واستوحش القلب بالدنيا وبأهلها، قال الله تعالى: [فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الزمر: 22] وعن قتادةَ -رضي الله عنه- في قوله: "فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ): "قالوا: يا رسول الله؛ والإنابة إلى دار الخلود، [أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر]. لقد امتنَّ الله على نبيه –صلى الله عليه وسلم- فقال له :[أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) [ فشرحَ صدرَهُ ويسَّرَ أمرَهُ، ومن لم يشرح الله صدره فلن ييسرَ أمرَهُ، ولقد أعطى الله نبيه –عليه الصلاة والسلام- القرآنَ وجعله شفاءً لأمراض الصدور. وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "إن العسل فيه شفاء من كل داء، ومعلوم أنَّ محبة الناس وأُلفتهم ومحبتهم سبب لانشراح الصدر، فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن يألف، لقد وصف النبيُّ –صلى الله عليه وسلم- المسلمَ بأوصاف تدل على انشراح صدره، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أَنَّ رسولَ الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمِنُ غِرّ كريم، [أخرجه أبو داود ، وإنما جعل المؤمن غرًّا نسبة له إلى سلامة الصدر، فكأنه لم يجرب بواطن الأمور، ولم يطلع على دخائل الصدور، ولذلك قابل به "الغر"؛ وشحنَ صدورهم فَقَدْ قِيلَ: "مَنْ أَوْغَرْت صَدْرَهُ اسْتَدْعَيْت شَرَّهُ، فَأَعْظِمْ بِهَا مِنْحَةً أَنْ يَصِيرَ عَدُوُّك لَك رَاحِمًا"، ومن أراد راحة النفس فليحب الخير للمؤمنين، قال ابن تيمة –رحمه الله-: " إنَّ القلب السليم هو الذي يعرف الخير، وسئل ابن سيرين -رحمه الله تعالى-: "ما القلب السليم ؟ فقال: الناصح لله في خلقه". إنَّ سببَ شرحِ الصدور ترك الغيبة، قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا تحاسدوا، أحقُّ الناس بعد العلماء بسلامة الصدور طلاب العلم، فلا بد من أنْ يُربي نفسه على سلامة الصدر، قال: ربيعة "إياكم والمزاح فإنه يفسد المودة ويغل الصدر" وإنَّ من أعظم أسباب شرح الصدور: الإخلاص لله فلو أخلص الناس في كل أعمالهم وتعاملاتهم؛ كما صح بذلك الخبر عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم، قال كسرى لوزيره: ما الكرم؟ قال: التغافل عن الزلل. قال: فما اللؤم؟ قال: الاستقصاء على الضعيف والتجاوز عن الشديد. قال: فما الحيا؟ قال الكف عن الخنا. فإذا وقر الإيمان في قلبه دخل الجنة بسلام، سُئل عبدالله بن سلام -رضي الله عنه- أخبرنا بأوثق عملك في نفسك؟ قال: "إن عملي لضعيف، وإنَّ من أسباب شرح الصدور: حب المؤمنين، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"[رواه البخاري ومسلم]. قال الفضيل: " لم يدرك عندنا من أدرك بكثرة صيام ولا صلاة،