فقوله -تبارك وتعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله: أي: خذوا اقرءوا كتابيه، هاؤم بمعنى خذوا، فهو اسم فعل بمعنى خذوا، وبعضهم قال: هو بمعنى هاؤم أي: تعالوا كما جاء عن ابن زيد، هنا قوله: إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ المعنى هنا يقول: كنت موقنًا في الدنيا، فإن ظن تأتي بمعنى العلم واليقين، كقوله -تبارك وتعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ يعني يوقنون، فإن الإيمان بالله -تبارك وتعالى- لا يصلح فيه هذا، فالظن يأتي بمعنى اليقين. قوله -تبارك وتعالى: فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ قال هنا: أي: مرضية، راضية أي مرضية القطوف جمع قِطْف وهو ما يقطف من الثمار، هنيء. وقوله: بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ الباء هنا تدل على السببية، بما أسلفتم في الأيام الخالية ونحو ذلك، هذا يدل على أن الأعمال سبب وهو لا ينافي قول النبي ﷺ في الحديث الذي أورده المؤلف: واعلموا أن أحدًا منكم لن يدخله عمله الجنة يعني لا يكون ذلك على سبيل الاستقلال، لأن العمل لا يمكن أن يكافئ نعمة من نعم الله  عليه، وهذا العمل لا يمكن أن يكافئ هذا النعيم المقيم في الجنة، ولكن الله -تبارك وتعالى- يمن على عباده ويرحمهم فيدخلون الجنة، فالعمل سبب ولكنه سبب غير مستقل، ولا يحصل له شيء من العجب، ولا يظن أنه إنما يدخل الجنة بسبب هذا الاجتهاد والعمل الذي عمله في الدنيا، ولكن الله -تبارك وتعالى- يخبرنا عن حقائق الآخرة، وما يقال له،