‎بالقدر خيره وشره» . كقوله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بما أنزل إليه من رَبِّه والمُؤْمِنُونَ كُلُّ آمَن بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُله ﴾ [البقرة : ٢٨٥]. ‎والإيمان بالرُّسُلِ يلزم منه الإيمان بجميع ما أخبروا به من الملائكة وزعم أَنَّ الأمر أنفُ : يعني أنه مستأنف لم يسبق به سابق قدرٍ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ، والإيمان بالقدر على درجتين : إحداهما : الإيمان بأن الله تعالى سبق في علمه ما يَعْمَلُهُ العباد من خَيرٍ، وأعد لهم الثواب والعقاب جزاءً لأعمالهم قبل خلقهم وتكوينهم، والدرجة الثانية : أنَّ الله تعالى خلق أفعال عباده كلها مِنَ الكفر، فهذه الدرجة يُثبتها أهل السنة والجماعة، والدرجة الأولى أثبتها كثير من القدرية، الذي سُئِلَ ابنُ عمر عن مقالته، وكعمرو بن عُبيد وغيره . وقد قال كثير من أئمة السلف : ناظرُوا القدرية بالعلم ، يريدون أنَّ مَنْ أَنكَرَ العلم القديمَ السَّابِقَ بأفعال العباد، وأنَّ الله قسمهم قبل خلقهم إلى شقي وسعيد، وأرادها منهم إرادة كونية قدرية، لأنَّ ما أقروا به حُجَّةٌ عليهم فيما أنكروه . غيرهما من أئمة الإسلام . والمشهورُ عَنِ السَّلفِ وأهل الحديث أن الإيمان : قول وعمل ونيَّةٌ ، وحكى الشَّافعي على ذلك إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم . وأنكر السلف على مَنْ أخرج الأعمال عن الإيمان إنكاراً شديداً. وجعله قولاً مُحدثاً : سعيد بن جبير، وشرائع و حدوداً وسنناً ، وقد دلّ على دخول الأعمال في الإيمان قوله تعالى : ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ الله وجِلَتْ قُلُوبُهُم وَإِذَا تُلِيتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زادتهُم إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِم يَتوكَّلُونَ . أولئك هم المُؤْمِنُونَ حَقًّا [الأنفال : ٢-٤] . وفي «الصحيحين»(۱) عن ابن عباس أنَّ النبيَّ ﷺ قال لوفد عبد القيس : آمركم بأربع : الإيمان بالله ، 6 قال : وفي «الصحيحين» (۲) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياءُ شُعبة من الإيمان ولفظه لمسلم . قال : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» . لما انتفى اسم الإيمان عن مرتكب شيء منها ؛ لأن الاسم لا ينتفي إلا بانتفاء بعض أركان المسمى أو واجباته . وأما وجه الجمع بين هذه النصوص وبين حديث سؤال جبريل عليه السلام عن الإسلام والإيمان، يكون شاملا لمسميات متعددة عند إفراده وإطلاقه، وهذا كاسم الفقير والمسكين، دل أحد الاسمين على بعض أنواع ذوي الحاجات، قال أبو بكر الإسماعيلي (1) في رسالته إلى أهل الجبل : قال كثيرٌ مِنْ أهل السنة والجماعة : إنَّ الإيمان قول وعمل، والإسلام فعل ما فُرِضَ على الإنسان أن يفعله إذا ذكر كل اسم على حدته مضموماً إلى الآخر، وقد ذكر هذا المعنى أيضاً الخطابي في كتابه «معالم السنن»(۳)، جماعة من العلماء من بعده . ويدل على صحة ذلك أنَّ النبيَّ ﷺ فسر الإيمان عند ذكره مفرداً في حديث وفد عبد القيس بما فسر به الإسلام المقرون بالإيمان في حديث جبريل، وأن يسلم المسلمونَ مِنْ لِسانِكَ ويَدكَ»، قال : وما الإيمان؟ قال : «أن تُؤْمِن بالله وملائكته وكتبه ورسله، قال : فما الهجرة؟ قال: «أن تهجر السُّوءَ»، وبهذا التفصيل يظهر تحقيق القول في مسألة الإسلام والإيمان : هل هما محمد بن نصر المروزي ، من رواية أيوب بن سويد الرملي عنه، ومنهم من يحكي عن أهل السُّنَّةِ التفريق بينهما، اختلاف بينهم في صفة التفريق بينهما. «مسلم» ويهابان «مؤمن» . وبهذا التفصيل الذي ذكرناه يزول الاختلاف، وإِنَّما يفرق بينهما حيثُ قُرنَ أَحدُ الاسمين بالآخر. فيكون حينئذ المراد بالإيمان : جنس تصديق القلب، وفي مسند الإمام أحمد (۱) عَنْ أنس، وكانَ النَّبيُّ الله يقول في دعائه إذا صلى على الميت: «اللهم مَنْ أحييته منا ، ومن هنا قال المحققونَ مِنَ العُلماء : كلُّ مُؤْمِن مُسلم،