لكنني ذهبت سريعًا إلى مدرستي حيثُ أيقنت بأنّهُ لا بُدَّ ممّا ليسَ مِنْهُ بُدٌّ. بينما كان المُعلّم يتحرك في الفصل ذهابًا وَإيابًا، وإذ بي أفتح باب غرفة الدّرس وأَمُرَّ أمامَ الجميع مع قدرٍ كبير من الخجل والرُّعب يكسوني، وهُنا رآني السّيّدُ هامل “المعلم” وقال لي بصوتٍ رقيق “اذهَبْ إلى دُرجِكَ بسرعةٍ أيُّها الصّغيرُ لقد كُنّا على وَشَكِ البدءِ مِنْ دونِكَ” وبالفعل جلست بسرعة على مقعدي. انتبهت بعدها إلى ملبس المُعلم، لكن ما الخطب؟ لماذا يرتدي المُعلم ملابس المُناسبات خاصته؟! ولماذا كل هذا الهدوء الذي يسود أجواء المدرسةَ؟! كما أنّ دهشتي قد ازدادت أكثر عندما رأيت أهل القرية يجلسون في المقاعِدَ الخَلفيّةَ! وفي ظل حيرتي وتساؤلاتي اتَّجِه السيد هامل إلى مقعدِه قائلاً وبصوتٍ رقيق: “سيكونُ هذا الدّرس يا أولادي هوَ آخِرُ ما سأُلَقِّنُكُمْ إيّاهُ فقد صدرَ الأمْرُ بتدريسِ الألمانيّةِ فقطْ في المدارسِ وسيصلُ مُدَرِّسُكُمُ الجديدُ غَدًا… أنصِتوا إليَّ جَيِّدًا، وحينها سمعت كلمات السّيد هامل وكأنها صاعقة قد حلّت بي، وخلال هذا الوقت أمرني السيد هامل بالقراءةِ وحينها تمنّيْتُ أنْ أقرأَ بمهارةٍ وإتقان، وتَعثّرْتُ عندَ نطق أوّلِ كلمة فتزايدت دقّاتُ قلبي وزاد توتري للغاية حتى أنّني لم أجرؤُ على رفعِ رأسي من شدَّةِ الخجل. ليقول لي مُعلّمي السّيدِ هامل بنفس الصّوت الرقيق: لَنْ أوبِّخَكَ أيُّها الصّغيرُ فَبِكَ ما يكفيكَ عنِ اللّومِ والتّأنيبِ،