التي اصطلح على تسميتها بالمرحلة الجاهلية، لا تتعدى المائة من الأعوام السابقة على ظهور الدعوة الإسلامية. وعلى هذا الأساس فإن ما وصلنا من شعر هذه الفترة القصيرة زمانياً، من تطور اللغة العربية، وإذا ي عند كانت تسميتها بالمرحلة الجاهلية بالتضادر مع الرشاد والمعقولية التي أتي بهما مصرف الإسلام، على الرغم من أنها تحمل إدانة لهذا النمط من المعيشة. العقل الخارجة على الهداية بالمعني الديني، إلا أنها لا تخلو من تحديد واقعي لطبيعتها سلوكية الثقافية. فهي في الواقع طبيعة الجهل، لا على أن الجهل هو فقدان المعرفة الإلهية، ولدن بل باعتبار أن الجهل هو حياة الفطرة الحماسية الخالية من سيادة العقل، بمعنى بالعدم، هي أساس مذهب الفروسية الجاهلية الذي تحكم في جميع مظاهر الحياة السابقة على الإسلام. (. كل لحظة، ومراتع (1) الإبل، ثم صعد العربي هذا الموقف الطبيعي المادي المباشر، إلى فكرة العرض والشرف. فاصبح الدفاع عن المال - بما تعنيه هذه اللفظة من دلالة واسعة : تشمل كل موضوع تملك هو انتصار للكرامة، هو معادل قيمي لوجود الشرف أو إستلابه. وأهل الحي، كلها مجموعة رموز لوجود الرجولة العربية، المهددة من قبل الغزاة في كل لحظة. وكان الصراع بالتالي، هو البرهان الإيجابي الوحيد ضد تهديد العدم ولو تساءلنا ما الذي جعل عربي الصحراء، والشجاعة في الحرب، إنما هي نوع من التأكيد الوجودي، .. وعلى هذا الأساس، وكما تبرز القراءة التحليلية الهادئة لملاحم الشعر الجاهلي، ولكنه كان أعلى دفاع للعربي الفارس ضد الدهر، (۲)، ضد البوار ضد الغزاة، ضد المجهول الذي يحمل اليه إعصار الرمال وجذب المواسم، وأخطار المفازات (3) البعيدة الرهيبة، على الصمود في وجه تهديدات العدم المادي المباشر، والعدم الميتافيزيقي المطلق، الذي لم يفارق وعي الجاهلي لحظة أبداً، بل ناضل العربي وكافح دائماً، وتلك هي رموز الانتماء فكان على الشاعر، قبل أن يكون الفصيح باللغة الجميلة المعبرة، والشعر الفخم المبدع، ومن المكرمين الأخيار، ومن المدافعين الأمينين، عن عرض القبيلة، وقت الفزع وتجلي المكرمات الكبيرة،