من أجواء العمل لأكسر روتیني، في إحدى رحلات القنص في إحدى دول أفريقیا قبل عدة سنوات مررنا بمدينة صغیرة. كن ُت قد شید ُت فیھا مدرس ًة لأھل المنطقة. زر ُت المدرسة بشكل مفاجئ لأجد أ ّن عدد الطلاب قلیل جداً مقارنة بحجم المدرسة الكبیر؛ أخبروني بأن السبب الرئیسي لعدم انتظام أخذت مني عدة ثوان لأستوعبھا. التعلیم ھو سلاحنا، أخبروني أن الطلاب يذھبون للمزارع للبحث عن طعامھم يوماً بیوم، كم في ھذا العالم من محرومین! أمر ُت بتجھیز مطبخ ضخم ضمن المدرسة، وبعد عام عد ُت لھم، أحسس ُت بالسعادة. ترحم الناس فیحبّك ويسعدك. بطبیعة الحال، لا أعتم ُد على جھودي الشخصیة في العمل الإنساني بل على الجھود المؤسسیة لأنھا أبقى وأدوم وأعظم أثراً. أ ّسس ُت الكثیر من المشاريع الإنسانیة التي تقوم علیھا فرق عمل مخلصة؛ أنشأ ُت مؤسسة دبي للعطاء قبل سنوات لتھتم بالتعلیم في الدول الفقیرة، ولدينا مؤسسة خیرية استفاد منھا أكثر من ملیوني أسرة، لدينا مؤسسة معرفیة؛ لدينا وقف بحوالي ملیار درھم للمشاريع والأبحاث الطبیة؛ ومؤسسة متخصصة لمعالجة المكفوفین استفاد منھا الملايین؛ كل ذلك تحت مظلة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمیة التي تضم أكثر من 30 مؤسسة ومبادرة استفاد منھا أكثر من ولا أقول ذلك من أجل السمعة، فا� وحده يعلم النیات؛ ولكن أقول ذلك لتشجیع غیري من المیسورين والمشغولین. أقول لھم إن الانشغالات الكثیرة والمتعددة لا يجب أن توقفنا عن البحث عن الإنسان في داخل كل منا. أقول لھم إنني لم أسمع في حیاتي عن شخص افتقر بسبب العطاء، كل واحد منا يمكن أن يق ّدم شیئاً. أقول لھم بأن أي إنسان يرفع ألم إنسان آخر فإنه يغر ُس زھر ًة في بستان، الظلام، وينقذ روحاً ھي غالیة عند الرحمن. أي شخص عادي يمكن أن يسبق بأعماله الإنسانیة آلافاً من رجال الأعمال من أصحاب الملايین، لأن العظمة تنبع من القلب، والرحمة جزء من الروح، ولا علاقة للعطاء بكثرة المال. آلاف شموع الأمل المضیئة في منطقتنا، والذين لا يعرف عنھم أحد. أحدھم يبني داراً للأيتام في بلد ھ ّدتھا الحروب بجھوده الذاتیة، وطبیب جمع معه 3000 طبیب عبر وسائل التواصل الاجتماعي للقیام بعملیات قلب للأطفال في الدول الفقیرة، وشابة تنقذ اللاجئین في عرض البحر، وسیدة بلغت السبعین لم توقفھا سنھا عن السفر والعمل من أجل الفقراء، ولم يلعن الظلام، وفي الغد مثلھا، ونیّة طیبة، عندما سألوني لماذا أطلقت "صناع الأمل"، ھذه النماذج تحرك الإنسا َن البسیط ً ِّ وتحرك الجمی َع ِّ ِّ للتفكیر بشكل إيجابي في تحديات مجتمعھم بدل إلقاء اللوم وانتظار أن تح ّلالحكوماتكافةمشاكلنا. أعلنّا في دولة الإمارات عاماً للقراءة، نش ِّجع أطفالنا على القراءة لأنھا تفتح العقول، قرأ ُت بعدھا في الصحف عن مدى تدنّي نسبة القراءة في عالمنا العربي. طلب ُت مقترحات، ونكرم المتفوقین منھم. وضع الفريق ھدفاً بمئة ألف طالب سنوياً يدخل ِّ قل ُت لھم ھدف العام الأول ھو ملیون طالب. انطلق تحدي القراءة لیشارك في عامه الأول 3, 5 ملايین طالب. وفي عامه الثاني تخطّى العدد 7 ملايین طالب، قرأ كل منھم 50 كتاباً خلال عامھم الدراسي. ودفعوا بأبناء بلدانھم للمشاركة فیھا. كي تستأنف ھذه المنطقة حضارتھا. لو أن ك َّل واحد منا أعطى ُعشر ما يأخذه ما بقي بیننا فقیر أو