يعتبر عقد الكراء من العقود الزمنية التي يلعب فيها عامل الزمن دورا مهما، فمنذ القدم عرف عقد الكراء أهمية كبيرة على المستوى الاقتصادي والمستوى الاجتماعي والقانوني، وحق الكراء من أهم العناصر المعنوية المكونة الأصل التجاري وهو عنصر يشكل دعامة أساسية لاستقرار واستمرار الأصل التجاري كمقاولة تجارية وصناعية وحرفية وكمشروع اقتصادي يساهم في النماء الاقتصادي، والمنظم وفقا الأحكام العامة أي قانون الالتزامات والعقود، وأيضا بعض القوانين الخاصة مثل قانون 12-67 المتعلق بتنظيم العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو الاستعمال المهني، التعريف بالموضوع : إذ بالرجوع إلى قانون الالتزامات والعقود نجد الفصل 627 عرف عقد الكراء أنه "عقد بمقتضاه يمنح أحد طرفيه الآخر منفعة منقولل أو عقار خلال مدة معينة في مقابل أجرة محددة يلتزم الطرف الآخر بدفعها له". ومن خلال تعريف الفصل أعلاه لعقد الكراء يمكن استنتاج مجموعة من الخصائص وهي: كما يلتزم المكتري بأداء الوجيبة الكرائية، - عقد الكراء عقد منفعة: ذلك أن هذا العقد يرد على منفعة شيء منقول أو عقار وهو لا يرتب إلا حقا شخصيا لفائدة المكتري. - عقد الكراء عقد شخصي: لكونه لا ينشأ لصالح المكتري في اتجاه المكري سوى حقا شخصيا لا يتخول للعموم. هذا بخلاف الحق العيني الذي يمكن صاحبه من سلطة استئثار الشيء في مواجهة الكافة. وبمعنى أدق أن المكتري لا يمكن أن يمارس حق الشفعة أو كراء ما بحوزته من عقار أو منقول للغير. - عقد الكراء من العقود الزمنية: لأن الانتفاع من العين المكتراة مرتبط بعنصر الزمن الذي يربط العلاقة بين المكري والمكتري، على انه إذ كان العقد باطلا أو بطل فإن المكتري يستحق تعويضا وليس أجرة ما دامت المنفعة التي حصلت قبل الإبطال أو البطلان لا ترجع إلى الوراء. بعد إعطائنا تعريفا لموضوع الكراء التجاري لابد لنا للتطرق لصيرورة هذا الأخير منذ أن كان منظما بموجب قانون الإلتزامات والعقود إلى حين صدور قانون خاص منظم له التطور التاريخي : بعد ذلك جاء ظهير يناير 1948 الذي ألغى ظهير 21 مارس 1930 الذي جاء لضبط العلاقات بين المكتري والمكري الذي أعاد نفس أفكار والتوجهات التي تضمنها القانون السابق مع إضافة بعض المقتضيات الجديدة التي تهدف أساسا إلى توسيع نطاق تطبيق الحكاية القانونية، وقد اهتم كذلك بتنظيم موضوع تجديد عقود كراء العقارات |أو المحلات المستعملة للتجارة والصناعة والحرف. كما تضمن بعض الأحكام التي ترمي إلى توسيع ميدان تطبيقه وإلى حماية المكتري بوجه عام. ثم بعد ذلك جاء ظهير 24 ماي 1955 ليضمن هو الآخر نوعا من الاستقرار في المجال التجاري، وإيجاد نوع من التوازن بين الملكيتين العقارية والتجارية من خلال نص على حق المكتري في تجديد الكراء والتعويض عن إنهاء العقد كقاعدة عامة. كما يعتبر هذا الظهير إطار قانوني يروم إلى ضمان استقرار مشاريع التجار في المحلات التي يكترونها، ناتجة عن تعقد المساطر وتزايد الشكايات وعدم وجود التوازن بين طرفي العلاقة الكرائية، بحيث عمل على نسخ فصول ظهير 24 ماي 1955 بحيث أتى هذا القانون بحلة جديدة من حيث الشكل والمضمون بحيث عمل من خلال القانون 16-49 على تبسيط وتوضيح العلاقات الكرائية بين المكري والمكتري في الباب المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للإستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي مع سنه لقواعد متماسكة و اكثر بساطة على خلاف التعقيد الوارد في الظهير. بعد تطرقنا للتطور التاريخي لموضوع الكراء التجاري يتضح أن لهذا الموضوع أهمية قصوى. أهمية الموضوع : لموضوع العمل القضائي في الكراء التجاري أهمية بالغة سواء على المستويين النظري والعملي. - الأهمية النظرية: تتمثل في كون القانون 16-49 يعتبر الإطار القانوني للكراء التجاري بحيث يروم إلى ضمان استقرار مشاريع التجار في المحلات التي يكترونها والذي يستمد منه القضاء مرجعيته في إصدار الأحكام والقرارات، وذلك من أجل الحد من تضارب العمل القضائي وتوفير المن القانوني والتعاقدي للأطراف. تحديد الموضوع : وسنقتصر في هذه الحالة على بيان الاتجاهات العامة التي سادت الفقه في هذا الخصوص والتي انقسمت إلى نظريتين: الأولى النظرية الشكلية: أنصار هذه النظرية يعتبرون أن العمل القضائي هو الذي يصدر من السلطة القضائية أي المحاكم بوصفها سلطة متميزة عن سلطات الدولة. وطبقا لما تضمنه المادة 364 من قانون م. ج حيث جاء فيها: "يقصد بمصطلح مقرر في مفهوم هذا القانون كل حكم أو قرار أو أوامر صادرة عن هيئة قضائية. فالعمل القضائي هو كل حكم أو قرار صادر عن حكم يفصل في نزاع قائم معروض أمامه". بالإضافة إلى هذا نشير إلى الدور الاقتصادي الذي يلعبه العمل القضائي في الكراء التجاري عن طريق تحريك عجلة الاقتصاد الوطني. والذي يشكل العمود الفقري للتاجر عندما يفقد هذا الأصل، إشكالية الموضوع : ولمعالجة موضوع العمل القضائي في الكراء التجاري نجده يثير مجموعة من الصعوبات والإشكالات هي تعبير عن ضرورة البحث والدراسة بشكل معمق وتبيانها ما أمكن،