هي المسيرة الفكرية والفلسفية لحقوق الإنسان لم تبدأ في غفلة من التاريخ فهناك أصول وأسس سابقة بنت عليها الحضارة الحديثة مفاهيمها عن حقوق الإنسان، كما لا يمكن القول بوجود لحظة محددة بدأت عندها الأصول الأولى لفكرة حقوق الإنسان، فمن الهند انطلق (جوتاما سد هارتا بوذا) (560-480 ق. م) الذي مثلت الفلسفة الدينية التي نبعت من تعاليمه تحليلا نسقيا لطبيعة المعاناة وأسبابها وتقدم العديد من الوسائل لقهر هذه المعاناة أو التغلب عليها، البوذية تمثل تعاليم بسيطة نسبيا ويسهل استيعابها تحتوي على الكثير من مبادئ المساواة والحرية ونشر العدالة، أما في الصين فقد شكلت التعاليم الكونفوشيوسية والتاوية البذور الدينية التي تسعى إلى نشر العدل والسلام بين الناس، إذ انشأ كونفوشيوس مذهبا أخلاقيا واجتماعيا قام تلاميذه بتدوينه في كتاب سمي (المختارات)، ويمكن تلخيص أفكار كونفوشيوس الأصلية على النحو التالي (على الإنسان أن يكون خيَرا إلى أقصى حد، أما حضارة وادي الرافدين فقد وثقت أقدم قانون مدون في تاريخ البشرية المتمثل بـ(شريعة حمورابي (أشهر ملوك بابل حوالي عام ألفين قبل الميلاد، وقد استهلت المدونة بكلام إله الشمس الذي أملى على حمورابي مدونته حيث يقول (أنا حمورابي ملك القانون، إن الإسلام هو أول من قرر المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان إذ سبق جميع المواثيق المعروفة في تأكيده لحقوق الإنسان في شمول وعمق منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، وهذه الحقوق تعد منحه إلهية وليست منحه من ملك أو حاكم أو قراراً من سلطة محلية أو منظمة دولية وإنما هي حقوق ملزمة بحكم مصدرها الإلهي لا تقبل الحذف ولا النسخ والتعطيل ولا يسمح بالاعتداء عليها ولا يجوز التنازل عنها، وهذا ناتج عن نظرة الإسلام للإنسان إذ تقوم على الاعتراف بالإنسان كما هو على حقيقته وهذا الحق هو اصل حقوقه كلها. وقد أسست الشريعة الإسلامية مرجعية قانونية وشرعية لحقوق الإنسان من خلال نصوص القرآن وسنة النبي محمد(ص). كما نجد إن لفكرة حقوق الإنسان أساسا متينا في جوهر الدين الإسلامي، إن أكرمكم عند الله اتقاكم، ولا لأعجمي على عربي، ولا لاحمر على أبيض ولا لأبيض على احمر فضل إلاَ بالتقوى، كما أكدت على فصل الدين عن الدولة (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله) وحررت الإنسان من عقيدة الحاكم وديانته فميزت بين الإنسان باعتباره مواطن يخضع للدولة وقوانينها وبين الإنسان باعتباره فرداً له إرادة مستقلة حرة. المادة المعروضة اعلاه هي مدخل الى المحاضرة المرفوعة بواسطة استاذ(ة) المادة . حيث حظيت باهتمام وطني وعالمي وإقليمي نتيجة لتضافر جهود الأنظمة السياسية،