قتل عماد الدين زنكي عام 1146م أثناء نومه على يد خادمه برتقش، لأسبابٍ متعددة، منها ثأر شخصي أو مؤامرة سياسية من أعدائه، مثل ألب أرسلان الذي استغل مقتل زنكي للاستيلاء على الموصل. بعد ذلك، حقق نور الدين محمود الزنكي، ابن زنكي، وحدة تكتل القوى الإسلامية، مُجسداً صورة القائد المسلم الزاهد الباسل. جمع نور الدين بين السياسة الحكيمة والدين، فتوحدت صفوف المسلمين، معتمداً على الإيمان، والوحدة، والقوة. خلال حكمه (1146-1174م)، وحد نور الدين القوى الإسلامية، مُشكّلاً "الجبهة الإسلامية المتحدة" التي شملت سوريا، الموصل، ديار بكر، الجزيرة، مصر، وبعض أجزاء المغرب واليمن. حصّن قلاع الشام، وبنى أسوار مدنها، وقاد معارك المقاومة بنفسه، مُوقِفاً زحف الصليبيين. أبرز إنجازاته كان استيلاءه على دمشق (1154م) ومصر (1168م)، مُحطّماً بذلك طموحات الصليبيين. حافظ نور الدين على العدالة، ونشر الثقافة الإسلامية، وبنى مدارس ودور للحديث، مُجسداً المثل الأعلى الإسلامي الذي مهد الطريق لصلاح الدين الذي استكمل عمله باستعادة القدس. عمل نور الدين على توحيد الشام، مُضمّاً حلب ودمشق إلى إمارته، مُستغلاً ضعف حكام دمشق وتواطؤهم مع الصليبيين. استخدم نور الدين سياسات ذكية، مزيجاً من المراسلات والهدايا والتهديد، قبل أن يستولي على دمشق عام 1154م. بعد ذلك، واصل نور الدين جهاده ضد الصليبيين، مُحقّقاً انتصاراتٍ مهمة، كاستيلائه على بانياس وحصار حارم، وإضعاف إمارتي أنطاكية والرها. أرسل نور الدين حملةً عسكريةً إلى مصر بقيادة أسد الدين شيركوه وصلاح الدين، كجزءٍ من خطته لاستنزاف قوى الصليبيين.