ونجدها مثلا تُعين سلطات الفيلبين على حصار المسلمين في مورو كما نجدها أيضاً تساعد سلطات تايلاند لإخماد الثورة الفطامية. وتسكت عن اضطهاد هيلا سيلاسي لمسلمي الحبشة بل تمنحه مع المجموعة الدولية السلطان على أرتيريا، فإن ستار القوانين والأنظمة التي يمكن أن تصدرها السلطات الحاكمة في غياب الإدارة الإسلامية أو ضمن سياسة إبعاد أو ابتعاد ممثلي المسلمين بعيداً عن الحكم أو في تطويع أمثال هؤلاء صالح السلطات الحاكمة، وبهذا الستار القانوني تلوذ السلطات الرسمية وتحته تختبىء وتعمي مخططاتها في التذويب وتضييع القيمة الوجودية للمسلم وتغييب المعاني الصحيحة للحرية الدينية والاجتماعية. ففي لبنان مثلا حيث توجد المحاكم الشرعية ويُعترف دستورياً بالأحوال الشخصية للطوائف، كما أن قوانين العمل والموظفين تَسلبُ بطريقة واضحة حق المسلمين في الإرث على الطريقة الإسلامية فتوزع تعويضات الموظف بعد الوفاة أو رواتبه التقاعدية وفق نسب مختلفة كلياً عن الإرث الإسلامي. كما أن تأدية الصلاة وإن كانت مباحة والشعائر الدينية محمية قانوناً إلا أن أنظمة الوزارة تجيز العمل يوم الجمعة وإعطاء الدروس حتى في وقت الصلاة وتتعمد بعض الإدارات الجامعية والثانوية وضع أهم المواد العلمية يوم الجمعة وقت الصلاة كمحاولة لمنع الطلاب من تأديتها. هذا في بلد عربي عضو في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي فكيف بدول العالم الأخرى التي لا رباط بينها وبين هذه المنظمات بل هناك روابط أخرى في مفاهيم إيديولوجية تتناقض أساساً مع الإسلام سعى ضمنها لتذويب الوجود الإسلامي وفق مخططات مكشوفة أو مستترة. وإن سكتت بعض الدول التي فيها أقليات أو أكثريات إسلامية عن زيجات المسلمين على الطريقة الإسلامية إلا أن التسجيل الرسمي لا يكون وفقاً للإجراءات القانونية حيث يكون العاقد في الغالب غير مسلم! فهذه كلها وكما الزواج الطلاق وسائر القضايا المرتبطة بالعائلة من إرث ووصية ووصاية. ويمارسٍ القضاة الشرعيون في الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفياتي سابقاً القضاء الديني لا القضاء الرسمي فتكون أحكامهم فتاوى غير أن الطلاق وسائر الأمور لا تكون إلا بقرار مدني من السلطة القضائية الرسمية وكذا الأمر في الجاليات والأقليات الإسلامية في مختلف دول العالم. ٢ - استيعاب الإدارات الدينية والجمعيات : وقد نجد بلاد الأكثريات الإسلامية المضمومة قهراً إلى اتحاد أو البلاد التي فيها أقليات إسلامية، أن حكومات تلك البلاد لا تستطيع إقامة إدارات دينية إسلامية أو مفتين أو شيوخ كبار أو إنشاء جمعيات اجتماعية أو دينية بسبب أن القوانين العامة تجيز إنشاء مثل هذه الجمعيات أو المراكز بشكل عام ، فهو يشكل غطاء لتصرفاتها الأخرى في تذويب الوجود الإسلامي أو تفكيكه، وقد نعين بعض الحكومات أعضاء هذه الجمعيات أو تتدخل في انتخاب مجالسهم لما يجعل بعض الجمعيات تدور على محور السلطة وتصبح جهازاً للدعاية لصلحة السلطة مشيدة بالحرية الدينية الممنوحة للمسلمين في بعض الجوانب مما يوحي بالحرية الدينية على عمومها. ٣- طمس اللغات القومية ومحاربة العربية لغة وحرفاً: ضمن المجموعات السكانية الكبرى التي تؤلف دولة اتحادية واحدة بل على العكس من ذلك تحاول أن تعترف بالقوميات ولغاتها في الوقت الذي نعمل على تذويب تلك القوميات في مخطط طويل الأمد والنفس عن طريق إضعاف اللغات المحلية القومية بتعليم اللغة التي اختارتها الدولة المركزية أو التي أرادت فرضها. وذلك في محاولة أولى منها لقطع حاضر الأقليات بماضيها الثقافي والديني. وهكذا وجدنا الروسيا تمنع مسلمي جمهورية شاشان - أنجوشا المتحدة مع الروسيا (٧٤ بالمئة من الجمهورية مسلمون) من كتابة لغتهم بالأحرف العربية وتفرض الروسية على سائر القوميات(١)كما وجدنا الصين تمنع أبناء القومية الويغور (٨ مليون) من كتابة لغتهم بالأحرف العربية وألزمت المسلمين جميعاً باللغة الصينية. وفي الهند أيضاً يُطلب من المسلمين كتابة اللغة العربية وهي لغة المسلمين الأولى بالأحرف اللاتينية وتمنع تدريسها في معظم المدارس حيث تولي الحكومة المركزية اهتمامها بتدريس الهندية والإنكليزية وتعتبر اللغة الهندوكية لغة الوظيفة الرسمية(٢) وكذلك الأمر في تايلاند حيث أصرت الحكومة على السيطرة على التعليم في فطاني وعلى نشر اللغة السيامية بدلاً من اللغة الماوية لغة أهل فطاني وكانوا يكتبونها بالأحرف العربية - واشترطت الإلمام باللغة التايلاندية للحصول على الوظائف الحكومية!. غير أن رفض المسلمين عموماً ترك لغاتهم القومية والإصرار على التمسك بها وتداولها واعتبارها رسمية في مقاطعات الحكم الذاتي ساعد كثيراً على حفظ وجودهم وعدم الذوبان في المجتمع الأكثري المفروض، مما أربك السلطات المركزية التي لا تزال تصر على الاستيعاب العام ضمن فرض اللغة الواحدة!!! ٤ - التغيير الديمقراطي والتهجير والتوطين : نعتمد الدول سياسة تعسفية ضد السكان المسلمين سواء شكلوا أقليات أو أكثريات في مناطقهم أو في أقاليم تلك الدولة. كما نقلت سكان القرم بعد الحرب الثانية إلى مجاهل سيبيريا وسواها من الجمهوريات السوفياتية، وهكذا غدت مجموعات كبيرة روسية متواجدة في الجمهوريات الوسطى وسائر الجمهوريات ذات الحكم الذاتي في الإتحاد السوفياتي وفي الصين وفي تايلاند وفي بلغاريا، وكذا القول بما تفعله إسرائيل من زرع المستوطنات في الضفة والقطاع المحتلين، وقد أرسل الخديوي بعض الدعاة وكان لهم أثر محمود في نشر الإسلام غير أن لعبة الأمم بين فرنسا وإنكلترا جعلت الخديوي يرتكب خطأ كبيراً (فيعهد إلى ضابط إنكليزي لتحقيق سياسته في ضم أوغنده ليوازن بالنفوذ الإنكليزي ما للفرنسيين من نفوذ بعد فتح قناة السويس ١)(١٨٧٠) . نجد أن اليابان أوصدت أبوابها فيما بعد، كما أنه من غير المعقول أن لا يكون في السلطنة العثمانية يومئذ من هو أهل للدعوة ويلم بعض اللغات التي يمكن أن يخاطب بها اليابانيين. أسقطا تجربة أياسو فاضطهد المسلمون بعده أيما اضطهاد!! وأيضاً وفي عام ١٩٧٣ أسلم ألبرت بونجو رئيس جمهورية الغابون في أفريقيا وتسمى باسم عمر وأسلمت معه أسرته وقبيلته وعدد من المسؤولين. وقبل هذين عيدي أمين في أوغندا فقد أسلم وانتحى ببلاده الوجهة العربية الإسلامية وبخاصة على الصعد العامة وقضية فلسطين إلا أنه أخطأ في تصريف شؤون البلاد، كما أن طغيانه في بعض الأحيان وسذاجته في الفعل وردة الفعل وكثرة المؤامرات الأجنبية من البلدان المجاورة والصهيونية والقوى العالمية كل ذلك عجل في إسقاطه ووضع حد لظاهرته وتعاطفه الإسلاميين غير البصيرين!! وملاحظة أخرى نتوقف عندها إذ أن الأقليات الإسلامية المنتشرة في أنحاء العالم كثيراً ما تتأثر بأحداث العالم الإسلامي وقضاياه وتترك هذه الأحداث بصماتها على الجاليات والأقليات جماعات وأفراداً . وسطهم خلافات دول العالم الإسلامي ووجهات نظرها السياسية المتعاكسة. وأحداث لبنان اليوم بحربه المستمرة منذ عام ١٩٧٥ ، والتي اقتصر فسيرها في الخارج على أنها اقتتال مستمر ودائم بين المسلمين والنصارى، وصراع أنظمة الحكم في البلاد العربية انتقلت في كثير من سلبياتها إلى الجاليات العربية في بلاد المغتربات، وفي المقابل فإن تقارب العالم العربي من السوفييت، كما يقول عبدالله وهابوف أحد أبرز موظفي هذا مؤتمر طشقند تحت شعار (في سبيل وحدة المسلمين في النضال من أجل السلام وضد العدوان الأمبريالي) الذي جرى عام ١٩٧٠ كما ساهم مساهمة فعالة في التحضير لمؤتمر إسلامي آخر في طشقند عام ١٩٧٣ تحت شعار (تأييد نضال الشعوب العربية العادل)(١) . إن التطورات المختلفة في العالم ألزم الصين على توفير قدر من الحرية الدينية والاجتماعية والثقافية لمسلمي تركستان الشرقية بهدف صرف انتباه المسلمين إلى ممارسة نشاطاتهم التي منعت عنهم خلال العنف الشيوعي، كما حرصت الصين على تحسين العلاقات الدولية والاتصالات الرسمية في دول العالم وبالأخص الإسلامية، وتشجيع الصلات الرسمية مع الهيئات الإسلامية المحلية تحت مراقبة الدولة والحزب لإيهام الرأي العام العالمي والإسلامي بتوفير الحريات والحقوق للأفراد مسلمين وقوميات وطوائف(٢) إن استقراء واقع الأقليات والجاليات الذين يتجاوزن الثلاثماية مليون سلم يشعر بمدى المسؤولية الشرعية والتاريخية إزاء هؤلاء الذين يعانون الصعوبات أقلها التضييق والتذويب وآخرها القتل والتدمير. إن حالة الجهل بالإسلام سيطر على معظم المسلمين وبخاصة في عالم المغتربات أو في عالم الأقليات. كل ذلك يؤثر سلباً على جهود هذا العالم في الاضطلاع بمسؤولياته الضخمة إزاء العالم الاغترابي أو عالم الأقليات. سواء في هذا العالم أو بين الأقليات وحتى بين عالم غير المسلمين. إذ أن أفلاس الفلسفات القديمة والمعاصرة وعجزها عن حل مشكلة الإنسان تدفع هذا الإنسان الحائر المعذب إلى عقيدة تجمع بين الأمن والاطمئنان والتعامل النفسي والبشري والتطلع نحو مستقبل راشد للإنسانية. وأن يسلم المغني البريطاني كات ستيفنز والذي تسمى باسم يوسف إسلام مطالباً بحقوق المسلمين بإنكلترا، فضلا عن ألوف تسلم هنا وهناك في كل قارة وفي كل دولة وإقليم . ونتساءل لو أحسن ترشيد هؤلاء وتوعيتهم وتوجيههم ألا يكونون ألسنة قويّة وقوة مدافعة عن حقوق العالم الإسلامي نفسه وعن قضاياه!؟. ثم أليست الدول اليوم تتعامل وفق مصالحها وتهتم بأمورها واقتصادها اليس بالإمكان توظيف سياسة الترهيب والترغيب الاقتصادية لدعم أقلية أو حمايتها!؟ ثم أليست لدينا وسائل كثيرة في ابتعاث البعثات، أفلا يمكن أن يكون موضوع الأقليات الإسلامية على جدول أعمال مؤتمرات القمة الإسلامية فتصدر بياناً أو تأخذ موقفاً قد يكون من شأنه تطوير الأمور على صعيد الأقليات فتقلع بعض الدول عن ممارسة العنف أو تحاول نحسين الصورة . إلا أن معالجة الأمر من قبلها، مما يساعد على طرح مشاكل بعض الأقليات بصوت عال ومسموع(١) . فلا يعقل أن يقف مسلمو العالم الإسلامي مكتوفي الأيدي أمام مشاهد تمزيق المسلمين في سيريلانكا أو قتل مئات المسلمين في الهند من أجل بقرة، ولا ينكرون المنكر ولو باللسان والكلام وذلك أضعف الإيمان ولا يمكن أن يرد على ذلك بأن مثل هذا الأمر قد يعد تدخلاً في الشؤون الداخلية للدول المستقلة، لا ريب أن مثل هذا الأمر قد يحصل وقد تحاول تلك الدول أن تتستر وهي التي تظلم رعاياها المسلمين بمثل هذه الحجج وهي إحدى الذرائع الهامة التي يتمسك بها من يريد أن يخفي جريمته، ولكن الذي نريده في المراحل الأولى على الأقل فتح الجسور بين عالمنا ودولنا من جهة وبين المسلمين، والانفتاح ما أمكن ذلك بين دولنا في العالم وبين دول تلك الأكثريات، وبمنطق مصالح الدول المختلفة. وأن يسمح لها بالحج وتأدية المناسك والحد الأعلى من الأحوال الشخصية الذاتية، ومؤتمر الأقليات في الندوة العالمية للشباب الإسلامي صورة من هذه الصور. حسبها أنها أنشأت دوائر للاهتمام بهم ومد جمعياتهم بالخير والمال والبعثات، ومن أجل هذا دَعَوْنا إلى إنشاء مجلس عالمي للجاليات والأقليات الإسلامية في العالم يوم أن كنت في زيارة الجالية الإسلامية في سدني بأوستراليا(١) وقد كتبت - يومها - بعض. صمدوا ضد كل محاولات التذويب والتنصير والتهويد والترويس والتصيين والفلبنة والتحبيش والهندكة والتبويذ وسوى ذلك من محاولات الشيطنة في عالم الإنس وعلى امتداد دهور وقرون كما أن الجاليات الجديدة التي تنشأ هنا وهناك في العالم تحمل مشاكلها وهمومها وتلقي بها في أرجاء العالم الإسلامي، تراهم اليوم حاجة ماسة إلى الدعوة الصادقة إلى اللّٰه وإلى المساعدة على كل صعيد. وكل ذلك وسواه يستدعي إعلان حالة من الطوارىء في صفوف المنظهات الإسلامية العالمية والدول الإسلامية الغنية لبذل كل شيء من أجل إنقاذ هؤلاء المسلمين، الذين تحولوا إلى دول مستقلة، أو لا يزالون أقليات في دول تدعي أنها تحترم الأديان وحريات الاعتقاد . يمكن أن تشكل تثقيفاً إسلامياً طيباً وتحويلًا في مسار حياتهم كما تشكل دعوة لغير المسلمين إلى الإسلام . حن في بلادنا العربية تُوجه إلينا إذاعات بالعربية من واشنطن ولندن وباريس وموسكو وتل أبيب، حتى أن إرساليات تبشيرية تمتلك إذاعات توجهها إلى أفريقيا وإلى لبنان والعرب كما هو شأن إذاعة صوت الأمل التي تملكها إرسالية إنجيلية أميركية وتبث عليها عصابات لبنانية مسيحية متعاملة مع إسرائيل. فضلا عن إذاعة مسيحية تبث من السودان. لقد كان لبعض الإذاعات العربية والإسلامية تأثير طيب في نفس مسلمي أواسط آسيا وفي الإتحاد السوفياتي الذين قد يتمكنون من التقاطها. لكن هذه الإذاعات لا يسمعها إلا من فهم العربية،