قالها يومًا صليبي حاقد: كأس وغانية تفعلان بأمة محمد ما لا تفعله الأساطيل الجرارة. إن المقصد الأساسي من وراء الحرب على المرأة المسلمة أن يحولوها إلى ما يريدون، إنهم يريدونها مصدر فساد لا مصدر صلاح، خلية سرطانية مدمرة لا مصباح نور ومشعل هداية ومركز علاج ودواء، فالأم في الإسلام مربية الأجيال وصانعة الرجال إن هي استخدمت ووجهت لتكون كذلك، وإلا فإنها ستكون مصدر دمار لا مفر منه ولا سبيل لمواجهته، وهذا ما نبهنا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه. فقد أخرج مسلم في صحيحه، عن أبي سعيد الخدري: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» (1). وفي صحيح ابن خزيمة، عن عبد الله بن مسعود: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المرأة عورة، وإنها لا تكون إلى وجه الله أقرب منها في قعر بيته» (2). ذهب أعداء الإسلام يبحثون عن أكثر منطقة حساسة فيه ليوجهوا إليه الضربة القاضية، فهي تربي أجيال المستقبل، وتنشئهم على الطريق المستقيم، هي الزوجة المعينة لزوجها على الحق، هي الأخت الرفيقة في المحن والشدائد، هي رفيق درب الرجل المسلم في كل نواحي الحياة. والتي تنعكس سلبياتها على الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية؛ هي أن ندفع المرأة إلى الهاوية، ويقذف بها إلى نار الشيطان، وعملوا على نقلها إلى الدول الإسلامية، وأرادوا بذلك إبعاد المرأة عن دورها الحقيقي الذي خُلقت من أجله، سواء كانت أمًا أو أختًا أو زوجة أو ابنة، وكل دور أصيل خُلقت من أجله، وسعوا من خلال هذا المفهوم الشيطاني إلى إخراجها من طبيعتها وتكوينها، وعملوا على تغريب عقلها وثقافتها وتفكيرها، وجرها للاهتمام بالموضة العالمية والأزياء الحديثة ومؤسسات التجميل الزائف، وصرفها عن أسرتها وقيمها ودعوتها للتمرد على ولي أمرها؛ وانصرافها إلى دعاوي تحرر الأجساد والعقول من كل قيمة أو مفهوم صحيح يدعو له ديننا الإسلامي الحنيف. أسباب استهداف المرأة المسلمة: يمكن هنا أن نلخص أسباب استهداف أعداء الإسلام للمرأة المسلمة في النقاط التالية: والداعية والواعظة والطبيبة، 2- هي القائمة على شئون البيت وتنظيم احتياجاته بمشاركة زوجها، فبحكم طبيعة المرأة والمهام التي أوكلها الله إليها؛ فإنها تقضي معظم وقتها داخل البيت، فبالتالي تكون مطلعة على كل صغيرة وكبيرة داخل البيت، ولقد شهد الجميع عبر العصور على قدرة تحمل المرأة لأعباء الأسرة، لا توفر أي جهد يمكن أن تبذله في سبيل إسعاد الآخرين أو مساعدتهم. فمنذ أن يولد الطفل تتولى الأم رعايته بشكل كامل؛ في الملبس والمأكل والمشرب، وعندما يكبر قليلًا ويدخل الصف التمهيدي تتولى رعايته مربيات متعلمات ومثقفات يشرفن على بدء تعليمه أساسات دينه البسيطة، وعلى مدار سنواته الأولى في التعليم نجد أن أغلب من يعلمه مدرسات، لا شك أن المراحل الأولى لحياة الإنسان مهمة جدًا، أما إذا كان الزرع خبيث كان هلاك الفرد والمجتمع. فمنذ اللحظات الأولى للإسلام فرض الله الحجاب على النساء، وطالبهن بالتزام لبس الزي الشرعي، وكان هذا بمثابة هوية للمرأة المسلمة ليميزها عن غيرها، ولا ننسى كيف منع سيدنا عمر بن الخطاب الجواري من لبس الحجاب حتى لا يتشبهن بالمسلمات الحرائر. التحديات التي تواجه المرأة المسلمة: وفي التربية والإعلام، وفي التعليم، وتلمح تارة، وتضعف تارات. بعض هذه التحديات: - الحجاب والزي الشرعي: تعبر عن مدى تمسكها بدينها وعقيدتها الإسلامية وتعاليم دينها، وبمقدار التزامها بالزي الشرعي والحجاب نستطيع أن نحكم على أخلاقها وتربيتها، فأي فتاة فاسدة خارجة عن تشريعات دينها والطريق القويم الذي رسمه لها الإسلام؛ فإن أول ما تتخلى عنه من دينها هو زيها الشرعي وحجابها لكي تستجيب لمغريات الحياة ومفاسدها. وما زالوا في محاولات مستمرة لينتزعوا من المرأة المسلمة حجابها الذي كرمها الإسلام به، وكل يوم يخرجون بحجة جديدة ليدفعوا المرأة المسلمة لخلع حجابها، وتارة يقولون أن الحجاب له آثار سلبية على الشعر وصحته، وتارة أخرى وهي الأشد إيلامًا، والتي مع الأسف تبناها بعض مدعي الإسلام أنهم بدءوا بتفسير آيات الحجاب تفسيرات ما أنزل الله بها من سلطان، وأمور كثيرة غيرها مما يطعن الإسلام في ظهره ممن يدعون أنفسهم فقهاء ولكن بلا فقه، ويتفقهون لغير العبادة، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة، ويلبسون جلود الضأن، ولكن المسلمات الثابتات لم يخضعن لهذه المغريات، مما دفع بعض الدول لاستخدام أساليب أخري لتمنع الحجاب بالقوة. فللزي الإسلامي نصيب كبير من هذه الحرب الشرسة، فركزت دور الأزياء في تصميماتها على الأزياء التي تصف وتشف وتلفت النظر، وحديثًا ظهرت دعوة من البعض إلى ابتكار أزياء إسلامية معاصرة لاجتذاب الفتيات الغير مسلمات والمسلمات الغير ملتزمات للزي الشرعي وترغيبهن فيه، والمؤسف أن هذه الأزياء ذهبت في اتجاه آخر، نجد أن كثير من فتيات ونساء المسلمين بدأن بالتخلي عن زيهن الإسلامي وارتداء هذه الأزياء. هذا الإنسان الذي لما عصى فتعرى أخذ يبحث ومن تلقاء نفسه عما يستر عورته، - شبكات الإنترنت: مما قدمته لها الحضارة المعاصرة الإنترنت، وتسهل عليك الحصول على المعلومات، ولعل هذا الهدف غاية سامية يحترمها أي مجتمع ويرحب في دخوله إلى كل مرفق من مرافقه. لكن وبمجرد أن دخل الإنترنت إلى مجتمعاتنا الإسلامية، حتى بدأت تنتشر عليه مواقع ترفيهية تافه، ومواقع مخلة للأخلاق والآداب، وأغلب هذه المواقع تخاطب جيل الشباب الذي يعتمد عليهم بناء مستقبل الأمة، ومواقع موجهة لفئة الأطفال وغرضها الاتجار بهم، والمصاحبة. وهنا تكون الأم المربية الأولى لأولادها في موقف لا تحسد عليه، فإنها إن منعت الإنترنت من دخول البيت، وحتى لو حاولت أن تمنعهم فإن أولادها سينعتونها بالتخلف عن ركب الحضارة، بالإضافة أن المرأة لا تستطيع مراقبة أبنائها خارج المنزل. إن مواجهة مثل هذا الأمر تقع مسؤولية على جميع أفراد المجتمع، ولعلي هنا اقترح نقطتين لابد من احتواء أي خطة عليها وهي: 1- ضرورة وضع رقابة على متصفح الإنترنت بصورة عامة والتي يتردد عليها الأطفال والشباب بصورة خاصة. لتحقيق الفائدة دون إلحاق الضرر بالتربية الإسلامية لأبنائنا. - القنوات الفضائية: وهي لا تقل في خطورتها عن الإنترنت؛ بل هي أشد خطرًا كونها في متناول يد جميع أفراد الأسرة، ودعوني أعرض بعض تأثيرات الفضائيات على التربية الإسلامية للمجتمع المسلم: 1- البرامج الموجهة للمرأة، فمن شدة اهتمام المسئولون بشئون المرأة اختصوها ببرامج خاصة بها؛ منها ما يهتم بالأزياء الفاضحة، وفي حقيقة الأمر هي برامج هدفها زرع القيم الغير إسلامية في مجتمعنا عن طريق طرح حلول تنافي شريعتنا الإسلامية، وكأن حل مشاكلها يكون بعيدًا عن الإسلام، ومن ثم تنقل ذلك إلى أبنائها أو إلى الجيل الذي تربيه؛ فينهار المجتمع المسلم، وتنطمس معالم الإسلام الأخلاقية والدينية. 2- برامج الأطفال، التي تخاطبهم بلغة أكبر من سنهم، فتسلب الأطفال هدوءهم وتحولهم إلى أطفال عنيفين في طباعهم وتعاملهم مع الآخرين؛ فإن الأطفال يصلوا إلى قناعة أن العنف وسيلة من وسائل العيش في الحياة وحل المشاكل، ويتكون داخله كراهية اتجاهها يتولد عنها عدم الاحترام؛ مما يصعب معه زرع أي قيمة إسلامية داخل هذا الطفل، وللأسف فإن كثير من الأمهات تغفل عن هذا الخطر الذي يهدد أطفالها، ولا تشعر بالشر الذي يزرع داخل طفلها مع مرور الوقت. وتتعامل معها وكأنها سلوكيات حضارية لا ضرر في التعامل معها، وكأنها شيء طبيعي، وهم يحاولون أن يسلبوها إياها بكل الوسائل والطرق المتاحة، أو حتى زيارات صلة الرحم، فيغفل الآباء عن تربية أبنائهم أو متابعة أمورهم وسلوكياتهم اليومية. فلا بد لها كي تواجه هذا الغزو أن تعمل كأنها محطة تنقية ومراقب عام على كل ما يشاهده أبنائها، وأوقات أخري للجلسات العائلية التي يجتمع فيها أفراد العائلة لمناقشة المشاكل التي تواجههم، ولا بد لها من متابعة سلوكيات أبنائها وزرع القيم السامية داخلهم منذ نعومة أظافرهم والتأكد من عدم تأثرهم بكل ما يشاهدونه أو يسمعونه. تحدي قديم وحديث أو أنه لا يخلو زمن منه، سواء بالقسوة مع البنات أو عدم الاهتمام بهن مثل الأولاد، وعدم مراعاة احتياجاتهن، وقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم بالعدل بين الأبناء فقال: «اعدلوا بين أبنائكم، وقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم بالبنات وحسن معاملتهن، فيظهر ضعاف النفوس فيستميلوا هؤلاء الفتيات، أو دفعها لارتكاب الجرائم البشعة التي بندى لها الجبين، والسبب في وجودها هو غيب الرقيب الداخلي على النفس، ويحمي نفسه من الأوبئة التي يبثها أعداء الله للقضاء على الإسلام (6). أ‌- العادات والتقاليد الموروثة التي أسهمت في عدم تفوقها أو أدت إلى تراجعها مما جاء الإسلام بنبذه والتصدي له. ب- سيطرة جملة من الخرافات والشعوذة على تحركات المرأة؛ خوفًا من الحسد أو العين أو السحر، مما جعل جمله من النساء يعشن فترات من حياتهن ينتقلن بين العيادات النفسية، وهي من قبل ومن بعد في سلامة وعافية حقيقية. لم تزل الأمة بخير، ولا يزال للحق مقال، والذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، والاستيلاء على ثروات البلاد والحيلولة القوية دون امتلاك القوة، واصطناع معارك وهمية بين المجتمع، من شأنها تشتت تفكيره وتستنزف طاقاته. عبر وسائل الإعلام طعنًا وتشويهًا وسخرية واستهزاء، وتشويها للتاريخ الإسلامي، وإبرازًا للفتن، وإحياء للشعوبية والعامية، وإحداثًا للتبعية للغرب وإكباره، وإبراز الحضارة الغربية بأنها النموذج الذي يجب الاقتداء به. واصفين الدين بالتخلف والرجعية والجمود، ومن على شاكلتهم، وتحافظ على تماسك الأسرة ووحدة المجتمع وتبرز محاسن الدين، وتزرع في قلوب الجيل الثقة بعقيدته الإسلامية، وأن تكبر لغتها وتاريخها كما قال تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الزخرف: 43]، وليكن نصب عينيك قوله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} [البقرة: 120]، إن نظرة واحدة في الشعوب التي استجابت للتغريب والغزو الفكري تؤكد ما وصلت إليه تلك الشعوب من تخلف وانحلال وتبعية وفقر وحروب ودمار. فإنما حرروها من عبودية ليقعوا بها في عبودية أخرى، لئن كانت المرأة في المجتمعات الأخرى بحاجة ماسة لتحريرها الحقيقي؛ ومن أبرزها مظاهر التحرير والتكريم الآتي: أ‌- أكد الإسلام أنها مخلوقة كالرجل؛ ج- أقر الإسلام حقوقها الفطرية واحترم خصوصيتها الجسدية والنفسية، وليست تنازعية ظالمة قبيحة؛ هـ- أوجب الإسلام حسن رعايتها، فأقام جيوشًا جرارة تقاتل لنصرتها عند استغاثتها. وتلمس حاجاتها، فأوجب لها النفقة والسكنى، - العالمية أو العولمة: إن المرأة المسلمة المعاصرة بثاقب فطرتها، وقوة رصدها للأحداث، وقفت بنفسها على الغول الجديد الداهم على المجتمعات والشعوب. إنها العولمة التي تعني التراكمات البشرية في جميع مناشط الحياة الزاحفة نحو الآخرين، بحيث لا تترك أحدًا إلا نالت منه. إن العولمة تكاد تصبح حتمية الزحف من الأقوياء إلى الضعفاء، تحقق سيطرتها الثقافية والاجتماعية والسياسية، وفي الحقيقة أن طابع العولمة الآن هو أمركة للشعوب المغلوبة. بل فتح الفضاء أمام القنوات الفضائية، والاتصالات التقنية، مما سهل صياغة توجهات الشعوب بما يخدم الأمركة، غير أن الله لا يقدر الشر المحض فإنه من وسائل العدو يمكن غزوه بها في عقر داره. ولعل من أهم واجبات المرأة المسلمة الآن تجاه العولمة الآتي: 1- الوقوف صفًا واحدًا أمام هذا الطوفان الغربي الزاحف على المجتمع بعامة والمرأة بخاصة. 4- الدفع بقوة بالثقافة الإسلامية عقيدة وشريعة وعبادة إلى معاقل الغرب والشرق بكل وسيلة تستطيعها المرأة الآن. 5- الإفادة من إيجابيات العولمة فيما يقره الشرع المطهر فالحكمة ضالة المؤمن (8). إن هذه التحيات والمشاكل التي تواجه المرأة والمجتمع المسلم ليست نهاية المطاف، أو أنها نهاية للإسلام فدائمًا بالعودة لتعاليم ديننا الحنيف ملجأ آمن لجميع مشاكلنا نجد الحل والعلاج في شريعة الله عز وجل. وهنا أعرض بعض الاقتراحات للوقوف في وجه هذه التحديات والتغلب عليها: • إعادة النظر بكل جدية في النظم والقوانين التي تحكم المرأة، والعمل على إعادة صياغتها بحيث تكفل للمرأة حياة كريمة وتساعدها على التصدي لكل التحديات التي تتعرض لها. • القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة. • العمل على مراقبة كل الوسائل الإعلامية "الكتب، البرامج، • الإشراف على الوسائل الإعلامية الموجه بشكل خاص للمرأة والتعويض عن الفاسد منها بوسائل إسلامية فعالة ومنها: 1- إنشاء محطات فضائية مسلمة تختص بقضايا المرأة المسلمة والعمل على إبرازها بالصورة الإسلامية النقية. 2- إنشاء إذاعات محلية خاصة بالمرأة المسلمة وتكون القائمات عليها من المسلمات اللواتي صح إسلامهن. 3- دعم إصدار المجلات النسائية الإسلامية (9). أخيرًا: ما كان لتلك التحديات أن تجد بين الصفوف مكانة،