هو المقدام المناظل الذي لا يعرف التعب من أجل تلبية رغبات أبنائه، وهو الصاحب الذي لا يكل من مرافقتهم في كل محل ومرتحل. بر الأب واجب أمرنا الله تعالى ببر الوالدين وعدم عقوقهما، إذ قال: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، وعليه يجب طاعة الأب والإصغاء إليه وتلبية كل حاجاته وفهمه وعدم كسر خاطره، فالأب هو المربي دون تقصير فهو يطمح في تربية أبنائه وتنشئتهم تنشئةً طيبة سليمة بعيدة عن الانحلال نزيهة لا ينقصها شيء. كلامه يُريح القلوب ويثمر الصدور فهو الذي لا يتعب من سماعهم وإرشادهم ولا يمل من دعمهم وتشجيعهم وإرشادهم، فهو الطبيب الذي يقف على مشاكلهم ومعضلات أمورهم، فالأب هو السور الذي يحمي العائلة ويذود عنها، الأب كلمة عظيمة قد تكون قصيرة الطول قليلة الأحرف إلا أنّها طويلة الأمد في العطاء كبيرة المكانة؛ فالأب يحافظ على أسرته متماسكة ولا يُفرقها شيء، يقضي ساعاته الطوال في العمل، ولا يعرف الملل لكي يعود إلى بيته محملًا بالأكياس الكثيرة التي تمد أبناءه بالقوت فلا ينقصهم بعدها شيء، فيا له من رجل عظيم وخارق! فحب الأب أروع الهدايا من الله. وتفقد الأسرة أكبر مقوّماتها، فيشعر الأهل بالغربة لفقدهم عامود البيت وأساسه الذي لطالما ارتكزوا عليه، ولا يكون بره في الحياة فقط، لذا حثّ الإسلام على بر الآباء بعد وفاتهم من خلال زيارة أرحام الأب ووصل أصحابه وبرهم وتقديم ما يلزم لهم والدعاء له في كل مواطن الدعاء المستجاب والتصدق عنه، يقول أبو قاسم الشابي:[٢] كنتُ أَحْسَبُ بعدَ موتكَ يا أَبي ومشاعري عمياءُ بالأَحزانِ أَنِّي سأَظمأُ للحياةِ وأَحتسي مِنْ نهْرِها المتوهِّجِ النَّشوانِ وأَعودُ للدُّنيا بقلبٍ خافقٍ للحبِّ والأَفراحِ والأَلحانِ الأب شجرة عطاء الأب كالشجرة في العطاء فهو يمنح بلا مقابل، وكالنهر في الحب والحنان دائم الحب، وهو صمام الأمان للأسرة فهو يحميهم من المخاطر التي تُحيط بهم، والأب هو دفء الأبناء في الشتاء وفرحهم في الربيع وهو الذي لا يزوره النوم حتى يطمئن على أبنائه بأنّ كل واحدٍ منهم قد أخذ مكانه ونام، فقلبه لا يجد لذة الراحة بعد طول التعب ومشقة الحياة.