موقف المفكرين من النبوة وقد كشفهم مفكروا الاسلام وتصدوا للرد عليهم وإفحامهم. ونعتقد أن مثل هذه الآراء الجريئة المنحرفة لم يجهر بها إلا بعد أن ضمن للفلسفة الأجنبية مكان في المجتمع الاسلامي، وهذا بالطبع لا يتم إلا إذا وضح أن هدف الفلسفة لا يعارض هدف الدين، ومما يجب التنبه له هو انه لا يوجد في الروح الإسلامية ما يقف في طريق الفكر الهادف الذي ينشده الحق أي كان، والرد عليها بطريق مقتصر مباشر، ومع ذلك ، 1 لا يعنينا هنا أن تبع بالتفصيل ظروف اتصال المسلمين بالفلسفة اليونانية سواء كان ذلك عن مدارس حران والرها ونصين، او عن طريق الترجمات التي قام بها النساطرة، وقد كشفت الدراسات الحديثة عن حقيقة معرفة العرب للفلسفة اليونانية قبل ذلك بوقت طويل حتى القرن الأول الهجرى) . وعرفوا ان هناك فلاسفة قدامى اسموهم احيانا "بالطبيعيين" الذين اعقبهم السوفسطائيون كما تنبهوا إلى الفرق الكبير بين سقراط وافلاطون من جهة وبين من سبقهم من فلاسفة الإغريق . حيث لاحظو انه بوجود هذين الفيلسوفين تخطى الفكر مرحلة جديدة يمكن ان تسمى بحق مرحلة جديدة يمكن ان تسمى بحق مرحلة التصور الفعلية . بل وصل إليهم محرفا بعض التحريف ومشوبا عناصر من الأفلاطونية المحدثة التى هى إحياء لمذهب أفلاطون مع إضافة بعض العناصر الغنوصية والصوفية إلى جانب أمشاج من اليهودية على يد افلاوطين الاسكندرى وتلامذته) . تدعيمات الفلسفة في المحيط الاسلامي : بل تعددت ذلك أيضا . حتى إن احد العلماء جمع في كتاب واحد احاديث كثيرة جدا، بل إن القرآن ليضرب أمثلة التأمل وكيفيته واستخلاص العبرة او الدرس. وقد لا يكون من المبالغة القول إن الأصاب الإسلام من ضرر وإيذاء على يد اعدائه الملاحدة، وحظروا على الدين والعقل ان يتنزها في رياض هذا الدين، إن الدين لفتات فكرية وروحية قلما تنبه لها هؤلاء، وطالما سعى أولئك لإخفائها وطمس معالمها ، واخذ العامة وانصاف المثقفين يهزاون ويحاربون الفكر في شخص الفلسفة، وأصبحت كلمة "الاعتبار تقابل كلمة "النبأ" أو الخبر؟ بنفس التقابل الذي يوجد بين كلمتي "العقل" و "النقل" أو الفلسفة و "الدين".