وقد عمل هذا الوضع على خلق حالة تميزت بتعثر عام على جميع الأصعدة الاقتصادية (البنوك، مؤسسات القطاع العام الجهد المالي للدولة، . كان الجزء الهام من هذه التناقضات وضعف التلاؤم يقع على مستوى نظم التنظيم والرقابة الاقتصاديين اللذين تم تبنيهما. في قلب العملية الاقتصادية، حيث أن الرقابة على هذه التدفقات تتم عبر عملية التخطيط بالنسبة للاستثمار. الرقابة على الاستهلاك فقد كانت تتم عن طريق تقنين الاستهلاك الذي يتم تنفيذه في إطار هياكل توزيع حكومية. حيث يستثني هذا المفهوم الازدواجي للاقتصاد كل قرار اقتصادي يقوم على أساس نقدي. لا تعبر النقود إلا عن وحدة حساب في القطاع العمومي حيث يقتصر دورها على التعبير على الخطة بوحدات نقدية. ولا تشكل بالتالي سوى أداة للرقابة على تنفيذ الخطة التي تندرج بدورها ضمن متطلبات الرقابة الإدارية من طرف المركز. تتم الرقابة على التدفقات النقدية عبر رقابة صارمة وصلبة على الأجور ونظام إداري للأسعار. لا يشكل كل من الأجور والأسعار متغيرا سلوكيا في المؤسسات العمومية، بشكل يجعل التفاعل بين القرض وإنشاء النقود في مثل هذا النظام، مصدرا لانطلاق عملية اختلالات ذات طابع تراكمي على اعتبار أن التعديلات المفترض حدوثها عبر الأجور والأسعار غير ممكنة. ومؤسسة قرض وسلطة نقدية في نفس الوقت. أدت هيمنتها على نظام التمويل الوطني إلى تجاوز النظام البنكي والمساهمة في تقهقره. وقد أثر ذلك بشكل سلبي على دوره في الوساطة المالية لافتقاده قبليا إلى هياكل مهيأة بشكل فإن فكرة التخصص البنكي التي تم تبنيها كان لها جوانب سلبية عديدة إلى حد كبير على الرغم من المبررات التي قامت عليها. فالتخصص يعطي لهذه البنوك امتياز الاحتكار في قطاعات عديدة وعمليات بنكية متنوعة، بما يجعل العلاقة بين البنك والمؤسسة علاقة ثابتة في كل الظروف لا تعطي الأدوات الملائمة لإجراء أي تقويم. وقد نتج عن كل ذلك غياب المنافسة بين البنوك وغياب استعمال الجزاء إيجابي أو سلبي الاقتصادي في تقويم العلاقة التمويلية مما يفضي في النهاية إلى سوء استعمال الموارد المالية المتاحة وتعميق التناقضات داخل نظام التمويل. تشير الإشكالية التي نبعت عن العلاقة بين الدولة التي تملك البنوك والدولة التي تعتبر المدين الرئيسي لهذه البنوك عبر موقعها كمساهم حصري في مؤسسات القطاع العام، إلى طبيعة هذا التناقض وصعوبة إيجاد التوازن بين متطلبات الملكية للقطاع البنكي والمسؤوليات التي يتعين إبداءها أمام مؤسسات القطاع الإنتاجي ومتطلبات التمويل على أساس قاعدة ترتكز إلى مفهوم القيمة. تتواجد البنوك العمومية في صلب تناقضات الوظيفة الاقتصادية للدولة التي تلعب دور المساهم الوحيد للقطاع المالي وقطاع الإنتاج، والدائن والمدين والفاعل الاقتصادي في نفس الوقت. وقد أفضى هذا التناقض إلى خلق نوع من الغموض على مستوى القاعدة الأساسية لتنظيم الاقتصاد والذي يتمثل في الصيغة المستعملة في تخصيص الموارد، وهل يتم ذلك على أساس قواعد إدارية تحقيق مسؤوليتها المعنوية تجاه المؤسسات العمومية الاقتصادية في كل مرة تحتاج فيها هذه الأخيرة إلى التمويل حتى ولو كان لا يعكس أية نجاعة اقتصادية. ويمكن أن يفسر فشل النظام البنكي في تحويل هذه السيولة المتزايدة إلى أموال قابلة للإقراض بخضوع عملية تنظيمه إلى قواعد إدارية وبيروقراطية. وهكذا نشأ عن احتكار القطاع البنكي العمومي للأنشطة البنكية والتخصص الإداري أو النابع عن صلابات داخلية نوعا من الجمود الذي نتج عنه خللا وظيفيا خطيرا كما نتج عنهما أيضا غياب استراتيجيات بنكية وسياسات تجارية فعالة تسمح للنظام بزيادة قدرته على تعبئة موارد الادخار وتخصيصها بشكل أمثل. التي نتجت أساسا عن صلابا لا الداخلية من جهة وصعوبات السداد لزبائنها الرئيسيين من مؤسسات القطاع العام، إلى أزمة محفظة هيكلية انعكست بشكل سلبي جدا على نشاطها التمويلي. فقد أفضى تصميم المخطط الوظيفي للنظام البنكي إلى إكساب هذا الأخير خاصية أساسية تتمثل في تركيز قرار القرض على مستوى المقر المركزي للبنك. يقترب البنك بشكل أكبر من المدينين الكبار ضمن مؤسسات القطاع العام على حساب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. تجدر الإشارة أيضا إلى أن طبيعة النظام البنكي العمومي، خاصة في دول لا تزال التنمية فيها في مراحلها الأولى وتفتقد بالتالي إلى الخبرات التنظيمية الضرورية خاصة على المستوى الجزئي، لا تسمح له بامتلاك أنظمة للمعلومات والاتصال تتميز بالكفاءة المطلوبة.