لم تكن الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي نفسها بين جميع الأمم والشعوب في تلك الفترة الزمنية، بل اختلفت من منطقة إلى أخرى، فامتازت كل منطقة بالعديد من الأمور والملامح التي تكوِّنُ شخصيَّتها الخاصة في الجاهلية، فقد كان العبودية في بلاد فارس تعبِّر عن أقصى درجات الذلِّ والامتهان في تأليه الحاكم الفارسي، وكان المجتمع عندهم ينقسم إلى سبع طبقات، والشعب الضعيف هو أدنى طبقة ومحروم من جميع حقوقه. [٣] أمَّا في بلاد الروم فقد كانت حياتهم الاجتماعية توحي بضلال بعيدٍ وجهل شديد وانحطاط عن مستوى الأخلاق التي زرعها الله تعالى في البشر، فكان ينتشر بينهم زواج المحارم وإتيان البهائم والكنائس تعدُّ الاستحمام خطيئةً يجب الابتعاد عنها، وكان الملوك يتلذذون في مشاهدة الوحوش المفترسة تأكل العبيد في المسارح، وانقسمَ المجتمع أيضًا إلى أحرار وسادة، وحُرِمت المرأة من التعليم وكان الرجل أحيانًا يرثُ ما لدى أبيه من زوجات بعد وفاته، أمَّا العبيد فلم يكن لهم أية حقوق. [٣] أمَّا عن الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي في شبه الجزيرة العربية، فقد كانت مختلفة بعض الشيء لكنَّها تتلاقى في النهاية مع جاهلية بقية الشعوب، وكانت العصبية من أبرز مميزاته، وكان المجتمع ينقسم إلى طبقات سادة وطبقات بقية الناس، وكان السادة يرون لأنفسهم فضلًا على الناس ويتعالون عليهم، وكان المُلك والحكم والسلطة وراثةً، يأخذها الأبناء عن آبائهم ويملكون زِمام الأمور. [٤] أمَّا الطبقات الأخرى، فقد كانت مسخَّرة لخدمة السادات، وهذا ما جعل المجتمع في تفاوت طبقي كبير، وقد كان هناك أنواع كثيرة من الزواج ما أنزل الله بها من سلطان، وانتشر الزنا بشكل كبير حتى كان عدد من الرجال يدخلون على المرأة وعندما يأتي الولد تختار هي والده كما تشاء، وكان العبيد في حالةٍ مزرية وظلم شديد يتحكم أصحابهم بكل تفاصيل حياتهم فليس لهم أي حقوق من حقوق البشر. [٤] وكانت المرأة مظلومة في طبقات المجتمع بشكلٍ عامّ، إذ كان الرجل مثلًا يرثُ زوجةَ أبيه وهي لا ترثُ شيئًا بل تعدُّ من سقط المتاع، ولا يسمح لها بالوصول إلى المناصب المهمّة والحديث في شؤون القبيلة كما كان منتشرٌ وأدَ البنات خوفًا من العار والفقر، إلا أنَّها كانت مكرمة في بعض الأحيان وفي طبقة السادة، ومن الأمثلة على ذلك خديجة بنت خويلد وهند بنت عتبة وغيرها.