إذ تحدث عن أصوله ومفهومه وحدوده، ثم انتقل للحديث عن تفاعل الشاعر مع شخصية القناع وتفاعله معها، وتحدث عن القناع وبعض الأدوات الفنية الأخرى التي ترتبط به، كالأسطورة والاستعارة التي ربط بها جابر عصفور القناع بالاستعارة، وتحدث الرواشدة عن ربط القناع بالرمز، وتحدث عن ربط القناع بالمرآة إلا أن إحسان عباس لا يجد بينهما أي رابط فالمرآة تعكس الماضي والحاضر، وقد خلص في المدخل إلى أن القناع يمثل أداة فنية يعمد فيها الشاعر إلى الحلول -التماهي- بشخصية أخرى، يخفي الشاعر صوته المباشر بها، على نحو تمتزج فيه التجربتان – التجربة المرتبطة بالشخصية المستدعاة، والتجربة الخاصة بالشاعر- ويسيطر على النص ضمير المتكلم العائد إلى الشخصية المستدعاة، على نحو تتوازن فيه فاعلية طرفي القناع، أو تتعدد الأصوات على نحوٍ لا يخل بالحدود الفنية بالحدود الفنية المعروفة للنص القناعي. الباب الأول: مواقف بارزة في النصوص القناعية أو قبول الهزيمة والتخلي عن المبدأ أو الأرض. وغيرها من الأقنعة، وغاليليو والبياتي. وتحدث عن أبرز الأقنعة التي وظفها الشعراء لتمرد على الظلم الاجتماعي والاقتصادي، أما الفصل الثاني فتحدث فيه عن أقنعة الإخفاق وخيبة الأمل، أو يدمر الأمل قبل أن ينتهي. وتحدث في الفصل الثالث عن أقنعة الاغتراب، وتعبر هذه الأقنعة عن صورتين اثنتين للاغتراب، وثانيهما: تعبير عن موقف قسري، يدفع الإنسان إلى التخلي عن موقعه أو وطنه على الرغم منه. ويرى الرواشدة أن خير ما يمثل النمط الأول عدم الانسجام مع المحيط أقنعة الصوفيين، خاصة قناع " مقاطع من عذابات فريد الدين العطار" للبياتي، إذ تحمل إحساسًا بعدم الانسجام مع معطيات الواقع المتحقق، وقناع جلال الدين الرومي للبياتي في قصيدة قراءة في ديوان شمس تبريز لجلال الدين الرومي. ومن الأقنعة التي عبرت عن إحساس قسري بالاغتراب، والأسر والمنفى، بتوظيف أسطورة تحكم فيها الآلهة على رجل بأن يعيش طائرًا، ولكنه لا يستطيع أن يهبط عليه إلا مرة واحدة كل سبع سنوات، وإلا عاد للطيران مرة أخرى. أما الفصل الرابع فتحدث عن أقنعة الإدانة، وانهزام روح التحدي والفعل فيها، ومن الأقنعة التي تمثل إدانة الذات، وقصيدة طرفة في مدار السرطان، لا يرتبط بعلي الجندي وحده، إذ أنه رأى فيهما جيلًا تامًا كان الجندي أحد عناصره. أما الأقنعة التي تعبر عن إدانة فئة أو جزء من الأمة فتبرز في توظيف عز الدين مناصرة لقناع امرئ القيس في نصين هما "أضاعوني" و "امرؤ القيس. متخذًا من خلالها موقفًا حادًا يتهم الأمة بأنها قد تخلت عن الفلسطيني وتركته يبحث عن ثأره وحده. والتسلط عليه، واستغلاله ويبدو هذا المنحى عند أمل دنقل أكثر من بقية الشعراء ومنها قناعه في قصيدة" البكاء بين يدي زرقاء اليمامة". أو لتخليه عن مبدئه، وقد تمثل ذلك في بعض النصوص منها قناع "يهوذا" عند بلند الحيدري، ويبدو أيوب قانطًا متبرمًا، ونحس الوجه التوراتي أقرب لأيوب القاسم من الوجه الإسلامي، فأيوب عند القاسم قناع للفلسطيني الذي يتحمل مرارة الظلم والقهر، فاضحًا أمام العالم سوء ما ارتكبته أيدي الناس، واستلابهم حقوق الآخرين. الباب الثاني: أساليب الشخصية القناعية فيستحضر الشعراء المعاصرون بعض الشخصيات التراثية، ويجعلون تلك الشخصيات ألسنة ناطقة تعبر عن مواقفهم الجديدة، وإذا ما أنعمنا النظر في المواقف التي عبرت عنها الأقنعة، تجدها أحيانًا موافقة في دلالتها وموقفها للشخصية المستدعاة في تجربتها المعروفة، وأحيانًا أخرى تنحرف عن دلالة لتعبر عن موقف يضاد تلك الدلالات، ومن النماذج التي حققت هذا المنحى قصيدة البياتي " روميات أبي فراس". وتحدث الفصل الثاني عن توجيه الحدث القناعي المستدعى من تجربة الشخصية، فيجعلونها جزءًا من تجربتهم المعاصرة، وتحتل هذه الأحداث جانبًا مهمًا من التجربة القناعية، يعين على تقديم الموقف الذي يعبر عنه القناع، وهذه الأحداث تتعرض لتصرف الشاعر وتوجيهه لدلالات الحدث كي ينسجم ودلالة النص كلّه. وإذا ما تجاوزوا تلك الحدود، وأضافوا إليها بعدًا جديدًا فإنه لا يتنافى مع دلالتها الأولى تمامًا، وطورًا ثانيًا ينحرفون بتلك الصور عن دلالة الصور عن دلالة الأولى فتكتسب وجهًا جديدًا أو مضادًا لما عرفت به. والفصل الثالث تحدث عن توجيه اللغة المستدعاة عن تجربة الشخصية القناعية، إذ يفيد الشعراء مما أثر عن الشخصية من أشعار وأقوال وحكم، فيوجهونها بما يخدم تجاربهم المعاصرة، ويحملونها معاني إضافية أو يتصرفون بها تصرفًا ينسجم ودلالة النص كله، فنراها أحيانًا تحتفظ بمعانيها ودلالاتها الأولى، وأحيانًا أخرى توظف بدلالات ضدية ومناقضة للصورة الأولى التي اتسمت بها في التجربة التراثية. وهي رموز ذات وظيفة سابقًا، وأدت دورًا فيها، وقد تفاوتت المواقف التي عبرت عنها، ومنها ما حمل دلالات جديدة أو مناقضة لما عرف عنه سابقًا، وطبيعة الإفادة ودور الرمز في النص. الباب الثالث: بنية النص القناعي تحدث الفصل الأول عن تعدد الأصوات في النص القناعي، تعددت الأصوات في القصيدة الحديثة، وهذا النمط غالب أكثر من غيره على القصائد القناعية، إذ تنفرد بشخصية واحدة، لا يشاركه صوت آخر في النص كله ويظل النص ينطق بضمير المتكلم في كل أجزائه دون أن يتوقف إيقاع النص بدخول مؤثر خارجي، النص المتعدد الأصوات، وهو نمط من النصوص تتداخل فيه الشخصيات، ولكي لا يلتبس الأمر فإن الأصوات المتشاركة تتناوب الأدوار فيستثنى من هذا الجانب الرموز التي يستعين فيها القناع داخل النص. منها ما يكون الصوت المشارك فيه عارضًا يبرز في جانب من النص ويختفي، الذي يؤدي دوره الشاعر نفسه، وقد يستقل عن الشاعر، ومنها ما يكون الصوت الثاني فيه جزءًا من القناع نفسه، كأن يلجأ إلى أسلوب المونولوج فتنقسم شخصية القناع شخصيتين. وقلّما تتجاوز الأصوات هذا العدد. فمن الشعراء من يستدعي أحداثًا منتقاة من معروف الشخصية المستدعاة، وهذا الشكل يتكرر بصورة واسعة في الشعر العربي الحديث، وإنما يدور حول مركز واحد، مثال عليها قصيدة "لا تصالح". أما النوع الثاني هو النص العامودي، ويختلف النمط الثاني من النصوص القناعية في معماره -بنائه- اختلافًا حادًا عن هذا النمط، فيقود خيط النور الممتد داخل العمل بناء التجربة إلى نهاية ما، ولكنه يعود إلى الموقف الذي بدأ منه، و"نوح الجديد" لأدونيس. ومن الملاحظات الختامية التي أوردها الرواشدة: هشاشة القشرة القناعية، فالغنائية وذاتية الشاعر لا تغيبان عن أنظارنا على الرغم من أن الصوت الظاهر هو صوت القناع وليس صوت الشاعر، إذ تواجهنا مباشرة معاناة الشاعر وهمه الفردي، ويتمثل هذا الأمر في عدد من الأقنعة منها اقنعة بلن الحيدري، وتحدث عن طغيان الهم المعاصر على التجربة، إذ تحتل شخصية القناع في بعض النصوص جزءًا محدودًا ومتواضعًا من تلك النصوص، إذ لا يفيد الشاعر من التجربة المعروفة للشخصية في ركن محدود، وفي مثل هذا النمط من التوظيف تنحسر شخصية القناع في ركن محدود، ولولا سيطرة ضمير المتكلم العائد على الشخصية المتقنع بها خلال النص كله، لعددنا القناع رمزًا محدود الأثر. وتحدث عن عجز الشخصية عن حمل الهم المعاصر " تضخيم التجربة المستدعاة"، حيث يتقنع بعض الشعراء بشخصيات تراثية ذات تجربة متواضعة ومحدودة الدلالة، فيوظفونها لحمل هم أكبر مما عبرت عنه في تجربتها الأولى، فمن تلك الشخصيات ما تكون التجربة مغرقة في فرديتها، قليلة التأثير، هامشية فيحملها الشاعر همومًا أساسية وذات خطر وأهمية، ومن الأمثلة على ذلك اتخاذ شخصيو "وضاح اليمن" قناعًا، وقد تحولت على أيدي الشعراء إلى قناعًا لقضايا كبيرة. وهو أن يجد الشاعر إهاب القناع أضيق مما أراد أن يعبر عنه، أو ربما يعجز الشاعر نفسه عن أن يبقى بعيدًا عن السطح الخارجي للنص، فيمزق صوته المباشر القناع. وتحدث عن الانحراف بالتجربة المعاصرة عن دلالاتها السابقة، حيث يوجه بعض الشعراء شخصيات أقنعتهم إلى مواقف ودلالات تغاير ما قد وقر في أذهان الناس عنها من قبل، بحيث يتجاوز دلالاتها إلى دلالات مقاربة، لكنه يحمل الشخصية مواقف ودلالات تضاد، وثم تحدث عن غموض دلالات النص القناعي، بحيث يغالي الشعراء في الميل إلى الغرابة والغموض، إلى حد لا نجد وجوهًا من التلاقي بين تجربة الشخصية المقنع بها والتجربة المعاصرة، وتصبح الرؤيا في النص سرابية. ثم ختم الكتاب بأهم النتائج لهذه الدراسة ومنها: أنه تعود هذه الظاهرة إلى جذور تراثية قديمة،