وكان غالب ما يلبس النبي الله وأصحابه ما نسج من القطن، وذكر الشيخ أبو إسحاق الأصبهاني بإسناد صحيح عن جابر بن أيوب، قال: «دخل الصلت بن راشد علی محمد بن سيرين وعليه جبة صوف وإزار صوف وعمامة صوف، وقال أظن أن أقواما يلبسون الصوف ويقولون : قد لبسه عيسى ابن مريم، وسنة نبينا أحق أن تتبع» (١). و مقصود ابن سيرين بهذا ؛ أن أقواما يرون أن لبس الصوف دائما أفضل من غيره فيتحرونه ويمنعون أنفسهم من غيره، ويتحرون رسوما وأوضاعا وهيئات يرون الخروج عنها منكرا، والصواب أن أفضل الطرق طريق رسول الله ﷺ التي سنها وأمر بها ورغب فيها وداوم عليها، وهي أن هديه في اللباس أن يلبس ما تيسر من اللباس من الصوف تارة والقطن تارة والكتان تارة. وكان يتلحى بالعمامة تحت الحنك. وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له» (٢). كما روى مسلم في صحيحه عن عائشة قالت: «خرج رسول الله ﷺ وعليه مرط مرحل من شعر أسود»(۳). والحبرة برد من برود اليمن. وربما لبسوا ما يجلب من الشام ومصر كالقباطي المنسوجة من الكتان التي كانت تنسجها القبط. فلما عرق فوجد ريح الصوف طرحها» (١) وكان يحب الريح الطيب. وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن عباس قال: «لقد رأيت على رسول الله ﷺ أحسن ما يكون من الحلل» (٢) . والبرد الأخضر : هو الذي فيه خطوط خضر وهو كالحلة الحمراء سواء، فلا يلبسون إلا أشرف الثياب، ولا يأكلون إلا ألين الطعام، فلا يرون لبس الخشن ولا أكله تكبرا وتجبرا، وكلا الطائفتين هديه مخالف لهدي النبي ؛ ولهذا قال بعض السلف: كانوا يكرهون الشهرتين من الثياب العالي والمنخفض. وفي السنن عن ابن عمر يرفعه إلى النبي ﷺ: من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة ثم تلهب فيه النار (٤) وهذا لأنه قصد به الاختيال والفخر، وفي الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» وفي "السنن" عنه أيضا ، وكذلك لبس الدنيء من الثياب يذم في موضع ويحمد في موضع فيذم إذا كان شهرة وخيلاء، ويمدح إذا كان تجملا وإظهارا لنعمة الله. عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة خردل من كبر،