مقالة جدلية حول اليقين الرياضي. (جميع الشعب) السؤال: هل الرياضيات مطلقة اليقين؟ مقدمة طرح المشكلة ) يعرف الإنسان بتطلعه و فضوله الدائم لبلوغ الحقيقة بمختلف أنواعها و من بينها الرياضيات و التي تعرف على أنها ذلك العلم الذي يهتم بدراسة المقادير القابلة للقياس الكمي و هو نوعين الكم المتصل (الهندسة) و الكم المنفصل (الجبر) و تتميز الرياضيات بدقة و صرامة نتائجها و هذا ما جعلها مثالا للدقة و اليقين الذي تنشده مختلف العلوم إلا أن العصر المعاصر عرف ظهور أنساق رياضية جديدة أدت إلى تعدد نتائج الرياضيات الأمر الذي أحدث جدلا فكريا واسعا بين الفلاسفة و المفكرين و أدى إلى تضارب آرائهم إنقسموا على إثره إلى تيارين متناقضين تيار يرى بأن "اليقين الرياضي مطلق " و تيار يرى بأن "اليقين الرياضي نسبي" هذا الجدال الواقع بينهم دفعنا إلى طرح الإشكال التالي : هل اليقين الرياضي مطلق أم نسبي ؟ أو بمعنى آخر إلى أي مدى يمكن إعتبار الرياضيات دقيقة النتائج ؟ العرض:( محاولة حل المشكلة ) عرض منطق الأطروحة : "اليقين الرياضي مطلق " إن الرياضيات علم دقيق يقيني ومصدر دقتها ويقينيتها تقديرها الكمي والحركة المنطقية التي يتبعها الرياضي فيها ولزوم نتائجها عن المقدمات ودقة هذه النتائج وكذا طابعها التجريدي المتصف بالضرورة ولهذا فهي ضالة كل من الفيلسوف لأنه يرى فيها الحقيقة الثابتة وكذا العالم لأنه حول من خلالها سبل البحث العلمي من التعبير الكيفي إلى الكمي ومن التجريب إلى التجريد و يتبنى هذا الموقف كل من " ديكارت سبينوزا بوانكاري " و يبرر هؤلاء موقفهم بالحجج و البراهين الآتية: أن الرياضيات تعتمد على مجموعة من المبادئ المطلقة و أولها البديهيات و هي مبادئ عقلية لا تحتاج إلى برهان لإثبات صحتها و لا تعرف بالتغير فهي ثابتة منذ الأزل مثل " الكل أكبر من الجزء "" القيمتان المتساويتان لقيمة ثالثة متساويتان فيما بينهما " حيث يقول ديكارت في هذا الشأن " لا أتقبل شيئا على أنه صحيح إلا إذا كان بديهيا و عليه فمهمة الرياضي هي الإضافة و ليس إعادة النظر " و يقول كذلك "البديهية كالشمعة تضيء نفسها وتضيء ما حولها ولا تحتاج إلى من يضيئها" و يقول سبينوزا " البديهية هي معيار الصدق و الكذب " كما تعتمد الرياضيات على المسلمات و هي بدورها مبادئ ثابتة يتم التسليم بصحتها دون برهان مثل مسلمات إقليدس " مجموع زوايا المثلث 180 " " من نقطة خارج مستقيم لا يمر إلا مواز واحد " و " من نقطتين لا يمر إلا مستقيم واحد " كما تعتبر التعريفات الرياضية من بين المفاهيم المطلقة و الدليل على مطلقيتها هو أنها لم تتغير منذ أن وضعها الرياضي اليوناني إقليدس و من بينها " المثلث هو شكل هندسي يتكون من ثلاث زوايا و ثلاث أضلاع " " النقطة هي حاصل إلتقاء مستقيمين " "المستقيم هو مجموعة من النقاط على إستقامة واحدة " يقول باسكال " الهندسة هي الوحيدة من العلوم التي تنتج براهين معصومة من الخطأ