجه آخر ! المطلب الثاني القيود التي ترد على ممارسة حقوق الإنسان وشروط تطبيقها الأصل أن الإنسان يمارس حقوقه الإنسانية في توافق مع المجتمع الذي يعيش فيه، إذ أن حقوق الفرد تتداخل في نسيج حقوق المجتمع توصلا إلى توفير مجتمع الأمن والسلام والرخاء للجميع. وهو ما أقرته المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والشريعة الإسلامية وفقا الضوابط معينة، وذلك على التفصيل التالي: الفرع الأول القيود في الظروف الاستثنائية (حالة الطوارئ الطوارئ تعني حالة الطوارئ وجود موقف ينطوي على أزمة أو حالة استثنائية تؤثر على وتشكل تهديدا للحياة المنظمة جميع السكان - وليس فقط على مجموعات معينة -، ضروري تكون عامة وتتفق المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والدساتير والأنظمة الوطنية على أن تقرير حالة الطوارئ يخول الدولة وضع قيود وحدود على ممارسة بعض حقوق الإنسان (١٨٤). انهيار أو احتمال انهيار الاقتصاد. فيكون لها أن تقيد أو تصادر أو لا تلتزم بحقوق الإنسان كما وردت في العهد، المتحدة، بأحكام العهد التي لم تتقيد بها والأسباب التي دفعتها إلى ذلك، صادر عن محكمة مختصة، -منح المحكوم عليه بالإعدام فرصة لإعادة النظر في الحكم بالتماس العفو أو إبدال العقوبة في جميع الحالات. ٢-حظر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية والمهينة. ٦- الاعتراف بالشخصية القانونية. ٧- حرية الفكر والعقيدة والدين. وعليه، الفرع الثاني القيود في الظروف العادية تهدف هذه القيود إلى إقامة توازن معقول بين حقوق الفرد وحرياته وبين حقوق الجماعة ومصالحها، لبعض القيود وفقا لشروط معينة حددها بما يلي (۱۸۷) : أن تستهدف هذه القيود حصرا ضمان الاعتراف بحقوق الآخرين واحترامها، والوفاء بمقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاهية الجميع في مجتمع ديمقراطي. وإنما هي محاطة باشتراطات هامة، أن تكون لازمة لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو السلامة العامة أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ألا يكون من شأنها أن تخل بالضمانات الواردة في المواثيق الدولية (۱۸۸). ونظرا لكون هذه القيود مفروضة بالقانون وباشتراطات عامة، ولعل أهم الحقوق التي أجاز العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تقييدها بالشروط المشار إليها يتمثل فيما يلي (١١٠): ان الحق في حرية التنقل والإقامة والمغادرة. الحرية في إظهار الدين أو المعتقد. ه الحق في حرية تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات والانضمام إليها. شريطة أن تحدد هذه القيود بنص القانون، وأن تشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم، وقد سارت المواثيق الإقليمية العامة على نفس النهج، حيث أجازت فرض القيود على ممارسة بعض حقوق الإنسان في الظروف العادية، وفقا لاشتراطات معينة تحد من تعسف السلطة وافتئاتها على حقوق الإنسان وتحقق المصلحة العامة (١١٢). ويحفظ النظام العام والآداب العامة. ويرضي الله سبحانه وتعالى؛ والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، (ج) تحقيقا لحماية المجتمع الإسلامي بأكمله وحفظ الدين من الاجتراء عليه، أو تطاول عليه، أو المساس بحرماته، ب) حرص الإسلام على ألا يكون هناك سبيل لغير المسلم على المسلم في مجالات ممارسة الحرية الدينية، وذلك بتحريم زواج المسلمة بغير المسلم وتحريم زواج المسلم بالمشركة – غير الكتابية - (١٩٥). ويتضح هذا القيد بالنظر إلى منح النظم الوضعية الرجل والمرأة حق الزواج دونما أي قيد أو شرط يتعلق بالدين، وفقا لما ورد بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (م ١/١٦) وغيره من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان (١١٦)، ج) حرم الإسلام الخروج عن هديه والرجوع عنه بالارتداد إلى غيره من الديانات . السماوية أو غير السماوية - سواء أكان مسلما أصليا أم انضم إلى جماعة المسلمين بعد أن كان كتابيا أو مشركا فيطبق عليه في الحالين حد الردة (۱۹۷). ويتضح هذا القيد بالنظر إلى منح النظم الوضعية الإنسان الحق في تغيير دينه، ولذا فقد تحفظت بعض الدول الإسلامية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية على هذه المادة من الإعلان. (ج) أوجب الإسلام في حق الملكية قدرا معينا لمصلحة الجماعة يتمثل في الزكاة والنفقات الشرعية (٢٠٠).