ولد هيرودوت حوالي العام 484ق. م. في إحدى مدن كاريا في فارس وهي إحدى المقاطعات الفارسية، وقد اضطر هيرودوت منذ صغره إلى ترك وطنه بسبب االضطرابات السياسية فحل في "تسورى" في اليونان وتوفي في بداية حرب " البلوبونيز" سنة 404-431ق. م. كتابا القراءة محكم األسلوب متميزاً بالسهولة والتلقائية وقوة ً يعتبر هيرودوت أول من وضع سهل اإلقناع. عصره وقد تضمن الكتاب وصف الحروب التي وقعت بين آسيا واليونان منذ ملك ليديا )كروسوس( حنى زمن الملك )كسركسيس Xerexes )ونهاية الحروب الفارسية. ولقد ق سم علماء اإلسكندرية مصنف هيرودوت إلى تسعة كتب أطلقوا على كل منها إحدى آلهات الشعر غير أن هيرودوت عندما أشار إلى مصنفه لم يشر إلى أي كتاب بل أطلق عليه اسم التاريخ وهذا الكتاب يظهر لنا منهج هيرودوت التاريخي فيما قاله هو نفسه في المقدمة حيث قال : -1 "الذي تعلمه هيرودوت عن طريق البحث تجده هنا ماثال بين يديك وذلك حتى ال تنطمس ذكرى الماضي في أذهان الرجال على مر األيام وحتى ال تفتقر تلك األعمال العظيمة الرائعة التي اضطلع بها اليونانيون واألجانب )أي البرابرة( وخاصة أسباب نشوب الحرب بينهم إلى من يظهرها للمأل". ويعتبر هيرودوت أول من بحث التاريخ )Historia )أي أول من حقق التاريخ بينما كان التاريخ قبله بمثابة تسجيل األخبار (Logographia (ويظهر الكتاب مدى موضوعية هيرودوت عندما يتحدث عن أعداء اليونانيين من األجانب البرابرة فيصف أعمالهم العظيمة الرائعة على غرار أعمال اليونانيين، وهو لم لعنصريته. ولقد استطاع هيرودوت أن يكون علمياً عندما ً يتحامل عليهم لشعوره اليوناني اعتمد في كتابه على عدد من المصادر وعلى مشاهداته في اليونان وبرقة وصور ورحالته الخاصة إلى أوروبا وآسية وليبيا. وعندما تحدث عن الصراع بين اليونان و الفرس فإنه لم يجد غضاضة من أن يذكر آراء وروايات الفرس واليونان والفينيقيين رغم تناقضها واختالفها. وكان منهج هيرودوت يقوم على النقد والتمحيص ونكران الكهانة ثم كان يروي الحوادث نقال عن عدد من المصادر، أو نقال عن أشخاص ويرويها بعدة تفصيالت دون أن يؤيد واحدة منها دون األخرى ويترك للقارئ التمييز بين الصحيح أو المشوه، وحتى ال يؤثر على قارئه فهو لم يصدر حكمه الشخصي بترجيح رواية على رواية وقد استطاع هيرودوت بواسطة النقاش والتحليل أن ينقل للقارئ من الرأي إلى العلم اليقيني، وهو بذلك استطاع أن يصل إلى المعرفة الحقيقية إلى حد بعيد. -2 اعتمدت كتابات هيرودوت في جزء منها على أقوال عدد من شهود العيان والمعاصرين. وكان هيرودوت حريصا على االتصال بمثل هؤالء لما يملكونه من معلومات وذكريات، غير أن قدرته كمؤرخ وباحث لم تكن تقتصر على جمع المعلومات وتدوينها من هذا أو ذاك وإنما قدرته ودقته في البحث جعلته ال يكتفي ينقلها إلى القارئ. -3 تضمن كتاب هيرودوت بعض األساطير والخرافات الشعبية واليونانية والشرقية ويبدو في ذلك متشابهاً مع الرحالة الذين جاؤوا من بعده بقرون عديدة أمثال )ماركوبولو( في النصف الثاني من القرن 13م. وابن بطوطة في النصف الثاني من القرن 14م. الناس بينما المعلومات المستقاة من رحالته ومشاهداته فإنها تتميز بالكفاءة والجدية . -4 رأى هيرودوت أن التاريخ دراسة اجتماعية تتميز عن دراسة األساطير أو أساطير الحكومات اإللهية وأن هدفه إبراز الجانب العقلي الذي يسيطر على نشاط اإلنسان ومعنى ذلك أن التاريخ يكشف عن أعمال اإلنسان وعن السبب الذي من أجله أقدم الناس على هذه الجهود. إن هيرودوت ال يقف عند مجرد التفكير في األحداث وإنما يخضع دراسة هذه األحداث للتقدير اإلنساني البحت بوصفها أحداثا إنسانية لها ما باً يبررها أو يبرر ال ن المؤرخ مختص قيام بها علما ببحث هذه األسباب والمبررات . ً -5 اعتمد هيرودوت في كتابة تاريخه على النثر وكان بسيطاً كل البساطة ورغم بساطته فقد كان جدياً كل الجد. وبالرغم من المعلومات المشوشة التي أوردهما عن تاريخ مصر غير أن قيمتها تزداد عندما يتناول تاريخ األسرة 26 من الفراعنة وتفصيالت عبادة الحيوان، هذا مع العلم أن أسلوبه يتميز باألسلوب الملحمي االستطرادي.