المحاضرة الرمضانية الثانية عشر للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله” الثلاثاء 13/رمضان/1444هـ – 4/أبريل/2023م أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، أَيُّهَــــا الإِخْــــوَةُ وَالأَخَوَات: السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُــه؛ في سياق الحديث عن خطر الشيطان، وسعيه للتأثير على الإنسان، وما تحدث عنه القرآن الكريم فيما يتعلق بذلك، تحدثنا عن بعض النقاط فيما يتعلق بهذا الموضوع، وكان من آخرها في محاضرة الأمس: الحديث عن اتساع نشاطه عبر ذريته، وعبر قبيله، وعبر جنوده وأعوانه، وأنه لم يعد يتحرك بمفرده في الاستهداف للإنسان، وتوريطه في المعاصي والجرائم والموبقات، بل يتحرك من خلال شبكاتٍ واسعة، بما في ذلك متخصصون من الجن، من يتخصص فيما يتعلق بالفساد الأخلاقي. وهكذا، من يتخصص في المجالات الأخرى، بحسب مجالات الحياة. تحولوا إلى شياطين، أنَّ منهم من يتحول إلى شيطان تمامًا، هو شيطانٌ في صورة إنسان، وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم في آيات كثيرة، والفساد، والظلم، والعدوان، يتعاونون في أداء مهمتهم في المحاربة للرسالة الإلهية، عن الاستجابة لها، الاستجابة للرسالة الإلهية، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ}، لإصلاحهم، للسعي بهم نحو الفلاح، نحو الخير، والنجاة من النار، فالأعداء لهم- من شياطين الإنس والجن- يُغيظهم ذلك، والدفع بهم نحو ما فيه نجاتهم، ما فيه خلاصهم، بدون إعاقة، في الاتجاه بالناس نحو هلاكهم وشقائهم وعذابهم. للسعي لهداية الناس، هو عملٌ يُغيظ الشيطان، يزعجه، يرى أنه يُفشل عليه مهمته، أنه يَحُدّ من تأثيره؛ لأنه حريصٌ على أن يهلك أكبر قدر ممكن من الناس، وفي قَسَمِه، أقسم: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}[ص: 82-83]، ممن يدرك أنه لا يستطيع أن يؤثر عليهم أبدًا، وأن يجرّهم إلى الهلاك والضلال، {إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء: من الآية62]، فهو يسعى لهلاك الأغلبية الساحقة من البشر، من يعجز عنه، وأي عمل هو في إطار وفي سياق عملهم لهداية الناس، هو امتداد لعملهم، ولذلك يعادون الأنبياء، يعادون أولياء الله، ويغتاظون منهم، في الرواية: أنه لما بُعِثَ رسول الله محمد “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ” قلق الشيطان، وحَزِن، حَزِن كثيرًا، وَرَنَّ، في سعيه للإنقاذ لهم، والوضع فيه بشكلٍ عام، والإبعاد له بشكلٍ كبير- إلى درجة عجيبة- عن الهدى، وعن الحق، الإبعاد للناس، قد ضلوا ضلالًا بعيدا، فهم يتحركون سويًّا للتعاون، ما بين شياطين الإنس وشياطين الجن. وسعيه في إعاقة نشاطهم وتأثيرهم في الناس هو من خلال الوسوسة للناس، ويخبث، يتراكم الخبث فيها، ويزداد، حتى يتحول- هو- إلى عنصرٍ مُضِلٍّ، أو مُضِلٍّ ومفسد، يتحرك هو ليُفسد الآخرين، لم يعد شيطان الجن بحاجة إلى أن يؤثر عليه، هو- بنفسه- قد فسدت نفسه، وخبثت نفسه إلى حدٍ بعيد، وتحول هو بنفسه إلى السعي للإيقاع بالآخرين، يتجه تلقائيًا، بخبث نفسه، بفساد نفسه الرهيب، بموت ضميره، بالتأثيرات السيئة، التي قد طغت على تفكيره واتجاهاته، فهذه الحالة يتحول فيها الإنسان إلى شيطان، للإفساد، ومستوى قدرتهم على التأثير في الآخرين، وطاقاتهم، ووصل إلى درجة أن يتحول إلى شيطان، يسعى هو دائمًا لإغواء الآخرين، إذا كان في موقع وجاهة اجتماعية، أو في موقع مسؤولية معينة، أو في مستوى، أو في مجال معين، له فيه تأثير معين؛ التعاون المشترك بين شياطين الإنس وشياطين الجن: هو تبادل الآراء، تبادل الخبرات، فيما يتعلق بالخطط، التي تُعتمد في الإغواء للآخرين، ومهاراته، وقدراته، التي هو مستفيدٌ منها، والذي عبَّر عنه القرآن الكريم بهذا التعبير: {يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ}، في ما يستطيع من خلاله أن يغوي به الآخرين، {زُخْرُفَ الْقَوْلِ}، المزين، الذي يؤثر به على الآخرين، الذي يصور لهم من خلاله أنه يدفع بهم إلى مصلحتهم، أو يغريهم من خلاله، من غير المستبعَد أيضًا أن بعض الشياطين من الإنس، أو بأي شكلٍ من الأشكال؛ مما يساعده على التأثير أكثر، والبعض في مستوى ذكائه، في مستوى تجربته في الحياة، ومن تجربته، في أماكن أخرى، وتجاه أشخاص آخرين، فنشاطهم أصبح نشاطًا مشتركًا، وأصبح بينهم هذا التعاون، الذي هو تبادل الآراء، بالمؤامرات، من خلال الوساوس واكتساب المهارات من بعضهم البعض. الإيمان بالآخرة، تتخلص- تمامًا- من كل المؤثرات النفسية، مؤثرات الهوى، التي تنحرف بك؛ فوق كل أهواء نفسك، في الطموحات المعنوية، تختلف أحوال الناس، وتنحرف بهم، أو عقدة العُجب، أو عقدة الغرور، أو أي عوامل أخرى، بأي طريقةٍ، بحرام، بظلم؛ أردت أن تكون بشكل متدين، والفاسقين، ومن البيئة الدينية، من شخصيات علمائية، من مُختلَف الناس، مختلف فئات المجتمع، يجمعهم جميعًا حالة انحراف- بشكل أو بآخر- عن منهج الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتأثُّر لأهواء أنفسهم، إيثارٌ، ما يقدمه الشياطين لهم: هو يلامس ما في أهواء أنفسهم، {وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ}، قبل ذلك: {وَلِيَرْضَوْهُ}، ويرتضونه، ثم يتجهون عمليًا على ذلك الأساس، وهذه حالة خطيرةٌ جدًّا. يتحركون وهم بصفة إنسان، مقاماتهم، مهامهم في الحياة، وهم يتحركون معه في ذلك، وطاقاتهم، وقدراتهم، وخزيهم، وهوانهم، وعذابهم والعياذ بالله، وغيظه، هو عبَّر في تعبيره: {لَأَحْتَنِكَنَّ}، بما يفيد السيطرة التامة والاستئصال لمجموعهم بالإغواء والإهلاك، هو يستثني؛ الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أجابه: {قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا}؛ مشكلة الكثير من الناس أنهم يتبعونه، جزًاء كافيًا، غنيٌ عن الناس، وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ}، ذلك المصير السيء، وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ}، الشيطان وهو يتجه بذلك المشروع الكبير: الإغواء للمجتمع البشري عبر الأجيال، مجتمعًا كبيرًا، المجتمع البشري مجتمع كبير، أن يضله، هذا يحتاج إلى إمكانات ضخمة، العمل لإغواء وإفساد وإضلال مليارات البشر عبر الأجيال، ويحتاج إلى جهود، والدفع بهم إلى ممارسات أعمال هي معاصٍ، هي أعمال لها تأثيرات سيئة عليهم في عاجل الدنيا، وعواقبها عليهم وخيمةٌ جدًّا في آجل الآخرة، كيف يقُوّي نشاطه ذلك؟ كيف يتحرك بهذا المستوى؟ هذا عمل يحتاج إلى تمويل، ويحتاج إلى جهود، بأعداد كثيرة، فكيف فعل؟ هو اتجه على أساس أن يُفِّعل دور البشر، الذين يسيطر عليهم ويؤثر فيهم، لا يحتاج إلى أن يخسر ولا فلسًا واحدًا من جانبه هو، أو ليحرك أنشطته في واقعهم، لا يحتاج إلى أن يبذل جهده في أنشطة- مثلًا- استثمارية، في سبيل تنفيذ مشروعه ذلك، هو يتجه إلى بني آدم بأنفسهم؛ ليوظف كل طاقاتهم، كل قدراتهم، كل إمكاناتهم، تدفع فيما فيه هلاكك وعذابك والعياذ بالله، أو مؤسسات، أو جهات، أنشطة يشاركهم فيها، يصبح شريكًا لدول، لأشخاص من الأثرياء والأغنياء والفقراء، حتى في مالهم القليل، أو في الفساد، أو في الظلم، مثل: الأغنية الماجنة المفسدة، مثل: صوت الضلال والباطل، لإغواء الناس، وإمكاناتهم، وثروتهم المادية، لخدمته. ثم الثروة البشرية، في أعمال الإثم والعدوان، ممن يتحركون لنشر الجرائم؟ كم له من جنود، يتحركون بقدرات عسكرية؛ لمحاربة عباد الله المستضعفين وظلمهم، فهو يتحرك بإمكاناتهم وقدراتهم البشرية والمادية، فيما فيه هلاكهم، بنفسه هو، السيء، الذي هو رمزٌ للشر، أن يكون مسيطرًا عليك، أن تتجه حيث يريد منك أن تتجه، أن تفعل ما يريد منك أن تفعله، وكل ذلك خسرانٌ لك، شقاءٌ عليك، حالة سيئة جدًّا! عندما تتحرك فيما يريد منك أن تتحرك فيه، فالحالة نفسها أصبحت حالة عبادة للشيطان، عدوك الذي هو عدوٌ مبين، الهوان لك، بسبب استجابتك أنت، بسبب ميلك أنت، واندفاعك أنت نحو الذي يريده منك، أنه يهبط بك، مما كان الله قد كرمك به من إنسانيتك، إلى رضوان والجنة، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}[الكهف: من الآية50]، لشقائك، بالكرامة، يريد أن يدفع بك إلى الأعمال السيئة، يريد أن يشقيك، لأنك مستقيمٌ فيها، يريد أن يدفع بك إلى أعمال سيئة، هو عدو لك، الحالة التي يصل فيها الإنسان إلى الخضوع للشيطان هي حالة رهيبة جدًّا! هو أيضًا يسيطر على البعض سيطرةً تامة، وعملًا لخدمة الباطل، يصبح هذا برنامج عمل لهم، يصبح مسيطرًا عليهم بشكلٍ تام، وهذا ما عبر عنه- فيما يتعلق بالمنافقين- بهذا التعبير: {اسْتَحْوَذَ}، وتأثير كبير عليهم، فهم يفقدون التذكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في مقام عظمته، حكمته، قوته، يغفلون عن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فيعتبرون أن الطريقة الصحيحة للحفاظ على مصالحهم وأنفسهم، وللسلامة من شر الأعداء، هو الخاسر الأكبر في الكائنات بكلها، وكل من يتجهون معه في طريقه، اتجاهًا معاكسًا، مع أنبياء الله، حالة رهيبة جدًّا من الضلال يصلون فيها فيُخذلون، إذا انحرف انحرافًا تامًا، يصبح جزءًا من العقوبة له: أن يُخذل، نتيجةً لكفرهم، يُخذلَون، من سوء، وتزعجهم باستمرار، ليرتاحوا، تُحرِّكُهم، وحالة خطيرة جدًّا نعوذ بالله من ذلك!