كانت ولاتزال قضية الزيادة السكانية هى التحدي الأكبر أمام الدولة المصرية والإشكالية التى تقضي على ثمار أية إنجازات لخطط التنمية المستدامة أو جهود الدولة لتحسين حياة المواطنين خاصة فى ظل الجمهورية الجديدة التى تستهدف تغيير واقع المصريين إلى الأفضل. وذلك لتشعُب أسبابها وارتباطها بعادات اجتماعية وقيم دينية مغلوطة راسخة فى عقول وأذهان الكثير من المصريين. تُشكل الزيادة السكانية بحجمها الحالي ضغطا هائلا على الميزانية العامة للدولة والتى ستتجه رغما عنها لتلبية احتياجات وخدمات المواطنين بدلا من إنشاء المزيد من المشروعات الاقتصادية والتنموية التى توفر حياة كريمة للمواطنين، وتحسن بدروها من مناخ الاستثمار وتسهم فى تحقيق تقدم الدولة المصرية ووضعها فى مصاف الدول المتقدمة. ورغم الجهود المصرية المخلصة التى قدمتها الدولة لحل ومعالجة قضية الزيادة السكانية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، إلا أنها ما زالت جهودا عاجزة عن مواجهة هذه الزيادة السكانية الهائلة وتفتقر إلى وضع سياسات شاملة وخططا صارمة يتم تطبيقها بحزم وتؤدى إلى خفض معدل الزيادة السكانية بما يتناسب مع موارد الدولة وجهود تحقيق خطط التنمية المستدامة. وانطلاقا من أن إدراك أبعاد المشكلة السكانية يُعد أمرا ضروريا لمواجهتها، تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على أبعاد المشكلة السكانية، ومؤشراتها والأسباب التى أدت إلى تفاقمها، فضلا عن جهود الدولة للحد منها، وذلك من خلال المحاور التالية: يُمكن تعريف المشكلة السكانية علميا بأنها اختلال التوازن بين عدد السكان من ناحية، وحجم الموارد الطبيعية والرأسمالية والمعرفة الفنية من ناحية أخرى ، كذلك هم أيضاً قوة استهلاكية تُمثل ضغطاً على الموارد المتاحة ، ومن ثَمَّ يؤدي عدم التوازن بين السكان وحجم الموارد إلى وجود ما يعرف بـ “المشكلة السكانية”. ثانيا: مؤشرات عن المشكلة السكانية فى مصر إجمالى أعداد السكان بالتعدادات وهنا تجدر الإشارة إلى إجمالي أعداد السكان بالتعدادات المختلفة حتى يتسنى لنا الوقوف على حجم الزيادة المطردة فى الأعداد خلال السنوات الأخيرة، 6 ، والتعداد الذى يليه فى عام 2017 بلغ عدد السكان نحو 94. أى بزيادة تُقدر بنحو 22 مليون نسمة فى 11 سنة فقط (متوسط 2 مليون سنويا)، ووصل فى التعداد الذى يليه فى عام 1996 نحو 59. وبالرجوع إلى تعداد 1927، 92، أى بزيادة 1. 74 مليون نسمة فقط فى 10 سنوات. وهكذا فقد شهد عدد السكان تطورا كبيرا وتضاعف خلال سنوات قليلة لتصبح مصر الدولة الأكثر سكانا في العالم العربي وثالث أكثر الدول اكتظاظا بالسكان في إفريقيا (بعد نيجيريا وإثيوبيا)، والدولة رقم 14 على مستوى دول العالم من حيث عدد السكان. مما يجعلها مساوية لعدد سكان 15 دولة أوروبية ذات كثافة سكانية ضعيفة أو متوسطة. فيما تُشير الدراسات إلى أنه بحلول عام 2050 من المتوقع أن يصل عدد سكان مصر إلى 153. ثم يتوالى الارتفاع ليصل عدد السكان بنهاية القرن الحادي والعشرين إلى 198. 7 مليون نسمة أو ما يعادل أكثر من ضعف سكان مصر عام 2015. الكثافة السكانية: 5 نسمة/ كم2 عام 2006 إلى 101. وهو ما يوضحه الشكل رقم (1). معدل النمو السكاني: ارتفع معدل النمو السنوي للسكان المصريين من نسبة 2. 05% خلال الفترة من 1996 – 2006 إلى نسبة 2. أصبح 2. 75% فى حقبة الثمانينيات، ثم 2. فى حين لم يتجاوز 1. 5% سنويا في أوروبا وأمريكا الشمالية. أكدت العديد من الأبحاث والدراسات أن النمو الاقتصادي ينبغي أن يكون ثلاثة أضعاف معدل النمو السكاني كي يكون قادرًا على خلق الوظائف اللازمة للجيل الجديد. وهذا يعنى أن معدل النمو السكاني فى مصر والذى وصل إلى 2. 56% خلال الفترة من 2006- 2017 كما ذكرنا سابقا، يحتاج إلى نسبة نمو اقتصادي تتجاوز 7. وفى ضوء بيانات البنك الدولي، 5% خلال العام المالي 2022-2023، علما بأن النمو بلغ نحو 6. إلا أن النمو الاقتصادي لايزال غير كاف لمواكبة النمو السكاني وتُعد بعيدة عن النسبة المطلوبة كي تناسب الزيادة السكانية، الأمر الذى يصعب معه شعور المواطن المصرى بتحسن رغم جهود الدولة الكبيرة لتحقيق تنمية اقتصادية تُسهم فى تخفيف العبء على المواطن وتوفير حياة كريمة له. بلغ عدد الأسر المصرية 25. 3% من إجمالي عدد الأسر يقيمون بالريف ( 14. 7% من إجمالى عدد الأسر يقيمون بالحضر (11. 4 مليون أسرة) كما هو موضح فى شكل رقم (3) التالي: ثالثا: أسباب مشكلة الزيادة السكانية خاصة وأنه كلا من الأسباب والتداعيات تؤدى كل منهما إلى الأخرى ، ولكن يمكن تحديد أسباب مشكلة الزيادة السكانية فى الآتى : 1- الزيادة الطبيعية (ارتفاع عدد المواليد وانخفاض أعداد الوفيات): 571 مليون فرد عام 2020 مقابل 1. 4%. وعلى الرغم من انخفاض معدل الزيادة الطبيعية والذى وصل إلى 15. 6 فى الألف لإجمالي الجمهورية عام 2020 بعدما كان 24. شكل رقم (4) معدل الزيادة الطبيعية شكل رقم (5) تطور معدل الزيادة الطبيعية خلال الفترة (2016-2020) سجلت محافظات (مطروح – سوهاج – أسيوط -المنيا -قنا) والتى تعتبر الأعلى فى معدلات الفقر على مستوى الجمهورية، ارتفاعا بمعدلات الزيادة الطبيعية مقارنة بالمحافظات الأخرى، 3 ) لكل 1000 من السكان على الترتيب على عكس محافظة بورسعيد التى جاءت فى المرتبة الأخيرة حيث بلغ المعدل 8 فى الألف لنفس العام. فقد أضافت مصر إلى سكانها 3. 6 ملايين نسمة بين عامي 1920 و1940، ثم 9. 3 ملايين نسمة بين عامى 1940 و1960، 7 مليون نسمة بين عامى 1960 و1980، ثم 25. ثم 33. 5 مليون نسمة بين عامى 2000 و2020. وبحسب بيانات الجهاز المركزى للإحصاء، 235 مليون مولود عام 2020 مقابل 2. 305 مليون مولود عام 2019 بنسبة انخفاض 3%، وبلغ معدل المواليد 22. وهذه الزيادة الهائلة فى أعداد المواليد تُعيق إمكانيات وقدرات أى دولة فى العالم. شكل رقم (7) تطور معدل المواليد خلال الفترة (2016-2020) 092 مليون مولود عام 2020. وجاءت محافظة القاهرة فى المرتبة الأولى حيث بلغ عدد المواليد بها 199 ألف مولودا عام 2020، 143 مليون مولود، بلغت نسبة النوع عند الميلاد 105 ذكرا لكل 100 أنثى خلال عام 2020. بلغ عدد الوفيات 665 ألف عام 2020 مقابل 571 ألف عام 2019 بنسبة ارتفاع قدرها 16. 5%. 6 فى الألف عام 2020 مقابل 5. 4%ـ، 1. 3% على الترتيب من إجمالى الوفيات. شكل رقم (8) التوزيع النسب للوفيات طبقا لفئات السن عام 2020 2- زيادة متوسط العمر المتوقع ساهم ارتفاع معدلات البقاء على قيد الحياة فى تفاقم مشكلة السكان، حيث إن توقع البقاء على قيد الحياة وصل إلى 75. 4 للذكور عام 2020 مقابل 73. 3 للإناث و70. 5 للذكور عام 2016، فى حين كان 71. 7 للإناث و 69. 0 للذكور عام 2012 كما يوضح الشكل التالي: شكل رقم (9) توقع البقاء على قيد الحياة عند الميلاد طبقا للنوع (2006-2021) 3-التركيبة السكانية: تتسم التركيبة السكانية فى مصر بارتفاع معدلات الخصوبة حيث أشار المسح السكاني الصحى لمصر 2014 إلى ارتفاع المعدل الإجمالى للخصوبة (متوسط عدد الأطفال الذين تنجبهم المرأة في المرحلة العمرية بين 15 و49 عاماً) من 3 أطفال لكل إمرأة فى عام 2008 إلى 3. 5 طفل لكل إمرأة فى عام 2014 ، الأمر الذى أدى بدوره إلى ارتفاع نسبة السكان في الفئات العمرية أقل من 15 عاماً حيث بلغت نسبتهم نحو 34. 3% من إجمالى التركيب العمري لأفراد الأسر. شكل رقم (10) يوضح التركيب العمري لأفراد الأسر شكل رقم (11) يوضح التوزيع النسبي للسكان طبقا لفئات السن لعام 2017 والحقيقة هنا تتمثل فى أن الخطر من الزيادة السكانية لا يقتصر فقط على حجمها بل في التركيبة العمرية لهذه الزيادة، فعندما يكون هناك أكثر من 36 مليون نسمة من السكان أقل من 15 سنة أى قرابة ثلث سكان مصر، فإن هذا يؤدي إلى اتساع قاعدة الهرم السكاني وإلى ارتفاع معدلات الإعالة العمرية مما يشكل بدوره عبئا كبيرا على الأسر وعلى الدولة في توفير احتياجاتهم من التعليم والصحة والغذاء وغيرها من الاحتياجات الضرورية، ويعتبر عائقا أمام تحقيق النمو الاقتصادي. ويتضح من الشكل رقم (12) ارتفاع معدل الإعالة الديموجرافي حيث إن الشريحة السكانية غير العاملة والمُعالة (أقل من 15 سنة وفوق سن 65 سنة) أكبر من الشريحة السكانية العاملة أى أن أعداد المعالين أكبر من أعداد قوة العمل، الأمر الذى من شأنه أن يعكس تأخراً في عملية التحول الديموغرافي في مصر. شكل رقم (12) يوضح تطور معدل الإعالة الديموجرافي (2021-2004) 4-الزواج المبكر : يُسهم فى تفاقم حجم المشكلة السكانية، فعادة ما ترتبط معدلات الزواج المبكر بنسبة مواليد مرتفعة حيث إن معظم النساء المتزوجات فى مصر يلدن الطفل الأول خلال العام والنصف الأول من الزواج ، كما سيؤدى الزواج المبكر إلى زيادة فترة الخصوبة لدى النساء . وقد كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى تقريره حول التعداد الأخير للسكان لعام 2017 أن جملة زواج القاصرات (دون سن 18 عاما) فى مصر ارتفعت لتصل إلى 118 ألف حالة زواج سنويا بما يعادل نحو 40% من إجمالى حالات الزواج، مشيرا إلى أن أرقام الحالات الزواجية للفئة العمرية أقل من 15 عاما من الذكور والإناث معا خلال عام واحد بلغت كالتالى 5999 حالة زواجية: 1541 حالة زواجية للذكور، و 4458 حالة زواجية للإناث. 4٪ من النساء المتزوجات ( أكثر من ربع السيدات فى مصر) تزوجن قبل سن 18:20 سنة، وأن من تزوجن في هذه المرحلة العمرية لديهن في المتوسط طفل أكثر من عدد الأطفال المنجبين لمن تزوجن في أعمار أكبر. 5 – الهـجــرة : تسبب العدد الهائل من المهاجرين واللاجئين والذى يقدر بنحو 6 ملايين فى زيادة الطلب على الخدمات والبضائع ، هذا فضلا عن أن الهجرة الداخلية من الريف إلى المدن بحثا عن فرص العمل والسكن الملائم تسببت فى إحداث كثافة سكانية فى المدن الحضرية وضغطا هائلا على كافة الخدمات. هذا وقد أشار تقرير التنمية المستدامة لعام 2022 إلى أنه تم تحقيق معدلات تحسن مُعتدل بعدد من المؤشرات كمؤشر مدة الحياة المتوقعة عند الولادة، ومعدل الوفاة المعياري بسبب عدد من الأمراض المزمنة، كمبادرة 100 مليون صحة للقضاء على فيروس سي والكشف المبكر عن الإصابة بعدد من الأمراض غير السارية لدى الكبار، فضلا عن عدد من المبادرات الرئاسية لصحة المرأة والطفل. 6-الموروثات الاجتماعية : على الرغم من التطور الفكري والثقافي الذى شهده المجتمع المصرى على مدى عقود طويلة، إلا أنه مازالت تتحكم به أفكار ومعتقدات – خاصة فى ريف مصر وصعيدها – تؤكد على أهمية الأسرة التى يزداد عدد أبنائها باعتبارهم ” العزوة والسند ” والنظر إلى الأسر الصغيرة على أنها أسر ضعيفة، كما تتعلق هذه المعتقدات أيضا بأن الأسر الكبيرة يمكنها تشغيل أبنائها فى عمر مبكر وهو ما يمثل لهذه الأسر قوة اقتصادية حالية ومستقبلية. شهدت الدولة المصرية منذ عام 2011 تغييرات سياسية هائلة كان لها تداعيات كبيرة على خطط التنمية وضبط النمو السكانى حيث توجهت أولويات الدولة فى تلك الفترة إلى تحقيق الانضباط الأمنى والحفاظ على الأمن الغذائى للمواطنين ، ففي حين كانت نسبة السكان أقل من 5 سنوات في تعداد 2006 نحو 10. 6%، وهو مؤشر على اتجاه مؤشرات الإنجاب إلى الارتفاع كما يوضح الشكليين الآتيين: والذي بدأ منذ عام 2006 سيستمر تأثيره لمدد طويلة؛ حيث إن مواليد الفترة من 2006 إلى 2016 سيستمر تأثيرهم لعقود قادمة، سواء من الناحية الديموجرافية عندما يصلون إلى عمر الإنجاب ويسهمون في إحداث موجة أخرى من الزيادة السكانية، وبالطبع كلما زاد عدد الطلاب انخفضت جودة الخدمة التعليمية المقدمة. وتشير بيانات تعداد السكان الأخير 2017 إلى أن معدل الأمية بلغ 25. 8٪ (21. 2٪ للذكور، وتليها بنى سويف بنسبة 35. تليها أسيوط بنسبة 34. 6%، وسوهاج بنسبة 33. وأعداد من لم يلتحقوا بالتعليم وصلت 22. 259 بنسبة 26. 8%. كما أن الزيادة السكانية فاقمت من كثافة الفصول المدرسية بالمراحل التعليمية المختلفة، والتي وصلت عام 2021 إلى ما يقرب من 52 طالبا بالفصل فى المرحلة الإبتدائية، 49 فى الثانوي الزراعي، كما هو موضح فى الشكل التالي: وجميعها معطيات تشكل ضغطا على الميزانية العامة للدولة والموجهة للقطاع الصحى بشكل خاص. وتجدر الإشارة إلى أن معدّل الأطباء يبلغ 2. 3 لكل 1000 نسمة، 3 لكل 1000 نسمة، في حين يصل المتوسط العالمي إلى 2. وهي مؤشرات تعكس ضعف أداء القطاع الصحي فى مواجهة الزيادة السكانية الهائلة. ثم وصلت إلى 7. و16% للإناث) أى أن البطالة بين الإناث تصل إلى ما يقرب من ثلاث أضعاف البطالة بين الذكور. ولكن أغلب السكان مازالوا يتركزون على مساحة تمثل من 7: 8% من إجمالى مساحة الأراضى المصرية وهى المنطقة المحيطة بوادى النيل والدلتا فلا زالت محافظة القاهرة تتصدر الكثافة السكانية بواقع 9. 1% من إجمالي سكان الجمهورية بنحو 9 ملايين، وكذلك محافظة الشرقية التي ارتفعت نسبة سكانها إلى 7. 5% بواقع 7 ملايين، ذلك فى حين تأتي محافظة جنوب سيناء بأقل عدد للسكان بنحو 113 ألف و619 نسمة وهو ما يُشكل نسبة 0. 5% من إجمالى عدد السكان، على الرغم من المساحة الشاسعة للمحافظتين حيث يشكلان نسبة 6% من إجمالي مساحة مصر، وهو ما يعكس بدوره سوء التوزيع الجغرافى للسكان. وعلى الرغم من اهتمام الدولة المصرية بإقامة مجتمعات عمرانية جديدة تحدث خلخلة سكانية إلا أن هذه المجتمعات لم تحقق أهدافها السكانية المنشودة، ومازالت الكثافة السكانية فى مصر مركزة فى مناطق محددة وبمعدلات مرتفعة فى تراكم رأسى يحتاج إلى خططا أكبر لتحقيق توزيع أفقى للسكان يخفض من حجم الكثافة السكانية . فكلما زاد عدد السكان كلما انخفض نصيب الفرد من الدخل والخدمات والقدرة على الالتحاق بالعمل المناسب، 7٪ عام 1999/2000 إلى 25. ثم إلى 27. 8٪ عام 2015، ويصل إلى 32. 5٪ عام 2019، 7%، كما يوضح الشكل التالي. شكل رقم (18 ) يوضح نسبة الفقر بين أقاليم الجمهورية عام 2019/2020 بينما بلغت 12% فى حضر الوجه القبلي، 4% فى حضر الوجه البحري. كذلك فإن العلاقة قوية بين الفقر وحجم الأسرة، فكلما زاد حجم الأسرة زاد الفقر فنجد أن 80. 48. مقارنة ب 7. كذلك أشار الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن مؤشرات الفقر تتناقص كلما ارتفع مستوى التعليم، 6% مقابل 9. وبلغت النسبة بين من حصلوا على شهادة ثانوية 17. 4%، وبين الحاصلين على شهادة تعليم أساسي 33. وتقليصها أدى بدوره إلى زيادة حجم الواردات من السلع الإستراتيجية خاصة القمح الذى يكلف ميزانية الدولة مليارات الدولارات فى كل عام ، كما أن إعادة استصلاح هذه الأراضى مرة أخرى يتم بتكلفة باهظة تمثل ضغطا على الميزانية العامة للدولة . وإذا ما وضعنا الاعتبارات السابقة مع التغيرات المناخية المتلاحقة وتأثيرها على المحاصيل الزراعية والهجرة الداخلية لسكان الريف إلى المدن لوجدنا الأمر يعد كارثيا على وضع الأراضى الزراعية وتوافر المحاصيل الاستراتيجية بشكل خاص، لاسيما وأن نصيب الفرد من الأرض الزراعية تناقص ووصل إلى 2 قيراط مقابل فدان لكل فرد في فترات زمنية سابقة. ووفقا لدراسة بعنوان “التمدد العمراني على الأراضى الزراعية” تم نشرها بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي عام 2020، وتنقسم عمليات التعدي إلى ثلاثة أقسام ( التبوير ، 57. 80% ) على الترتيب من المساحة الإجمالية المتعدى عليها. تعتبر الزيادة السكانية من أهم الأسباب التي تؤدى إلى زيادة التعديات حيث ارتفعت الكثافة السكانية على الأرض الزراعية من نحو 10. وانخفض نصيب الفرد من المساحة الزراعية من نحو 0. 14 فدان عام 2006 إلى نحو 0. 09 فدان عام 2017 ومن المساحة المحصولية انخفض من نحو 0. 26 فدان عام 2006 إلى نحو 0. 09 فدان عام 2017 م . تناقص الموارد المائية : يمثل نهر النيل المورد الرئيسى للمياه فى مصر فهو يشكل 97% من حجم الموارد المائية كما أن حصة مصر من المياه ثابتة وتبلغ 55, 5 مليار متر مكعب. وبحسب تقرير التنمية البشرية في مصر لعام 2021 ، بلغ نصيب الفرد من المياه عام 2018 نحو 585 مترا مكعبا سنويا، ويتوقع بحلول عام 2025 أن يقل نصيب الفرد ليصل إلى 496 مترا مكعبا سنويا. كما أنه من المتوقع بحلول عام 2030 أن يصل إلى 444 مترا مكعبا سنويا للفرد، وفي عام 2037 يتوقع أن يصل إلى 387 مترا مكعبا سنويا، وبحلول عام 2050 من المتوقع أن يصل إلى 303 أمتار مكعبة، 5- انتشار العشوائيات: كان هناك نحو 14 مليون نسمة يعيشون بالمناطق العشوائية على مستوى الجمهورية قبل عام 2014، منهم 1. 7 مليون نسمة يقطنون 357 منطقة غير آمنة (بدرجاتها المختلفة)، 6% من الكتلة العمرانية لمدن الجمهورية (37. 1% مناطق غير آمنة). خامسا: جهود الدولة المصرية لمواجهة الزيادة السكانية حيث اتخذت العديد من الإجراءات والمبادرات والبرامج من أجل مواجهة هذه المشكلة ، 1- الدستور المصرى (المادة 41) : ألزم الدستور المصرى الدولة بوضع برنامج قومى يُحدث توازنا بين الزيادة السكانية والموارد المتاحة ، فقد نصت المادة 41 من الدستور المصرى 2014 على أنه : “تلتزم الدولة بتنفيذ برنامج سكاني يهدف إلي تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة، وتسعى هذه الاستراتيجية إلى تحقيق أربعة أهداف هى : -تحقيق العدالة الاجتماعية والسلام الاجتماعي، ويتضمن ذلك ربط خريطة التنمية بخريطة الفقر في مصر من أجل الوصول إلى توزيع للمشروعات يخدم محدودي الدخل، 3– إطلاق الاستراتيجية القومية لتنمية الأسرة المصرية فى فبراير 2022:والتى تهدف للارتقاء بجودة حياة المواطن والأسرة بشكل عام من خلال ضبط معدلات النمو المتسارعة، معدل الفقر، فرص العمل). وترتكز الاستراتيجية على عدة محاور أبرزها المحور التشريعي لوضع إطار تنظيمي حاكم للسياسات المتخذة لضبط النمو السكاني، ومحور التمكين الاقتصادي للمرأة، وإقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر لحوالي مليون سيدة، وتنظيم زيارات منزلية من قبل وزارة الصحة لتلبية احتياجات النساء من وسائل تنظيم الأسرة، والدفع بمزيد من الطبيبات لتوفير وسائل التنظيم، وإنشاء منظومة إلكترونية موحدة لميكنة وربط جميع الخدمات المقدمة للأسرة المصرية. وفيما يتعلق بالفئات المستهدفة من الاستراتيجية، فإنها تستهدف السيدات من 18 حتى 40 سنة، طلبة الجامعات، تلاميذ المدارس، تجمعات الريف، رجال الدين، 4- مشروع “2 كفاية ” :قامت وزارة التضامن الاجتماعى بتدشين مشروع ” 2 كفاية ” بهدف تحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة خاصة فى المناطق الفقيرة والأكثر احتياجا. تم إطلاق هذا المشروع بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان وتتضمن أنشطة المشروع حملات طرق الأبواب للسيدات فى المحافظات الأعلى فى معدلات الخصوبة وهي البحيرة، الجيزة، الفيوم، قنا، سوهاج، أسوان، وعقد المشروع شراكة مع 108 جمعية أهلية بعدد 2257 قرية/ حي بالمحافظات المستهدفة، وكذلك تجهيز 65 عيادة “2 كفاية” بالإضافة إلى تدريب الأطباء والتمريض العاملين، كما وصل إجمالي السيدات المستخدمات لوسائل تنظيم الأسرة إلى حوالي 195 ألف سيدة من إجمالي المترددات، فقد تم تنفيذ العديد من ورش العمل وإعداد وطباعة وتوزيع عدد 2. 500 نسخة من “دليل المثقفة المجتمعية” والذى يتضمن أهم الرسائل لتصحيح المفاهيم ، 250 متطوعة للتعاون في التسويق المجتمعي لكافة القضايا الاجتماعية التي تقوم الوزارة بتسويقها ، وأثناء إيقاف حملات طرق الأبواب فى الربع الثاني من عام 2020 نظراً لجائحة كورونا، 5– التوسع فى برامج الحماية الاجتماعية والتى كان آخرها إضافة مليون أسرة لبرنامج الدعم النقدي المشروط “تكافل وكرامة” الذى تم إطلاقه فى 2015، وذلك بمعدل زيادة 95%، مقارنةً بالسنوات الثمانى التى سبقتها (06/2007- 13/2014). وكان من أبرز ثمار برامج الحماية الاجتماعية انخفاض معدلات الفقر فى مصر منذ سنوات طويلة ، فقد أوضح الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن معدلات الفقر تراجعت فى مصر إلى 29. 7% في العام 2019-2020 مقابل 32. 5% في العام 2017-2018 ، ولأول مرة منذ 20 عامًا ، 5% عام 2019/ 2020 مقابل 6. 2% عام2017 / 2018. 6– إتاحة مزيد من خدمات المرافق العامة للمواطنين: على الرغم من الزيادة الهائلة للسكان، 7% فى 2017، ووصلت نسبة الأسر المتصلة بالشبكة العامة للمياه 96. 97% فى 2017 مقابل 96. 60%. ووصلت نسبة الأسر المتصلة بالشبكة العامة للصرف الصحي 55. 89% مقابل 46. 60% فى 2006. والتى كان أبرزها: مشروع المليون ونصف المليون فدان، ومشروع الدلتا الجديدة. وتستهدف الدولة من خلال تلك المشروعات تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأمن الغذائي القومي بما يتناسب مع معدلات الزيادة السكانية، 4 مليون فدان، منها 6. والباقى أراض جديدة ومستصلحة. 8– إعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام 2050 ، ووضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام 2037 بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار والتى من المتوقع زيادتها إلى100 مليار دولار ، وترتكز على أربعة محاور رئيسية تتضمن: ترشيد استخدام الموارد المائية المتاحة ورفع كفاءة منظومة الري من خلال مشروعات تبطين الترع والتحول لنظم الري الحديثة، وتوفير مصادر مائية إضافية مثل تحلية مياه البحر، من خلال التوسع فى مشروعات الإسكان الاجتماعي، هذا إلى جانب مشروع التطوير العمراني عواصم المحافظات الذي يُموله صندوق التنمية الحضارية ويستهدف معالجة مشكلة الطلب المتزايد على السكن. 11- إطلاق مبادرة “سكن لكل المصريين” لتوفير وحدات سكنية للمواطنين من متوسطي الدخل، حيث تستهدف المبادرة إنشاء 3 ملايين وحدة سكنية للاستيعاب الطلب المتنامي على السكن فى ظل الزيادة السكانية المطردة. لا شك أن الزيادة السكانية تعد المشكلة الأخطر والأهم والأكثر تأثيرا على خطط التنمية الشاملة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن “الفرصة الديموجرافية” تعني حدوث انخفاض فى معدلات الإنجاب المرتفعة بشكل سريع وزيادة فى نسبة السكان فى الشريحة العمرية من 15 : 64 وهو ما يؤدى بدوره إلى خفض معدل الإعالة الديموجرافية مع زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلى وتحقيق مستوى معيشى أفضل. 5- وضع سياسة واضحة لتحسين الخصائص السكانية لتحقيق الاستفادة القصوى من الثروة البشرية فى عملية التنمية المستدامة. 6- تنظيم حملة إعلامية موسعة من خلال وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعى ورسم سياية للإعلام السكانى تستهدف رفع الوعى المجتمعى حول مخاطر الزيادة السكانية وكيفية السيطرة على خفض معدلات الإنجاب. ورفع وعى المواطنين بمخاطر الزيادة السكانية. 10- تبنى خطة توعوية وثقافية شاملة لتصحيح المفاهيم والمعتقدات الاجتماعية والدينية الخاطئة حول مفهوم تنظيم الأسرة مع التأكيد على أنه لا يتعارض مع القيم الدينية والثقافية.