وَكانَ لِهذِهِ المَزْرَعَةِ حارِسٌ صَبيٌّ يَتيمٌ يَهْتَمُّ بِها وَيَحْرُسُ حَيَواناتِها. إِلّا أَنَّ صاحِبَ المَزْرَعَةِ كانَ رَجُلًا قاسيَ القَلْبِ يَسْتَغِلُّ الصَّبيَّ وَيُحَمِّلُهُ أَعْباءً ثَقيلَةً. كانَ أَوْلادُ الحَيِّ يُراقِبونَ الصَّبيَّ وَيَأْسَفونَ لِحالِهِ وَيَغْضَبونَ لِتَصَرُّفِ صاحِبِ المَزْرَعَةِ القاسي معهُ. فَدَخَلَ كُلُّ الأَوْلادِ إِلى بُيوتِهِم، على الرَّغْمِ مِنْ شِدَّةِ البَرْدِ، يَهْتَمُّ بِها وَيَحْرُسُها وَيُطْعِمُ الحَيَوانات. وإذْ لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ مَكانٌ يَحْتَمي فيهِ مِنَ البَرْدِ وَالمَطَرِ بَدَأَ جِسْمُهُ يَرْتَجِفُ فَسَقَطَ عَلى الأَرْضِ. ما إنْ تَوَقَّفَ المَطَرُ حَتّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَخَرَجَ الأَوْلادُ يَتَفَقَّدونَ الصَّبيَّ الحارِسَ، كَما أَنَّهُ اتَّصَلَ بِأَحَدِ دورِ الرِّعايَةِ بالأَطْفالِ وَأَخْبَرَهُم قِصَّةَ الصَّبيِّ، فَما كانَ مِنْهُم إِلّا أَنْ رَحَّبوا بِه لِيَنْضَمَّ إِلى المؤسَّسَة. وَهُناكَ قَدَّموا لَهُ كَلَّ الرِّعايَةِ الَّتي يَحْتاجُ إلَيْها كُلُّ طِفْلٍ في مِثْلِ سِنِّهِ بالإضافَةِ إلى تَأمينِ المَسْكَنِ وَالّلِباسِ وَالطّعامِ وَالعِلْمِ وَالشُّعورِ بِالأَمانِ وَالطَّمَأْنينَة. تَغَيَّرَ حالُ الصَّبيِّ عِنْدَما انتَقَلَ للعَيْشِ في هذه المؤسَّسَةِ وَأَصْبَحَتْ حَياتُهُ أَفْضَلَ بِكَثيرٍ لأَنَّهُ وللمرَّةِ الأَولى في حَياتِهِ يُدْرِكُ حُقوقَهُ كَطِفْلٍ. وتَمَّ تَوْقيفُ صاحِبِ المَزْرَعَةِ بِتُهْمَةِ اسْتِغْلالِ الطِّفْلِ وتَحْميلِهِ أَعْباءً ثَقيلَةً تُهَدِّدُ صِحَّتَهُ وَسَلامَتَهُ وَتُعَرِّضُ حَياتَهُ للخَطَرِ. جَميعُ الأَطْفالِ لَهُمُ الحَقُّ في الحِمايَةِ مِنَ العُنْفِ وَالاسْتِغْلالِ وَالإيذاءِ،