فإنه في حال من انفتاح ما كان يخشاه النبي ﷺ على أمته في قوله عليه الصلاة والسلام: (أبشروا وأملوا ما يسركم، وتهلككم كما أهلكتهم). وانفتاح العالم بعضه على بعض، وداهمت الأعاجم العرب، في أسباب تمور بالمسلمين مورًا، * الأولى: كسر حاجز (الولاء والبراء) بين المسلم والكافر، وهو ما يسمى في التركيب المولَّد باسم: (الحاجز النفسي)، ويسقط المسلم بلا ثمن في أيديهم وتحت لواء حزبياتهم، والشأن هنا في تذكير المسلم بالأسباب الشرعية الواقعية من "المد البدعي، والوعاء الشامل لهذه الذكرى": القيام بواجب الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، ومن أبرز معالم التميز العقدي فيها، وبالغ الحفاوة بالسنة والاعتصام بها، وحفظ بيضة الإسلام عما يدنسها: نصب عامل "الولاء والبراء" فيها، ونهوا فلم ينتهوا، إعمالًا لاستصلاحهم وهدايتهم وأوبتهم بعد غربتهم في مهاوي البدع والضياع، وتشييدًا للحاجز بين السنة والبدعة، وحاجز النفرة بين السني والبدعي، ليبقى الظهور للسنن صافية من الكدر، نقية من علائق الأهواء وشوائب البدع، جارية على منهاج النبوة وقفو الأثر، وشأنه عظيم، وهو رأس في واجبات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأصل من أصول الاعتقاد بدلالة الكتاب والسنة والإجماع، ولهذا تراه بارز المعالم في كتب الاعتقاد السلفي "اعتقاد أهل السنة والجماعة". الذي هو (أصل الدين) وعليه تدور رحى العبودية. وهذه العقوبات الشرعية التي كان يتعامل بها السلف مع أهل البدع والأهواء، والصلاة خلفهم وعليهم، وعدم توليتهم مناصب العدالة كالإمامة والقضاء، والتحذير منهم ومن بدعهم وتعزيرهم بالهجر، تحت العوامل المذكورة في صدر هذه المقدمة، ونشرًا لها بضوابطها الشرعية التي تحفظ للمبتدع كرامته مسلمًا، والبهاء. وهذا واجب باتفاق المسلمين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بيان وجوب النصح لصالح الإسلام والمسلمين: أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، هذا أفضل، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعًا، هذا وما سيمر نظرك عليه في هذه الرسالة، فإنه ينتظم في جملته: أحكام الهجر الشرعي للكافر والمبتدع الضال ببدعته والعاصي المجاهر بمعصيته، لأن ضرره أعظم وخطره أشد،