كما أن مؤلفات أبو القاسم الزهراوي في "الفسيولوجيا" كانت مصدر إلهام الجراحين الأوروبيين حتى القرن الخامس عشر. وبالمثل ترجم كتاب "الكليات " في الطب لابن رشد سنة 1490م. وكان لاهتمام المسلمين بالصحة العامة انطلاقًا من حوافز دينية أثره في تأسيس البيمارستانا والمصحات الأوروبية. وفي لك يقول جوستاف لوبون: "إن نظم المستشفيات العربية من وجهة النظر الصحيحة وجد طريقها إلى مدرسة سالرنو أعظم مدرسة للطب اهتمت بالقواعد الصحية". يذكر الأستاذ "حيدر بامات " أن فلكي أوروبا اطلعوا على كتابات مسلمة المجريطي وعمر بن خلدون وابن رشد في الفلك وأفادوا منها إيما إفادة. مثال ذلك أن "الجداول الفلكية" المعروفة باسم "الجداول الألفونسية" – نسبة إلى الفونس العاشر – نقلت عن مصنفات عربية في هذا الميدان. عرفت أوروبا نظام الأعداد الحسابية عن المسلمين. وحسبنا أن نذكر أن تسمية علم الجبر "Algebra"مشتقة من اسم الرياضي المسلم "الخوارزمي". واعترف المصنفون من المستشرقين بريادة علماء الإسلام في الرياضيات للعلماء الأوروبيين المحدثين في الكثير من النظريات التي توصل إليها مثل نظريات "كوبرنيقوس". كما أن نصر الدين الطوسي سبق "ريمان" في إثبات أخطاء الهندسة الإقليدسية. ويعترف الأستاذ "تشارلس" بأن الحسن بن الهيثم هو مؤسس علم البصريات ، مما يؤكد طول باع علماء الإسلام في الفيزياء. وأن كتاباته هي التي ألهمت "روجر بيكون" و "كبار" صنع الميكروسكوب والتلسكوب. كما اعترف الأوروبيون بأن المسلمين هم الذين وضعوا أصول علم الكيمياء. وحسبنا أن أسماء بعض المصطلحات الكيميائية العربية مثل الكحول والأنبيث والقلوي لا تزال معروفة في معاجم الكيمياء الأوروبية. وأثبتت الأبحاث أن المسلمين هم أول من اخترع "البارود" ووظفوه في صناعة قاذفات اللهب. هكذا يتضح في جلاء دور الحضارة الإسلامية في حضارة الغرب المسيحي، ذلك الدور الذي يدل عليه الأصول العربية للكثير من المصطلحات العلمية في اللغات الأوروبية الحديثة سواء في جوانب الحضارة المادية من صناعة وتجارة وفلاحة أو في الجوانب الفكرية والعلمية والأدبية والفنية.